الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

يمنيات يروين آلام المأساة.. سوء التغذية يهدد حياة الأطفال في تعز

يمنيات يروين آلام المأساة.. سوء التغذية يهدد حياة الأطفال في تعز

حذرت الأمم المتحدة من "خطر فقدان جيل من أطفال اليمن الصغار". (الرؤية)

يهدد سوء التغذية حياة آلاف الأطفال اليمنيين، حيث تتزايد حالات الإنهاك والمرض بينهم خصوصاً في المناطق الريفية التي تشهد، بسبب الحرب، وضعاً معيشياً غاية في الصعوبة، انعكست تداعياته على الصغار الذين بات الكثير منهم لا يحصل على ما يكفي من الغذاء لسد الرمق.

وروى مواطنون يمنيون من «تعز» جنوب غربي اليمن، لـ«الرؤية» كيف خارت قوى أبنائهم أمام أعينهم بسبب نقص الغذاء ومشقة التنقل إلى المستشفيات وضعف الرعاية الصحية المقدمة.



وبعد رحلة شاقة قطعتها وداد الخبتي، من مديرية حيس بمحافظة الحديدة غربي اليمن، إلى المستشفى السويدي للأمومة والطفولة وسط تعز، برفقة ابنها سهيل، ذي الثانية من العمر، عادت وداد أدراجها بصحبة دموعها، لدفن الطفل في مسقط رأسه، حيث لفظ طفلها أنفاسه الأخيرة قبل أن تدخل الأم إلى المستشفى.

مأساة الخبتي روتها لـ«الرؤية» قائلة «وأنا أغادر تعز بعت كل ما لدي، حلياً ذهبياَ وقطعتي أرض وبعض المقتنيات المنزلية.. بعت كل شيء حتى صحون الطعام لعلاج ابني الوحيد»، غير أن كل محاولاتها لم تجدِ نفعاً وضاعت أمام تردي الحالة الصحية لطفلها، الذي لم يستطع الصمود أكثر من 23 يوماً أمام مرضه، حتى أسلم الروح قبل محاولتها الأخيرة لإنقاذه.





مستشفى المظفر


ويستقبل مستشفى المظفر في تعز، هو الآخر، حالات الإصابة بسوء التغذية، في قسم خاص تدعمه منظمة الصحة العالمية، وهناك استفادت «هنا محمود» من خدمات التغذية العلاجية المقدمة للأطفال، والتي ساعدتها في إنقاذ طفلها محمد (11 شهراً) بعد إصابته بسوء التغذية، في منطقة جبل صبر، جنوب تعز.

وخلال 3 أشهر تجاوز محمد المرحلة الصحية الحرجة، وعادت الحياة تدب في أوصاله مرة أخرى، وبات الآن في وضع أفضل، لكنه يعاني أحياناً من حمّى وضيق في التنفس، كما تقول والدته لـ«الرؤية»، وهذه الأعراض «طبيعية وستزول بشكل تدريجي» كما تؤكد الطبيبة نوال العمدي، المسؤولة في قسم التغذية العلاجية بمستشفى المظفر.

وقالت العمدي لـ«الرؤية» إن قسم التغذية في المظفر يستقبل في الغالب حالات سوء التغذية الحاد، بمعدل ما بين 25 و30 حالة شهرياً، وأغلب هذه الحالات تتوافد من «المسراخ، جبل حبشي، جبل صبر» وهي مناطق ريفية يعيش سكانها وضعاً معيشياً صعباً بسبب الحرب، يلقي ذلك بتبعاته على الأطفال الذين لا يحصلون على الرضاعة والتغذية الكافية.





افتكار العامري، هي الأخرى ترافق طفلتها ريم البالغة من العمر عاماً واحداً في المستشفى ذاته، وتحدثت عن وضع معيشي صعب تعيشه هي وأسرتها، حتى إنها اضطرت لبيع أسطوانة الغاز المنزلية لتدبير إيجار المركبة التي أقلتها من مديرية جبل حبشي، إلى مدينة تعز لعلاج طفلتها التي ترقد في المستشفى منذ أسبوع.

وتضيف العامري لـ «الرؤية» قائلة: «حالة ابنتي كانت سيئة للغاية، والآن بدأت تتحسن ونحصل على علاج ورعاية مجانية».

في المستشفى السويدي للأمومة والطفولة الذي لا يبعد أكثر من 5 كم عن مستشفى المظفر، والذي يعد المنشأة الطبية الوحيدة في تعز المخصصة لعلاج الأطفال، تتواجد حالات إصابة بسوء التغذية، يبدو وضعها أكثر سوءاً، حيث إن بعضها يخضع لعناية مركزة، ويضطر الأطباء إلى إخضاعها للتنفس الصناعي على مدار 24 ساعة حتى يحدث تحسن في حالتها.





الكثافة السكانية وحصار الحوثيين


وذكر مسؤول صحي في مكتب وزارة الصحة بمحافظة تعز، أن المحافظة تمثل واحدة من أكثر المحافظات التي يعاني أطفالها من سوء التغذية، مُرجعاً ذلك إلى كثافتها السكانية، حيث تعد الأكبر في اليمن، إضافة إلى الحصار الذي يفرضه الحوثيون على المدينة منذ 6 أعوام، مبيناً أن حالات كثيرة مصابة بسوء التغذية في القرى، لا تصل إلى المستشفيات بسبب الحالة المادية المتردية للأسر، وفي الغالب تموت دون عناية.

وأكد أحمد راجح، رئيس قسم سوء التغذية في مستشفى الأمومة والطفولة، أن أغلب الحالات المصابة في تعز تصل إلى هذا المستشفى، موضحاً لـ«الرؤية» أن عدد الحالات المصابة بسوء التغذية الوخيم، والتي خضعت للعلاج في المستشفى منذ بداية العام الجاري تتعدى 350 حالة، ولا يزال العدد في تزايد، مشيراً إلى أنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ازداد عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية، وأغلبهم دون الخامسة من العمر.

وكان تقرير للأمم المتحدة قد حذر أواخر أكتوبر الماضي، من أزمة طاحنة في الأمن الغذائي باليمن، تنذر بـ«وضع لا يمكن إصلاحه، وخطر فقدان جيل من أطفال اليمن الصغار»، بحسب منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي.

وذكرت غاندي أن حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال ارتفعت بنسبة 15.5%، مضيفة أن نحو ربع مليون امرأة حامل أو مرضع تحتاج إلى العلاج من سوء التغذية.