الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

بعد «النوم القهري».. لماذا قد يحجم السويديون عن الإقبال على لقاح «كورونا»؟

بعد «النوم القهري».. لماذا قد يحجم السويديون عن الإقبال على لقاح «كورونا»؟

(رويترز)

لا تعتزم السويدية ميسا شيبي تلقيح نفسها ضد فيروس كورونا المستجد، إذ تتخوف، كالمئات من مواطنيها الشباب، من تأثيرات سلبية للأدوية التي تم التوصل إليها على عجل، بعدما قوضت حملة واسعة لاحتواء فيروس «إتش 1 إن 1» قبل 11 عاماً ثقة السويديين باللقاحات.

تقول الشابة التي أصيبت بحالة مرضية من النوم المفرط إثر لقاح ضدّ إنفلونزا الخنازير «لا أوصي بتاتاً» بالخضوع للقاح طوّر على عجل، «إلّا إذا توجّب عليكم ذلك حتماً وكنتم تواجهون خطر الموت».

وتردف الطالبة البالغة 21 عاماً التي تعيش في وسط السويد: «سأنتظر 5 سنوات (للتلقيح) عندما تصبح المخاطر معروفة».

في عام 2009، حضّت السلطات الصحية المحلية السويديين على الخضوع على أساس طوعي للقاح ضد إنفلونزا الخنازير هو «باندمريكس» من إنتاج المختبر البريطاني «غلاكسو سميث كلاين».

ولبّى النداء أكثر من 60% من السكّان، أي نحو 6 ملايين شخص، وهي نسبة قياسية لبلد ليس التلقيح إلزامياً فيه.

لكن، كما ميسا، أصيب مئات الأشخاص، وأغلبهم من الأطفال والبالغين الشباب، بالتغفيق (ناركولبسي) المعروف أيضاً بمرض النوم القهري نتيجة الآثار الجانبية للقاح. ومردّ ذلك مادة أضيفت لزيادة المفعول على الجهاز المناعي.

وتكشف ميسا التي كانت في الـ11 من العمر وقتذاك: «قضى ذلك على حياتي». وتستطرد قائلة «أنام على الدوام، أيّا كان الظرف والوقت، حول الطاولة وخلال مقابلات التوظيف والخطابات والمؤتمرات وفي الجامعة. وقد استولى عليّ النعاس في العمل والحافلة وأماكن أخرى...».

تلقّى نحو 440 صاحب شكوى من أصل 702 تعويضات من صندوق التأمين الصيدلاني الذي دفع ما مجموعه 100 مليون كرونة (قرابة 12 مليون دولار).

وكان أنديرش تيغنيل، كبير علماء الأوبئة في السويد ومهندس الإستراتيجية الوطنية ضدّ كوفيد-19 المثيرة للجدل، ضمن فريق الخبراء في المجلس الصحي الذي دعا إلى حملة تلقيح واسعة النطاق في 2009-2010.

ويقول الطبيب في تصريحات لوكالة «فرانس برس»: «بالطبع، كان القرار ليكون مختلفاً بالكامل لو علمنا بالآثار الجانبية. لكنها لم تكن معروفة بتاتاً وشكّلت صدمة للجميع».

ويضيف «يسود إجماع دولي منذ سنوات على أن التلقيح هو أفضل ما يمكن فعله خلال جائحة ما وهو الحلّ الوحيد على المدى الطويل».

وتعكس الحالة السويدية إلى أيّ مدى من الصعب على الحكومات إجراء حملات تلقيح وسط تشكيك كبير وارتياب في دول كثيرة، لكن أيضاً في ظلّ ضرورة احتواء وباء يشلّ العالم بأسره.

وحسمت بابيس ستيفانيدس البالغة 36 عاماً والتي تعيش في ستوكهولم أمرها. وقررت ألّا تخضع للتلقيح ضدّ كوفيد-19، «إذ لا تزال التساؤلات كثيرة في هذا الشأن».

وقد أظهر استطلاع حديث لمعهد «نوفوس» أن أكثر من ربع السويديين (26%) يشاركونها الرأي، في حين لم يحسم 28% من السكّان أمرهم بعد.

وينوي أقلّ من نصف السويديين (46%) الخضوع لأحد اللقاحات المضادة لكوفيد-19 والمرتقب تسويقها في مطلع 2021.

وبالنسبة إلى يوهان كارلسون، مدير الهيئة الصحية السويدية، لا يمكن دحر الوباء إلا بعد تلقيح 60 إلى 70% من السكّان.

وقال في تقرير تلفزيوني، الأحد الماضي: «ينبغي على الكلّ أن يفكر ملياً ويتّخذ قراره. غالبية الناس يخضعون عادة للتلقيح في السويد».

ويسجّل البلد في الواقع أحد أعلى مستويات التلقيح الطوعي للأطفال بما يتخطّى 90 %، علماً أن ما من لقاح إلزامي في هذا البلد.

هانا لاين، مرشدة اجتماعية (37 عاماً) تنوي الخضوع للتلقيح مع زوجها وأولادهما الثلاثة. وتقول: «علينا تحمّل مسؤولياتنا الأخلاقية تجاه الأشخاص الكبار في السنّ والمرضى. سنأخذ اللقاح وقد لا يكون ذلك في صالحنا لكنه يصبّ في مصلحة المجتمع».

ولا توافقها إليزابيث ويديل، رئيسة الجمعية السويدية لـ«ناركولبسي» الرأي. فترى أن السلطات لم تخطئ في الدعوة إلى تطعيم واسع النطاق في 2009، لكنها بالغت في التشديد على الحسّ التضامني للسويديين الذين يحرصون في أغلب الأحيان على الامتثال للتوصيات الرسمية.

وتقول «ينبغي عدم انتقاد الناس الذين يقرّرون عدم الخضوع للتلقيح أو إذلالهم. فالأمر ليس إجبارياً وهم أحرار في خيارهم».