الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

بعد تودده لأوروبا.. كيف جعل أردوغان تركيا أكثر عزلة؟

بعد تودده لأوروبا.. كيف جعل أردوغان تركيا أكثر عزلة؟

أردوغان - رويترز.

قالت صحيفة فايننشال تايمز إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفذ على مدى السنوات الخمس الماضية توغلات عسكرية في سوريا وشمال العراق، كما أرسل قوات إلى ليبيا وشارك في مواجهات بحرية مع اليونان فضلاً عن دعمه لأذربيجان في نزاعها مع أرمينيا على إقليم ناغورنو قره باغ، وهي تدخلات أثارت غضب حلفاء تركيا في الناتو.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأسابيع الأخيرة وبينما يتصالح أردوغان مع هزيمة حليفه دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية والحاجة إلى جذب رأس المال الأجنبي مرة أخرى لمعالجة المشاكل الاقتصادية في تركيا يقول إنه يريد فتح صفحة جديدة مع الغرب.

وقالت الصحيفة إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان أردوغان مستعداً أو قادراً على تبني حل وسط بشأن القضايا التي ابتليت بها علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، أو ما إذا كانت اللغة التصالحية التي اعتمدها حديثاً ستفتح المجال قريباً لتجديد التوتر.

الانقلاب الفاشل

ولطالما سعى أردوغان الذي تولى حزبه الحكم في عام 2002 إلى تصوير نفسه على أنه صاحب رؤية سوف تجعل من تركيا بلداً عظيماً مرة أخرى في الداخل والخارج.

ولكن يرى المحللون أن محاولة الانقلاب الفاشل في عام 2016، شكلت قطيعة في تعاملات تركيا مع بقية العالم، وتركت أردوغان أكثر تشككاً في الغرب، ودفعته إلى الاقتراب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأجبرته على تشكيل تحالفات سياسية جديدة في الداخل ومكنته من تولي سيطرة غير مسبوقة على الدولة التركية.

وفي خطاب ألقاه بعد 3 أشهر من محاولة الانقلاب، قال أردوغان إن البلاد لن تنتظر بعد الآن المشاكل أو الخصوم «ليطرقوا بابنا».

وأضاف قائلاً إن تركيا بدلاً من ذلك «ستذهب وتجدهم أينما وجدوا وتنزل عليهم بشدة».

اللعب بالعواطف الدينية

وقالت الصحيفة إن أحد أساليب أردوغان الأخرى هي اللعب بالعواطف الدينية لقاعدته من خلال تصوير نفسه على أنه زعيم للعالم الإسلامي، كما أنه يعتمد بشكل كبير أيضاً على الصورة واللغة القومية.

وحذر الدبلوماسيون والمحللون من أن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة للاقتصاد أوالعلاقات مع القوى الإقليمية والعالمية.

فبينما كان المبدأ التوجيهي للسياسة الخارجية التركية قبل 10 سنوات، هو «صفر مشاكل مع الجيران»، يمزح المحللون الأتراك الآن بأن الشعار الجديد هو «صفر جيران بلا مشاكل»، وفقا للتقرير.

عثمانية جديدة

وأوضحت الصحيفة أن منتقدي سياسة أردوغان الخارجية يصفونها بأنها عثمانية جديدة، في إشارة إلى الإمبراطورية التي امتدت إلى جنوب أوروبا وغرب آسيا وشمال أفريقيا.

ومن ناحية أخرى، يبرر المسؤولون الأتراك ذلك بأن بلادهم تحمي مصالحها.

ومن ناحيته، قال الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، سينم أدار، للصحيفة «لا أعتقد أن تركيا كانت منعزلة إلى هذا الحد في تاريخها» ثم تابع «هناك جبهة آخذة في الاتساع من الدول التي تتصدى لتركيا».

نظرية المؤامرة

قالت الصحيفة إن محاولة الانقلاب الفاشل في عام 2016 وعمليات التطهير التي أعقبتها، سمحت لأردوغان بالسيطرة بشكل أكبر على القوات المسلحة، كما أسس تحالفاً انتخابياً مع حزب الحركة القومية المتطرف معتمداً على نظرته اليمينية المتشددة بشأن الأمن القومي، وخاصة الانفصالية الكردية.

وتعقيباً على ذلك قال إيفرين بالتا، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوزيجين في إسطنبول، إن «كلاً من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية يتشاركان في فكرة أن تركيا تتعرض للهجوم من الداخل والخارج».

الجنود والجواسيس بدل الدبلوماسية

وأشارت الصحيفة إلى عملية الانتقال لنظام رئاسي في عام 2018، والتي أدت إلى إضعاف دور وزارة الخارجية في البلاد التي كانت موطناً لرجال الأعمال الذين رأوا ضرورة التوجه الطبيعي لتركيا نحو الغرب.

وينتقد الكثيرون ما يسميه سفير سابق اعتماد أردوغان على الجنود والجواسيس بدلاً من الدبلوماسية في البعثات الخارجية، ونادراً ما تتم مشاهدة أردوغان من دون رفقة رئيس المخابرات هاكان فيدان ووزير الدفاع خلوصي أكار.

دعم الإخوان

بعد تلاشي آمال أردوغان في انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي وسط انعدام الثقة واتهامات بسوء النية من كلا الجانبين، التفت أردوغان لبناء علاقات مع جيرانه العرب، إلا أن سياساته أدت إلى نتائج عكسية، حيث اجتاحت الانتفاضات الشعبية المنطقة، وامتدت الحرب السورية إلى تركيا في شكل هجمات إرهابية ووصول ملايين اللاجئين، وفقاً للتقرير.

وقالت الصحيفة إن أنقرة تابعت سياساتها وانتهاكاتها بمشاركتها بالعمليات العسكرية بسوريا وليبيا، وتقديمها الدعم لجماعة الإخوان ضد التحالف العربي بقيادة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

غضب دولي

ووصلت تركيا في الوقت الحالي إلى مرحلة تشعر أوروبا باليأس منها بسبب تدهور حقوق الإنسان في البلد الذي لا يزال من الناحية الفنية مرشحاً للانضمام للكتلة الأوروبية.

ومن ناحية أخرى، غضبت واشنطن من قرار شراء أردوغان لنظام الدفاع الجوي S-400 من روسيا، والذي تسبب الشهر الماضي بفرض عقوبات أمريكية على تركيا.