بث مسلحون الرعب، مساء أمس الاثنين، في العاصمة النمساوية، عندما أطلقوا النار من رشاشاتهم في 6 مواقع مختلفة بوسط فيينا، في «هجوم إرهابي» أسفر حتى الآن عن قتيلين ونحو 15 جريحاً، 7 منهم في حالة حرجة، كما قُتل خلاله أحد المهاجمين برصاص الشرطة.
وقالت الشرطة النمساوية في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إنه «وقع إطلاق نار في 6 مواقع» و«توفي شخص واحد وأصيب عديدون» آخرون بجروح، وذلك قبل أن تلفظ ضحية أخرى من الجرحى أنفاسها الأخيرة في المستشفى في وقت لاحق. وأشارت الشرطة إلى أن «عناصر الأمن أطلقوا النار على مشتبه به وأردوه قتيلاً».
وبحسب الشرطة، شارك في الهجوم «العديد من المشتبه بهم المسلّحين ببنادق»، قرب كنيس كبير في وسط العاصمة، لكنّ رئيس الجالية اليهودية في فيينا أوسكار دويتش كتب على تويتر: «حتى الآن، لا يمكن تحديد ما إذا تم استهداف الكنيس».
وما زالت الشرطة تطارد مهاجماً آخر واحداً على الأقلّ، شارك في العملية التي بدأت عند المعبد اليهودي الرئيسي.
وتعليقاً على شائعات مفادها أنّ المهاجم الذي أردته الشرطة قتيلاً كان يرتدي سترة ناسفة، قال رئيس البلدية مايكل لودفيغ إنّه «على ما يبدو فقد كانت سترة مزيّفة»، مشيراً إلى أنّ المحققين بصدد تحليل ما تحتويه هذه السترة. وأضاف أنّ المهاجم كان مزوّداً ببندقية وبسلاح ناري آخر وبساطور. وقال «لقد استعدّ جيّداً لهذا الهجوم».
وأوضح لودفيغ أنّ مدارس العاصمة ستفتح أبوابها اليوم الثلاثاء، لكن سيترك لذوي الطلاب أن يقرّروا ما إذا كانوا يفضّلون إبقاء أبنائهم في المنزل أم إرسالهم إلى المدرسة.
بدوره، قال شاهد عيان إنّه رأى «شخصاً يركض حاملاً سلاحاً رشاشاً وكان يطلق النار بوحشية»، ووصلت الشرطة عندها إلى المكان وردّت عليه بالرصاص. وأورد شاهد آخر أنّ «ما لا يقلّ عن 50 عياراً نارياً» تم إطلاقها.
ونشرت الشرطة تعزيزات كبيرة في موقع الهجوم الذي لا يبعد كثيراً عن مبنى دار الأوبرا الشهير. وفي حين بدا وسط فيينا خالياً من المارّة تماماً بعد الهجوم، ناشد وزير الداخلية سكّان العاصمة توخّي الحذر وملازمة منازلهم.
وأدان المستشار النمساوي سيباستيان كورتز «الهجوم الإرهابي المثير للاشمئزاز». وقال في تغريدة: «نحن نجتاز ساعات عصيبة في جمهوريتنا». ولم تعط السلطات حتى الآن أي إشارة إلى هوية المهاجمين أو سبب الهجوم. وقال كورتز: «حقاً لا يمكن أن نقول أي شيء عن الخلفية حتى الآن.. بالطبع لا يمكن استبعاد أنها خلفية مناهضة للسامية». كما أشار إلى أنهم «محترفون للغاية» في طريقة تنفيذهم للهجوم وكانوا مسلحين جيداً.
وحث وزير الداخلية كارل نيهامر الناس على تجنب منطقة وسط المدينة وأضاف أنه تم تعزيز عمليات التفتيش على الحدود، وأشار إلى أنه بوسع التلاميذ عدم الذهاب إلى المدارس اليوم الثلاثاء.
وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر تويتر: «نحن الفرنسيين نشاطر الشعب النمساوي مشاعر الصدمة والألم.. بعد فرنسا، ها هو بلد صديق يتعرّض للهجوم. إنّها أوروبا خاصّتنا. على أعدائنا أن يدركوا مع من يتعاملون. لن نتنازل عن شيء».
بدوره، أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن الاتحاد الأوروبي «يدين بشدة الهجوم المروّع» في فيينا، واصفاً إياه بـ«العمل الجبان». وقال في تغريدة إنّ «أوروبا تدين بشدة هذا العمل الجبان الذي ينتهك الحياة وقيمنا الإنسانية. أتعاطف مع الضحايا ومع سكّان فيينا بعد الهجوم المروّع هذا المساء. نحن نقف إلى جانب فيينا».
وقال ممثل الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على «تويتر» إن الهجوم كان «عملاً جباناً من أعمال العنف والكراهية».
ووعدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالتضامن الأوروبي مع النمسا وكتبت في تغريدة: «نحن أقوى من الكراهية والإرهاب».
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجوم وقدم تعازيه لأسرة الضحية. وجاء في بيان صادر عن مكتبه: «الأمين العام يدين بشدة هذه الهجمات ويؤكد تضامن الأمم المتحدة مع النمسا حكومة وشعباً».
هذا الهجوم الجديد، الذي وقع هذه المرّة في عاصمة أوروبية تشتهر بمستوى الجريمة المنخفض فيها، يأتي في مناخ متوتّر للغاية تشهده أوروبا منذ أسبوعين. ففي 16 أكتوبر، أقدم إرهابي شيشاني على قطع رأس مدرّس فرنسي بعدما عرض على تلامذته رسوماً كاريكاتورية تُمثّل النبي محمد أثناء درس عن حرية التعبير.
وما هي إلا أيام حتى شهدت مدينة نيس في جنوب شرقي فرنسا هجوماً بسلاح أبيض في كنيسة نوتردام، أسفر عن 3 قتلى نفّذه شاب تونسي يبلغ من العمر 21 عاماً.