الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ترامب وتطهير البنتاغون (1-2): الاختراق الإخواني لوزارة الدفاع.. سنوات من العمل على نار هادئة

أحد أهم الأسئلة المطروحة في الداخل الأمريكي هذه الأيام: هل قام الرئيس ترامب بتطهير وزارة الدفاع الأمريكية من الخلايا المرتبطة بجماعة الإخوان؟

يبدو السؤال مثيراً جداً، إذ كيف لأعضاء هذا التنظيم السري الولوج إلى داخل أكبر مؤسسة عسكرية حول العالم، وإلى درجة التمكين الذي جعل كبار قادة الوزارة يدافعون عن الإخوان، ويرفضون وصفهم بأنهم جماعة إرهابية؟!

تحتاج القصة إلى أحاديث مطولة، غير أننا وفي اختصار غير مخل، نشير إلى أن إقالة ترامب لكل من وزير الدفاع مارك إسبر، ورئيس مكتبه جين ستيوارت، بالإضافة إلى مدير سياسة الدفاع جيمس أندرسون، ووكيل وزارة الدفاع المسؤول عن المخابرات والأمن جوزيف كرناتا، عطفاً على مايكل رايان ضابط الارتباط مع حلف الناتو، أمر مرتبط بتطهير الوزارة من خفايا وخبايا علاقات مسؤولين كبار في البنتاغون بعائلات بيل كلينتون وباراك أوباما، بجماعات الإسلام السياسي، والإخوان في المقدمة منهم، هؤلاء المسؤولون الذين تآمروا منذ اليوم الأول لرئاسة ترامب بهدف الإطاحة به.

مشكلة قديمة

والشاهد أن خطوة ترامب الأخيرة تجاه وزارة الدفاع لم تأتِ من فراغ، ذلك أنه وطوال فترة رئاسته كان من الواضح، لمن لديهم علم من كتاب الخطط الأمريكية الداخلية، أن هناك في البنتاغون من يريد الخلاص من الرئيس ترامب، ولم يكن الأمر ليغيب عن أعين ترامب، غير أنه لم يكن ليتطلع إلى مواجهة ساخنة معهم، رغم أن الكونغرس وافق في عام 2017، على تغيير هيكلة البنتاغون بشكل جذري، ومع ذلك لم يقدم ترامب على الأمر لإدراكه أن هناك مترصدين به ومتربصين به بدءاً من غيمس ماتيس، ووصولاً إلى مارك إسبر.

كان لافتاً للنظر أنه في مايو عام 2019، وبحسب ما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز»، عارض البنتاغون توجهات الرئيس ترامب الخاصة بإدراج جماعة الإخوان على قوائم المنظمات الإرهابية حول العالم.

وقتها نقلت الصحيفة الأمريكية الأشهر على لسان مصادرها، أن وزارة الدفاع، وكبار الموظفين بالأمن القومي، ومحامي الحكومة والمسؤولين الدبلوماسيين أبدوا تحفظات قانونية على هذه الخطوة، واعتبروا أنها تتعارض مع السياسات الأمريكية.

هل باتت جماعة الإخوان رديفاً للبنتاغون؟

صاحب هذا التساؤل الكاتب الفرنسي «تيري ميسان»، وعنده أن هناك اختراقاً أصولياً إسلاموياً إخوانياً حدث للبنتاغون منذ وقت بعيد، وربما قبل أن يرى أوباما وكلينتون النور، فمع تفاعل وتعامل الجد أيزنهاور مع صهر البنا، المدعو سعيد رمضان، والوزارة والاستخبارات على علاقة مباشرة مع جماعة الإخوان، والتي تم استخدامها ضمن الشبكات المعادية للسوفييت، والتي تشكلت من النازيين السابقين خلال الحرب الباردة.

أثبتت ملفات الاستخبارات الروسية التي قدر لها اختراق معسكر أسامة بن لادن في البوسنة، أيام الحرب هناك في تسعينيات القرن المنصرم، أن الفيلق العربي المحارب على أرض يوغسلافيا السابقة، كان تابعاً بالمطلق لواشنطن، لا سيما أن كافة المراسلات والأوراق التي تم الحصول عليها كانت مدونة باللغة الإنجليزية، وجميعها تشير إلى أوامر مباشرة من حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وعبر البنتاغون والاستخبارات الأمريكية المركزية.

ولعلّ ما يلفت النظر إلى العلاقة الخاصة بين البنتاغون والتيارات الإسلاموية الجهادية، أن هناك محكمة دولية خاصة تم إنشاؤها بعد انتهاء الحرب، لاحقت العديد من المقاتلين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لكنها لم تلاحق أياً من أفراد الفيلق العربي.

أثر أوباما

لم يكن الأمر يحتاج إلى جهد كبير لتبيان أثر باراك أوباما على البنتاغون والجيش الأمريكي في سنوات إدارته من 2009 إلى 2017، لا سيما أن القاصي والداني يدرك أن أخيه غير الشقيق المقيم في كينيا «أبونغو مالك»، هو أحد قيادات الإخوان في ذلك البلد الأفريقي، ناهيك عن أن هيلاري كلينتون بدورها كانت مخترقة من قبل جماعة الإخوان، من خلال «هوما عابدين»، الإخوانية حتى النخاع، وبلغ بها الأمر حد الصمت على اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي «كريستوفر ستيفنز»، عام 2012، الأمر الذي فضحته لاحقاً إيميلاتها المسربة تارة، والمفرج عنها تارة أخرى.

هل كانت سنوات إدارة باراك أوباما العصر الذهبي لأخونة البنتاغون والجيش الأمريكي على حد سواء؟

أغلب الظن أن ذلك كذلك، لا سيما أنه في عام 2014، سمحت إدارة أوباما للرابطة الإسلامية لأمريكا الشمالية «إسنا» باختيار الملتحقين بالجيش الأمريكي من المسلمين، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة في مجتمع الاستخبارات الأمريكي، خاصة في ظل الدعم الهائل الذي كان يتلقاه تنظيم الإخوان من إدارة أوباما.

لم تكن الرابطة الإسلامية لشمال أمريكا لتغيب عن أعين المتابعين لشأن الإسلام السياسي في أمريكا، فقد نشأت عام 1981 على يد الإخوان، كأحد أجنحة الإسلام الراديكالي، وخلال بضعة عقود، باتت تسيطر على أكثر من نصف مساجد أمريكا وكندا. وفي عام 1991 اتُهمت بالحض على الكراهية في أمريكا الشمالية، وفي 11 سبتمبر 2001 دافعت عن أسامة بن لادن، ما جعل البنتاغون يوصد أبوابه أمامها، قبل أن يفتح لهم أوباما الأبواب من جديد، وبشكل واسع وفسيح.