الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

تحديات داخلية وخارجية.. هل يمكن أن يعيد بايدن أمريكا إلى قيادة العالم؟

تحديات داخلية وخارجية.. هل يمكن أن يعيد بايدن أمريكا إلى قيادة العالم؟

الرئيس الأمريكي بايدن. (أرشيفية)

هل يمكن أن يحقق الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعده بإعادة السياسة الخارجية المعروفة للولايات المتحدة، لما كانت عليه قبل عهد الرئيس السابق دونالد ترامب؟ وهل العالم الآن هو نفسه كما كان عليه في 2016 عندما تولى ترامب السلطة؟ وهل العالم سيرحب اليوم بعودة واشنطن للقيادة العالمية؟

أسئلة مهمة جاءت ضمن ملف شامل، بعنوان «التراجع والسقوط.. هل يمكن لأمريكا أن تقود مرة أخرى»، نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية، تضمَّن عدداً من التقارير، من بينها تقرير «إعادة صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة.. وليس استعادتها

وأوضح التقرير أن بايدن قال مراراً إن عهد ترامب كان انحرافاً للسياسة الأمريكية، ويمكن استعادتها بسرعة، وفي خلال حملته الانتخابية العام الماضي، أكد بايدن أنه إذا وصل للبيت الأبيض، فستعود واشنطن لقيادة العالم، إلا أن الحقيقة هي أن العودة للوضع السابق بات أمراً غير ممكن.

إخفاقات خارجية وداخلية

ولفت التقرير إلى أن أمريكا تغيرت بشكل كبير، وكذلك العالم، وإذا كان هناك من يعتبر أنه من الممكن عودة أمريكا لقيادة العالم، فإن الكثيرين في شتى أنحاء العالم يرون أن السياسات الأمريكية خلال العقدين الماضيين، أدت لعدد من الكوارث، مثل الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وما تلاه من زعزعة استقرار أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط، والأزمة المالية العالمية عام 2008، بخلاف الحرب التي شنتها أمريكا على أفغانستان، وسياسة أمريكا غير المتماسكة في سوريا، والتدخلات الإنسانية غير الحكيمة، وخاصة في ليبيا.

وتابع التقرير «الإخفاقات الأمريكية كانت أيضاً محلية ولم تكن على المسرح العالمي فقط، فقد تعاملت أمريكا مع جائحة كورونا بشكل أسوأ من أي دولة كبيرة، فسكان أمريكا نسبتهم 4% من سكان المعمورة، ولكن في أمريكا 25% من أعداد المصابين بالفيروس، ونسبة الوفيات فيها بسببه 19% من الوفيات به على مستوى العالم».

وأشار التقرير إلى بعض سياسات إدارة ترامب، ومنها شعار «أمريكا أولاً»، ما أضر بعلاقات أمريكا مع حلفائها، فقد انسحبت أمريكا من عدد من المنظمات التي شاركت في تأسيسها، بخلاف الانسحاب من الاتفاقات الدولية، مثل اتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران.

تحديات أمام السياسة الخارجية

وتطرق التقرير إلى أن شعار «قوة النموذج الأمريكي» الذي يرفعه بايدن، ربما لا يكون صحيحاً، فأمريكا اليوم ليست النموذج الذي يريده العالم، بل الذي لا يريده العالم، أما وزير الخارجية أنتوني بلينكن، فسيكون عليه القيام بدور محوري لاستعادة السلك الدبلوماسي الأمريكي، للروح المعنوية والفاعلية، واستعادة القيادات الموهوبة التي غادرت الوزارة خلال حقبة ترامب، وكذلك إسناد مناصب مهمة في الداخل والخارج للعديد من القيادات الدبلوماسية الكبيرة، بالإضافة إلى القيام بإصلاحات من شأنها أن تجعل الخارجية تعمل بشكل أكثر كفاءة، وبالطبع فإن كل تلك الجهود ستستغرق وقتاً.

ولفت التقرير إلى إشكالية كبيرة تواجه إدارة بايدن، وهي أن دول العالم ستتعامل مع إدارته بنوع من الحذر، بعدما شاهد العالم كيف يمكن لأي رئيس في البيت الأبيض، أن يغير دفة السياسة الأمريكية بجرة قلم، ومن المتوقع أن يتجنب هؤلاء القادة الدخول في التزامات رئيسية مع واشنطن، وبالتالي فكل ما تريد إدارة بايدن تحقيقه سيكون صعباً.

وتطرق التقرير إلى وضع السياسة الخارجية ضمن جدول أولويات بايدن، مشيرة إلى أن خطابه خلال حملته الانتخابية في أكتوبر 2019 حدد أولوياته، أولها «إعادة تشكيل النظام التعليمي»، ثم «إصلاح نظام العدالة الجنائية».

وأشار التقرير إلى أن السياسة الخارجية لبايدن، ستواجه عدة عراقيل، ومن المبكر معرفة مدى تجاوب مجلس النواب ذي الأغلبية الضئيلة للديمقراطيين، مع طموحات بايدن الخارجية.

التعامل مع الصين والأصدقاء

ولفت التقرير إلى أن بايدن يدرك مدى أهمية شبكة حلفاء وأصدقاء واشنطن، وسيعمل ما بوسعه من أجل استعادة قوة العلاقات معهم، وخاصة مع أوروبا، كما أنه سيعود للعمل على حل المشكلات متعددة الأطراف، والعمل مع المؤسسات الدولية الساعية لحل تلك المشكلات.

وذكر التقرير أن الصين تعد من أهم التحديات أمام السياسة الخارجية الأمريكية، مؤكداً أن واشنطن بحاجة إلى توجه في التعامل مع بكين، يتسم بالتوازن وبصبغة غير أيديولوجية، في ظل القوة العسكرية الكبيرة للصين، ومناوراتها الاستفزازية في بحر الصين الجنوبي، وسياساتها القمعية المتزايدة، ناهيك عن حجبها لمعلومات مهمة حول نشأة فيروس كورونا، وبرغم كل ذلك فإن واشنطن ليس أمامها خيار آخر تجاه الصين، إلا تطوير استراتيجية تقوم على التعايش الناجح، مع القوة العسكرية والاقتصادية للصين.

ولفت التقرير إلى وجود معسكرين في السياسة الخارجية الأمريكية، الأول يرى استمرار قيادة واشنطن للعالم، وعبر مجموعة من القضايا، والثاني يرى أن على واشنطن تحديد مصالحها بشكل أضيق.

وأكد التقرير أنه من غير المحتمل أن يتم حل النقاش بين المعسكرين خلال فترة بايدن، والذي سيكرس وقته لمعالجة أخطاء ترامب، وسيكون الفيصل في التحكم في مدى سرعة ونجاح سياسات بايدن، هم أعضاء الكونغرس، ففي ظل الاستقطاب الشديد الذي تعاني منه أمريكا اليوم، فإن أي تغيير سيكون بمثابة «معركة سياسية».

واختتم التقرير بتأكيد أن نجاح إدارة بايدن يعتمد على عدة أمور، مثل تطوير استراتيجية سليمة تجاه الصين، وإعادة تأكيد نفسها في العلاقات مع روسيا، واتباع سياسات اقتصادية دولية تسمح للجميع بتحقيق المكاسب، واستعادة ثقة الحلفاء والأصدقاء، وعندئذ ستكون إدارة بايدن قد حققت الكثير لتفخر به، حتى ولو لم تترك خلفها إجماعاً جديداً حول السياسة الخارجية.