الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بعد رحيل ترامب.. عواقب وخيمة في انتظار أردوغان مع بدء محاكمة «بنك خلق»

بعد رحيل ترامب.. عواقب وخيمة في انتظار أردوغان مع بدء محاكمة «بنك خلق»

ترامب وأردوغان في لقاء سابق.(أرشيفية)

تبدأ في الأول من مارس المقبل، إجراءات المحاكمة في قضية التهرب الكبرى من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بقيمة 20 مليار دولار، بطلها بنك «خلق» التركي المملوك للدولة، والتي يتورط فيها الرئيس رجب طيب أردوغان وكبار مسؤوليه، بعلم وحماية الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب.

ونشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تقريراً لها السبت يتضمن تفاصيل القضية التي بدأت قبل 4 سنوات، حيث سعى ترامب إلى حماية بنك خلق التركي من أية عواقب جراء دوره في مساعدة إيران في التهرب من العقوبات الأمريكية، وقام البيت الأبيض بإجراءات لحماية البنك التركي، من ضمنها إقالة اثنين من رجال الادعاء العام الفيدراليين كانا يتوليان القضية، كما طلب مسؤولون بارزون بإدارة ترامب من وزارة العدل إسقاط الاتهامات ضد البنك.

وفي حال تم إثبات التهم الموجهة للبنك التركي وانتهى به الأمر خارج النظام المالي الأمريكي، فقد تكون التداعيات على الاقتصاد التركي المترنح بالفعل هائلة. وبالمثل، قد تكون الهزات والعواقب السياسية الناجمة عن القضية في تركيا مدمرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

تفاصيل التهرب

ونشر التقرير التفاصيل الخاصة بالقضية من خلال شاهد على أحداثها هو رضا ضراب، تاجر ذهب إيراني تركي، موضحاً أن الأمر بدأ عام 2012، مع بزوغ نجم أردوغان الذي كان يتولى آنذاك منصب رئاسة الوزراء، وكانت الخطة تقوم على أساس تحويل قيمة تصدير النفط والغاز الإيراني ذهباً بدلاً من النقود، ويكون بمقدور طهران الوصول إليه، وهو أمر معقد لم تستطع العقوبات الأمريكية التعامل معه.

ولفت التقرير إلى أن المسؤولين الأمريكيين حذروا مسؤولي بنك خلق التركي في عام 2013، من أنه يتحايل على العقوبات، إلا أن ضراب ومسؤولي البنك وجدوا طريقة للمضي قدماً في أعمالهم.

وأوضح التقرير أنه تمت مداهمة البنك أواخر عام 2013، وتم إغلاقه لفترة، وسرعان ما عاد للعمل مجدداً، ووفقاً لشهادة ضراب، فإنه تم دفع رشى للإفراج عنه وعن رفاقه، ولإغلاق القضية في عام 2014، وبعدها طلب ضراب من مسؤولي البنك أن يعيدوا العمل بمخطط التهرب من العقوبات، وأصدر أردوغان ورفاقه تعليمات لمسؤولي البنك بذلك.

واستطرد التقرير موضحاً أن العمل في ذلك المخطط استمر حتى تم القبض على ضراب خلال زيارة له إلى ميامي الأمريكية في مارس 2016، وعندئذ تم إيقاف العمل بذلك المخطط، وبعدها بدأ المسؤولون الأتراك الضغط على المسؤولين الأمريكيين لإسقاط تلك القضية، وحاولوا إقناع نائب الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن بالتدخل، كما حاول أردوغان إقناع الرئيس السابق باراك أوباما بالتدخل، ولكنّ كلاً من بايدن وأوباما رفضا بشكل قاطع التدخل لإسقاط القضية.

تدخلات ترامب

ولفت التقرير إلى أنه بعد فوز ترامب بالرئاسة، وفي فبراير 2017 سافر كل من مستشار ترامب ومحاميه لاحقاً رودي جولياني، والمدعي العام في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، مايكل موكاسي، والذي عمل لاحقاً كمحامٍ عن ضراب، إلى تركيا لمناقشة القضية مع أردوغان، وبعدها مباشرة وفي شهر مارس تمت إقالة بريت بارارا المدعي العام لجنوب نيويورك، الذي كان يتولى القضية، رغم تعهد ترامب سابقاً له بإبقائه في منصبه.

وأوضح التقرير أنه في أواخر 2017 حاول ترامب إقناع وزير الخارجية آنذاك، ريكس تيلرسون بالضغط على مسؤولي وزارة العدل لإسقاط القضية، لكن تيلرسون رفض ذلك، وعارض مساعي ترامب، معتبراً أنها تعد «تدخلاً غير قانوني».

وذكر التقرير أن تركيا ظلت تحاول لسنوات إغلاق القضية، من خلال مسؤوليها، ومن خلال اللوبي الذي توظفه لتأييدها في واشنطن، وسعى ترامب مع القائم بأعمال المدعي العام سابقاً، ماثيو ويتكر، ومع المدعي العام السابق ويليام بار، لإسقاط الاتهامات ضد ضراب والبنك.

وأشار التقرير إلى استمرار تدخلات ترامب في القضية، ففي قمة العشرين في بوينس أيرس ديسمبر 2018، التقى ترامب مع أردوغان، وروى مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون في كتابه جزء من اللقاء قائلاً «وعد ترامب أردوغان أنيعالج (هذه الأشياء)، بعدما قدم له أردوغان مذكرة حول موقف البنك، فقلبها ترامب سريعاً دون أن يقرأها، ورد قائلاً إنه يعتقد أن البنك بريء من تلك الاتهامات».

ومضى بولتون يقول: «أجرى ترامب محادثة هاتفية مع أردوغان بعد ذلك اللقاء بأسبوعين، وقال له: نحن نقترب للغاية من الوصول لقرار حول بنك خلق»، وفي أبريل 2019 قال ترامب لأردوغان إنه أمر كلاً من بار، ووزير الخزانة ستيفن منوشين بمعالجة القضية، وحضر ترامب اجتماعاً بالبيت الأبيض ذلك الشهر، بحضور كبير مستشاريه وصهره جاريد كوشنير، ومنوشين، مع وزير المالية التركي السابق وصهر أردوغان، بيرات البيرق، وهو أحد المتورطين في القضية وفقاً للائحة الاتهام، كما عقد منوشين 6 لقاءات أخرى مع مسؤولين بارزين بالحكومة التركية في الفترة بين 2017 و2019، واستمرت تدخلات ترامب حتى عام 2020 عندما أمر ترامب بإقالة مدعٍ عام ثانٍ في جنوب نيويورك هو جيوفري بيرمان.

تورط أردوغان

وأوضح التقرير أن أردوغان متورط في القضية بشكل مباشر، خاصة في إعادة تشغيل المخطط بعد إغلاق البنك، ويقول أيكان إردمير البرلماني التركي السابق، وحالياً مدير أول لبرنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات «كانت هناك خطة ضخمة لخرق العقوبات الأمريكية على إيران، بتواطؤ من وزراء تركيا وكبار المسؤولين في البنك، مع عملاء إيرانيين، بمباركة أردوغان».

وذكر التقرير نموذجاً آخر للعلاقة ما بين ترامب وأردوغان، فبعدما اشترت تركيا نظام الدفاع الجوي الروسي S400، كان يجب فرض عقوبات أمريكية فورية عليها، لكن ترامب تردد في فعل ذلك، بينما سارع بتلبية طلب أردوغان سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، لإفساح الطريق أمام دخول القوات التركية، رغم أن ذلك يضر بحلفاء أمريكا هناك.