الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

بايدن إلى البيت الأبيض.. محكمة عليا وطريق طويل

هل أضحى المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن رئيساً فعلياً للولايات المتحدة الأمريكية؟

علامة الاستفهام الإجرائية المتقدمة مثيرة للانتباه لا سيما أن العالم برمته قد اعتبر بايدن رئيساً بالفعل، وفيما الرجل يتلقى التهاني من الرؤساء والزعماء، تتبقى هناك إجراءات رسمية دستورية لا بد له من المرور بها، حتى يوم تنصيبه رئيساً للبلاد.

على أنه قبل الخوض في مسار تلك الإجراءات، يتقاطع مع الأفكار سؤال جوهري: «هل يمكن لنتيجة الانتخابات هذه أن تتعدل أو تتبدل الأيام القادمة؟».

من الواضح أن خلف علامة الاستفهام المتقدمة علاقة خاصة مع رفض الرئيس ترامب الإقرار بالهزيمة حتى الساعة، عطفاً على ما يروج في العاصمة واشنطن من تحركات يقودها فريق ترامب الانتخابي، ويتألف من 1000 محامٍ ومستشار قانوني، يهدفون جميعاً إلى تغيير الأوضاع وتبديل الطباع، وربما تتحقق المعجزة وتفتح المحكمة الدستورية العليا طاقة أمل لترامب بالحكم بإعادة الانتخابات في بعض الولايات، وذلك إن قدمت حملة الرئيس الحالي أدلة موثقة على وجود تزوير مقصود، لا سيما أن هناك من يدفع ترامب دفعاً في هذا الاتجاه، بل إن الأمر وصل حد قول السيناتور الجمهوري النافذ ليندساي غراهام، لترامب «سيدي إن لم تقاضِهم فإن أي مرشح جمهوري لن يفوز في أي انتخابات رئاسية قادمة».

فوز مجروح

وحتى إذا اكتفت المحكمة بالتعليق السلبي، أي أنها تستشعر وجود أخطاء جوهرية في المشهد الانتخابي، وأنها مع ذلك لا تمتلك الأدلة الكافية لاتخاذ قرار بإعادة فرز الأصوات، فإن فوز بايدن يبقى مجروحاً، وإدارته تظل مطاردة بشبهات الفساد، ويمكن عند لحظة بعينها في أي من السنوات الأربع المقبلة، أن تطاردها، وهو أمر لن يوفره الجمهوريون حكماً، بالضبط كما فعل الديمقراطيون طوال 4 سنوات ترامب، وبلغ الأمر حد السعي إلى عزله مرة وإلى الأبد.

والشاهد أنه حتى تنتهي هذه المسيرة على أي وجه من الوجوه، فإن الترتيبات المحددة دستورياً تبقى سارية، حتى 8 ديسمبر المقبل، هذا الموعد الذي يمثل التاريخ النهائي لحل كافة الخلافات الانتخابية العالقة على مستوى الولايات، ما يعني أنه بحلول هذا الموعد تكون كافة الإشكاليات الخاصة بالأصوات الانتخابية وعمليات إعادة الفرز وقبول الطعون قد انتهت، وعليه إذا ثبت أنه ما من شائبة تشوب العملية الانتخابية وآلية الاقتراع، تمضي الإجراءات إلى المرحلة التالية.

الناخب غير الأمين

في 14 ديسمبر يصوت أعضاء المجمع الانتخابي، عن طريق الاقتراع الورقي في عواصم ولاياتهم، وهنا يطفو على السطح تساؤل مثير وربما خطير أيضاً لا سيما في هذه الانتخابات «هل يمكن أن يغير أحد الناخبين في هذا المجمع توجهاته الحزبية، بمعنى أن يعطي صوته لمرشح مخالف للتصويت الشعبي في الولاية، بمعنى وعلى سبيل المثال، إذا كانت ولاية كاليفورنيا قد فاز بها بايدن، وهذا صحيح، فهل يمكن لبعض أعضاء مجمع كاليفورنيا أن يغيروا ولاءهم السياسي ويصوتوا لترامب؟

في واقع الأمر، قليلاً جداً ما يحدث ذلك، لكنه يحدث أحياناً، وهنا يعرف هذا الناخب والذي لا يعطي صوته لمن فاز في التصويت الشعبي بـ«الناخب غير الأمين».

تالياً ترسل نتائج التصويت من 6 شهادات بجانب الأوراق الرسمية الأخرى بالبريد المسجل إلى مختلف المسؤولين في الإدارة الأمريكية الحالية، بمن في ذلك رئيس مجلس الشيوخ، على أن تكون كل الأوراق قد وصلت بحلول 23 ديسمبر، أي قبل عطلة الكريسماس والتي تنتهي في الأسبوع الأول من شهر يناير من كل عام.

مع حلول 6 يناير، يجتمع الكونغرس بمجلسيه، الغرفة الأعلى مجلس الشيوخ، والأدنى مجلس النواب، ويتم فرز أصوات المجمع الانتخابي التي تم تحصيلها من كافة الولايات، فإذا حصل أحدهما على 270 صوتاً انتخابياً، يتم إعلانه من قبل رئيس مجلس الشيوخ، نائب الرئيس الحالي مايك بنس، بوصفه الرئيس القادم.

حسابات المفاجآت

السؤال الجوهري الآخر في هذه الانتخابات المتقلبة والمزعجة لوحدة الصف الأمريكي والمهددة للنسيج المجتمعي: «ماذا لو حدثت مفاجآت غير متوقعة، وإن كانت بعيدة في واقع الأمر، وفشل المرشحان في الحصول على الحد الأدنى من الأصوات المؤهلة لمنصب الرئاسة؟

هنا وبناء على التعديل الـ12 من الدستور الأمريكي، يحق لمجلس النواب التصويت لانتخاب رئيس بالأغلبية، فيما مجلس الشيوخ يختار نائب الرئيس.

غير أن الدستور الأمريكي الذي وضعه الآباء المؤسسون لم يترك شاردة أو واردة إلا واهتم بها، ومن بينها سيناريو الشقاق وعدم الوفاق الذي يمكن أن يصيب كذلك الكونغرس وفي هذا الحال يعجز الجميع عن الوصول إلى رئيس.

في هذه الساعة يكون رئيس مجلس النواب الأمريكي هو الرئيس المنتخب للبلاد مرة واحدة وينتهي الأمر عند هذا الحد.

ولأن هذا السيناريو أقرب ما يكون إلى التخيلي، فإنه عادة يتم إقرار التصويت الخاص بالرئيس الحائز أكبر عدد من الأصوات، وينتظر الجميع الساعة الـ11 و59 دقيقة من نهار 20 يناير، ليخرج الرئيس المنتهية ولايته من البيت الأبيض، ويتم تنصيب الرئيس الجديد في حفل يحضره الرؤساء السابقون الأحياء، ويقسم الرئيس المنتخب يمين المنصب، ويرأس الاحتفال وأداء القسم رئيس المحكمة العليا، وهو هذه المرة جون روبرتس.

ضمن الأسئلة التي تقع في إطار الغموض والضبابية، هل سنرى الرئيس ترامب في احتفال تسليم السلطة، أم أن الرجل ولاعتقاده أنها انتخابات مزورة سيضرب عن المشاركة؟

في كل الأحوال تبقى السيناريوهات من الآن وحتى يناير القادم مفتوحة على كلام كثير.