الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بين التمسك والتخلي.. تركيا في ورطة بسبب نظام (S-400) الروسي

بين التمسك والتخلي.. تركيا في ورطة بسبب نظام (S-400) الروسي

النظام الصاروخي الروسي. (أرشيفية)

منذ أن فرضت الولايات المتحدة، في أواخر عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، عقوبات على تركيا، بسبب شرائها نظام (S-400) الروسي للدفاع الجوي، تسعى أنقرة للبحث عن مخرج من تلك الورطة.

«نموذج كريت«

ذكر تقرير نشره موقع «أحوال تركية»، أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، اقترح حلاً على غرار «نموذج كريت»، في إشارة إلى إقدام قبرص على شراء نظام (S-300) الروسي في التسعينات، لردع الطيران التركي الذي كان يخترق أجواءها، وهددت تركيا بتدمير بطاريات الصواريخ إذا تم نشرها، وكان المخرج من تلك الأزمة هو قيام اليونان باستلام النظام الصاروخي، ووضعه في مخازن في جزيرة كريت، ولم يتم تنشيط بطاريات الصواريخ إلا في عام 2013 خلال مناورات عسكرية.

وأوضح التقرير أن اقتراح وزير الدفاع التركي، يشير إلى فكرة عدم تفعيل أنقرة لنظام الدفاع الجوي الروسي، إلا في أوضاع معينة، عوضاً عن إبعادها خارج البلاد، فقد قال أكار «يمكن استخدام ذلك النظام في حالة تعرضنا لتهديدات».

وكانت واشنطن قد أوضحت موقفها سابقاً، بالتأكيد أنها لن تقبل حتى بفكرة تخزين نظام (S-400) في تركيا، مشددة على ضرورة أن تتخلى تركيا بالكامل عن النظام الروسي.

ولفت التقرير إلى أن اقتراح أنقرة باللجوء إلى «نموذج كريت» يعني أن تركيا يمكن أن تلجأ إلى وضع نظام (S-400) في أراضي دولة أخرى، لكي يتم رفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وفقاً لقانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات المعروف اختصاراً باسم (CAATSA)، ومن هنا ظهرت أهمية السؤال: أين يمكن وضع تلك الصواريخ؟

وأشار التقرير إلى أن أحد المحللين اقترح أن تقدم أنقرة على تخزين نظام الدفاع الجوي الروسي، في الجزء التابع لها من جزيرة قبرص، كما تساءلت افتتاحية صحيفة «صباح» التركية، في شهر يوليو الماضي، حول إمكانية نشر منظومة (S-400) في ليبيا، حيث تحتفظ تركيا بتواجد عسكري هناك.

قبرص وليبيا

ونقل التقرير عن محللين، تشكيكهم في قبول واشنطن، بنشر تركيا لمنظومة(S-400) ، سواء في الجزء التابع لها في قبرص، أو في ليبيا، فقد قال المحلل لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة ستراتفور، ريان بوهل «نقل المنظومة إلى شمال قبرص التابع لتركيا سيكون تسوية بعيدة القبول، فأمريكا لا تعترف بها، كما أن تلك الخطوة ستثير غضب اليونان وقبرص والأوروبيين».

وأضاف التقرير أن فكرة نقل أنقرة لمنظومة (S-400) إلى ليبيا، لا يتماشى مع قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي المعروف باسم (NDAA)، والذي يطالب تركيا بعدم استخدام منظومة (S-400) حتى ولو كانت موجودة في خارج الأراضي التركية، كما أن إرسالها إلى ليبيا يعد انتهاكاً واضحاً للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تصدير السلاح إلى ليبيا، وبالتالي فتلك الخطوة ستعارضها الولايات المتحدة.

ونقل التقرير عن مدير العلاقات الحكومية في معهد دراسة الحرب، نيكولاس هيراس، تشكيكه أيضاً في أن إقدام أنقرة على نشر منظومة (S-400) في ليبيا ستكون مقبولة بالنسبة لواشنطن أو لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأوضح التقرير أن أنقرة وضعت نفسها في الزاوية وخاصة بالنسبة للكونغرس الأمريكي، مع امتلاكها منظومة (S-400)، لأن تلك الخطوة دفعت واشنطن لتعليق مشاركة أنقرة في برنامج انتاج مقاتلات (F-35)، وإلغاء بيع المقاتلة الشبح المتطورة إلى تركيا، وفرض عقوبات على أنقرة.

وتابع التقرير موضحاً أنه حتى إذا تخلصت أنقرة من منظومة (S-400)، فإن الأمر سيستغرق وقتاً حتى تسمح واشنطن بعودة أنقرة لبرنامج مقاتلات(F-35) ، وعن ذلك يقول بوهل: «يمكن أن توافق واشنطن على إعادة أنقرة لبرنامج مقاتلات (F-35)، ولكن ذلك سيكون ببطء، وستعود أنقرة من خط البداية، وستكون هناك أزمة عدم ثقة بين الطرفين، الأمريكي والتركي، ما يعرقل إعادة دخول تركيا بسرعة في برنامج مقاتلات.«(F-35)

وأوضح بوهل سبب رفض واشنطن القوي، لاحتفاظ أنقرة بمنظومة(S-400) ، قائلاً: إنه نظام متقدم للغاية، ونشره يزيد من قلق أمريكا الشديد من أن مجرد نشره لأغراض التدريب سيساعد روسيا على الحصول على معلومات استخباراتية مهمة حول مقاتلات .(F-35)

وقال الباحث بمركز بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار إيلان الإسرائيلية، جورج تزوغوبولوس: «قضية منظومة (S-400) ليست المشكلة الوحيدة بين واشنطن وأنقرة، ولكنها الشوكة الرئيسية، وهناك مشكلة أخرى بينهما، تتمثل في اختلاف المصالح والأهداف فيما بينهما، فأنقرة تسعى لتعزيز موقعها في نظام إقليمي جديد، بينما تريد واشنطن الحفاظ على التعاون الوثيق مع الدول الأخرى في نظام عالمي جديد».

وقال تزوغوبولوس: «أتوقع أن يشوب التوتر العلاقات الأمريكية- التركية، ويمكنهما التوصل لاتفاقات بشأن بعض القضايا، وستظل الخلافات بينهما بشأن قضايا أخرى، كما ستظل روسيا شريكاً رئيسياً بالنسبة لتركيا، بغض النظر عن شعور واشنطن بالإحباط تجاه ذلك».