الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بعيداً عن إرثه السياسي.. تأثير تعيينات ترامب بالمحكمة العليا يستمر لسنوات

بعيداً عن إرثه السياسي.. تأثير تعيينات ترامب بالمحكمة العليا يستمر لسنوات

قضاة المحكمة العليا.(أرشيفية)

يغادر الرئيس دونالد ترامب منصبه خلال أيام، وبينما يحاول الديمقراطيون وبعض الجمهوريين القضاء على أثره في الحياة السياسية نهائياً، فإن إرثه ربما لن يمحى من حياة الأمريكيين بسبب تعيينه 3 قضاة في المحكمة العليا ليرفع عدد المحافظين إلى 6 مقابل 3 فقط.

وتعد المحكمة العليا أعلى سلطة قضائية في الولايات المتحدة وهي المفسر النهائي للقوانين ونصوص الدستور، وتؤثر قراراتها على حياة جميع الأمريكيين، ويستمر قضاة المحكمة العليا في مناصبهم مدى الحياة، ولم يعين أي رئيس أمريكي أكثر من قضاة فقط، ولكن ترامب نجح في دورة واحدة في تعيين 3 قضاة محافظين.

ويعد هذا العدد من القضاة من أهم إنجازات ترامب لناخبيه المحافظين، نظراً لدورهم الفعال في تبني أو إعاقة سياسات الرئيس الداخلية، خاصة أنهم يحكمون في القضايا العقائدية والحزبية؛ مثل التصويت والإجهاض والإعدام وحقوق المثليين لعقود قادمة، وهي القضايا الرئيسية محل الخلاف بين الحزبين.

تأثيرات تعيينات ترامب

ويعتبر وفاة الأيقونة الليبرالية القاضية روث جينسبيرج ذات الإرث المشرف في الكفاح من أجل المساواة والعدالة وضد العنصرية، نقطة تحول رئيسية للقضاء في أمريكا، حيث عين ترامب بدلاً منها القاضية المحافظة إيمي باريت، وكان قد عين قبلها بريت كافانو، ونيل جورسوش.

وظهر تأثير باريت سريعاً، فقبل تعيينها كانت المحاكم شديدة التحفظ على التدخل في أحكام الصحة العامة الصادرة عن مسؤولي السلطة التنفيذية الفيدرالية والولاية، خاصة في أوقات الطوارئ، وبناءً على هذا المبدأ رفضت المحكمة العليا مرتين جهوداً في عام 2020 لإلغاء لوائح الصحة العامة المستندة إلى العلم والتي حدت من التجمعات في دور العبادة.

غير أنه في نوفمبر الماضي، وخلال أقل من أسابيع عقب تعيين باريت، غيرت المحكمة قرارها، وقضت بمنع ولاية نيويورك من فرض قيود على بيوت العبادة، حيث كان حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو قد منع تجمع أكثر من 10 أشخاص بها، وقضت المحكمة بأغلبية 5 أصوات مقابل 4 مشيرة إلى أنه حتى خلال الجائحة لا يمكن انتهاك التعديل الأول في الدستور الذي يضمن الحريات الدينية.

أحكام الإعدام

ثاني الأحكام التي أصدرتها المحكمة العليا وأثارت جدلاً كبيراً، هو سماحها منذ أيام بإعدام امرأة لأول مرة منذ عام 1953، وكانت إدارة ترامب قد أعادت في يوليو الماضي تنفيذ أحكام الإعدام الفيدرالية بعد توقفها لأكثر من 16 عاماً، ويعارض الرئيس المنتخب جو بايدن عقوبة الإعدام، وسيعمل كرئيس على إنهاء استخدامها.

ثالث الأحكام التي تحمل دلالة على توجهات المحكمة خلال الأعوام المقبلة، هو إصدار المحكمة قراراً في يناير الجاري يتيح فرض قاعدة تطيل المدة للحصول على حبوب الإجهاض، وحبوب منع الحمل، رغم أنها لا تحتاج إلى أن تؤخذ في وجود المهنيين الطبيين، حيث أمرت المحكمة العليا الثلاثاء الماضي بضرورة أن تزور النساء مكتب الطبيب أو المستشفى أو العيادة شخصياً، للحصول على حبوب الإجهاض خلال جائحة كورونا، وكان ترامب قد أعلن أنه سيعين قضاة بالمحكمة العليا يصوتون لإسقاط حق الإجهاض.

وكان ترامب يتوقع أن ينحاز القضاة المحافظون ومن بينهم الثلاثة الذين قام بتعيينهم إليه في مزاعمه بشأن تزوير الانتخابات، غير أنه عبر عن خيبة أمله بعد رفض كل القضايا، وهاجمهم بشدة.

تأثير قضاة المحكمة العليا

ويفسر المحامي المقيم في نيويورك، محمد السواعير أسباب التأثير الكبير للمحكمة العليا على الحياة الأمريكية بقوله: الأساس أن القضاء غير مسيس، والأصل في الأمور العدالة، لكن القضاة بشر لديهم آراء سياسية واجتماعية، وأمريكا دولة تحكمها السوابق القضائية لأنه لا يوجد قانون مكتوب، لذا فإن شخصية القاضي تنعكس بشكل واضح على آرائه القانونية، ما أدى لتكوين مدرستين فكريتين؛ إحداهما محافظة قائمة على أفكار اجتماعية ودينية معينة والأخرى ليبرالية متحررة تعتمد على رأي الفرد أكثر من رأي المجتمع.

وضرب السواعير مثلاً بقضية الإجهاض، التي يتعامل معها القاضي المحافظ على أنها أمر مخالف للأعراف والمجتمع والدين، وفيه قتل روح بشرية، أما القاضي الليبرالي فيتعامل معها على أنها قضية حريات شخصية وإنسانية مثل حق حرية الرأي والتعبير، لكن في النهاية يحكم طبقاً للدستور.

وأضاف السواعير: تعيين ترامب 3 قضاة محافظين سيغير الصبغة القضائية لسنوات طويلة لصالح المدرسة المحافظة.