الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الإخوان ورئاسة بايدن.. لا طوق نجاة للإرهابيين

مع تطورات الساعات الأخيرة، والإعلان شبه الرسمي عن فوز المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن بالفوز بالرئاسة الأمريكية، ورغم أن الطريق إلى إعلان النتيجة بشكل رسمي لا تزال أمامه عقبات عديدة، لا سيما في ظل إصرار الرئيس ترامب على اللجوء إلى المحكمة العليا لتبيان العوار والتزوير اللذين شابا العملية الانتخابية، من وجهة نظره، إلا أن ذلك كله لم يمنع البعض من التساؤل «هل يكون بايدن طوق النجاة مرة جديدة للإسلامويين في العالم؟».

التساؤل يمكن أن يتفهمه المرء في ضوء المكانة السابقة التي كان يشغلها بايدن كنائب للرئيس الذي دعم زمن الربيع العربي المغشوش، باراك أوباما، رغم أن بايدن في حد ذاته كان غير راضٍ عن عملية إزاحة بعض القادة الشرق أوسطيين، لا سيما الرئيس المصري حسني مبارك، غير أن بعض مستشاري أوباما قليلي الخبرة هم من دفعوه في هذا الطريق.



سريعاً جداً بادر التنظيم الدولي للإخوان بإصدار بيان يرحب فيه بفوز بايدن، وتحاول كلمات وسطور البيان أن تربط بين هذا الفوز، وبين ما أسمته مساندة أمريكا القادمة للحقوق ووقوفها ضد الطغيان والديكتاتوريات، ولم يتبق في البيان سوى المطالبة بأن تحرك واشنطن أساطيلها الحربية البحرية، جهة شواطئ الدول التي شهدت انكسارات غير مسبوقة في العقود الثمانية الماضية لهذه الجماعات الشريرة شكلاً وموضوعاً.



الذين لهم دالة على الفلسفة الكونفوشيوسية، يدركون عمق المعنى والمبنى وراء القول إنك لا يمكن أن تنزل النهر ذاته مرتين في الثانية الواحدة، وذلك بسبب تغير المياه، وهكذا ديالكتيك الحياة، والكل يتذكر كارل ماركس وقولته الشهيرة التاريخ لا يعيد نفسه مرتين، ذلك أنه لو فعلها لأضحى في المرة الأولى مأساة، وفي الثانية ملهاة.



بايدن ليس أوباما


اليوم لا يمكن لواشنطن أن تكون هي ذاتها قبل عقد أو عقد ونصف من الزمان، وبايدن في كل الأحوال ليس أوباما، كما أن أحوال أمريكا الداخلية، لا توفر رفاهية تصدير المشاكل إلى العالم الخارجي، ذلك أن واشنطن لديها عقبات ثلاث سوف تستنفد طاقاتها حكماً الأيام القليلة القادمة.

أولاً: جائحة كورونا، تلك التي تتفشى بشكل غير طبيعي، وتهدد بإبادة شديدة الوعورة والخطورة، ومن ترياق شافٍ وافٍ لهذا الفيروس الشائه حتى الساعة، وهو ما تبدى في حديث بايدن الأخير الذي أعلن فيه انتصاره.

ثانياً: الذين تابعوا تصريحات رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي، قبل بضعة أيام يدركون أن الاقتصاد الأمريكي لا يسمح بمغامرات طائشة هنا أو هناك لا سيما التحركات العسكرية.

ثالثاً: الوضع الاجتماعي الداخلي الأمريكي، فبايدن يدرك تماماً أن الأمريكيين منقسمون على أنفسهم أشد انقسام، ولهذا فإن ضمن أهم أولوياته إعادة رأب الصدع بين الأمريكيين وبعضهم البعض.

أضغاث أحلام

ولعل الدرس الذي تعلمته الدبلوماسية الأمريكية، رغم وجود جيوب لجماعات الإسلام السياسي في واشنطن، وتحديداً في وزارة الخارجية الأمريكية، هو أن تلك الجماعات لا كلمة لها ولا التزام عندها، وقد كان انقلاب محمد مرسي في مصر على مسارات الديمقراطية، وذلك حين أعلن تحصين قراراته دستورياً، لطمة كبرى لكل من قالوا بأن الإخوان المسلمين يمكن أن يكونوا جماعة ديمقراطية يوماً ما.

أما عن مشاهد العنف والدماء التي سالت، فهي أمر لا ينكره الداني أو القاصي، وحتى اصطفاف بايدن إلى جانب دعاة حقوق الإنسان، لن يلقي بطوق النجاة لجماعة إرهابية، وما تشهده أوربا مؤخراً يؤكد على أن أي دعم قادم من بايدن للإسلامويين هو أضغاث أحلام.

ولعل الأهم في تفنيد أسطورة وخزعبلات الدعم البايدني إن جاز التعبير للإسلامويين، موصول برؤية شعوب المنطقة لهذه الجماعة الأبوكريفية المنحولة، فقد شاهدهم العالم في مراكز الحكم، وعرف زيف شعاراتهم.

أما الجزئية التي لا يمكن إنكارها أمريكياً فمتعلقة بمراحل الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي حققتها دول المنطقة، والتي تبغي استقراراً ونمواً، وتعاوناً مع أمريكا – بايدن، كما تبدى ذلك في تهاني الرؤساء والزعماء والملوك العرب للرئيس المنتخب بايدن.



تعلم بايدن والديمقراطيون، أو هكذا يتوقع المرء أن يكون الحال، أكلاف المغامرات الأوبامية، تلك التي أفقدت واشنطن الكثير جداً من مربعات النفوذ في الشرق الأوسط لصالح الروس والصينيين الذين ملؤوها بأسلحتهم وأموالهم، وليس سراً أن الكثير من دول المنطقة أعادت ضبط توجهاتها الدبلوماسية حول العالم، وحتى لا تضحى عواصمها وعوالمها مرتهنة لتغيرات مزاج العم سام في الحال أو الاستقبال.

واشنطن اليوم مدعوة لشراكات سياسية واقتصادية عميقة مع دول الشرق الأوسط، أولاً: لمواجهة التهديدات الإيرانية، وهذه قصة أخرى سنتوقف معها تالياً، وثانياً: للاستفادة من اكتشافات الغاز في حوض المتوسط، ما يعود بالفائدة على الشعب الأمريكي اقتصادياً.

من يخبر الإخوان والأصوليين أن الماضي لا يعود، وأن خيانة الأوطان لا يمكن إنقاذها من خلال أطواق نجاة خارجية؟

الرهان يجب أن يكون على الحصان الوطني، والمبادرة إلى رسم صورة عربية – عربية في الداخل الأمريكي، واستباق الأصوليين بخطوات وليس خطوة واحدة وهذه قصة أخرى ولنا معها عودة بأمر الله.