الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

خلف الخطوط الأمامية.. الطواقم الطبية في بريطانيا خلايا نحل لا تهدأ

خلف الخطوط الأمامية.. الطواقم الطبية في بريطانيا خلايا نحل لا تهدأ

من داخل غرفة العمليات في مستشفى بريطاني.(نيويورك تايمز)

شوارع خاوية، ومحلات فارغة، ومدن صاخبة تحولت إلى مدن أشباح، ذلك هو حال بريطانيا التي تكافح جائحة كورونا. وبينما يأمل البريطانيون في تجاوز الإغلاق المتكرر، والعودة من جديد إلى الطرقات، فإن العالم يبدو مختلفاً بالنسبة للأطقم الطبية، التي ما زالت حياتها محصورة ما بين غرف الرعاية المركزة، والمرضى الذين يحاولون التثبت بالحياة.

صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية سلطت الضوء على بطولات الأطقم الطبية في بريطانيا، مشيدة بنجاحهم في أداء مهمتهم حيث لم يتجاوز عدد الضحايا 120 ألف شخص حتى الآن.

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته أمس بعنوان «خلف خطوط حرب كوفيد البريطانية» إن من يتأمل حياة الأطقم الطبية في المستشفيات، كأنه يرى كتيبة من المقاتلين في ميدان القتال، فهم يعيشون في حركة مستمرة، مرتدين الملابس المعقمة، في ضوضاء وفوضى وشاشات وأطقم الإسعاف وحالات مرضية تعد هي الأخطر على حياتهم.

ونقل التقرير عن أخصائية التخدير والعلاج المكثف دكتور سوزان جين، والتي تعمل مع فريق من الأطباء والممرضات في وحدة الرعاية المركزة في مستشفى هوميرتون شرق لندن «أكبر ما شعرت به خلال الموجة الثانية من فيروس كورونا، هو إحساس الغضب تجاه الأشخاص الذين يتجاهلون القواعد، ولا يعرفون ما يفعلون، يجب أن يدرك الناس مدى الألم الذي يشعر به مريض كورونا، ومدى خطورة ذلك علينا جميعاً».

وروى حيدر سال وهو أحد المرضى قصته في الحرب ضد كورونا، قائلاً «نجوت في غرفة الرعاية المركزة، التي تشرف عليها دكتور جين، وكان من أصعب ما واجهته هو رؤية الناس من حولي وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، ورأيت العديد من الأشخاص، كل منهم له ديانة مختلفة، وكلهم يدعون الله طالبين النجاة من الموت.. وخلال وجودي في الرعاية المركزة، ومن بين كل المرضى حولي، كنت الوحيد الذي تمكن من النجاة».

ولفتت الصحيفة إلى أنه في ظل اكتظاظ غرف الرعاية المركزة، تم تحويل بعض الوحدات الأخرى في المستشفى للتعامل مع الحالات الحرجة، مضيفة أن جبهات الحرب ضد كورونا لا تقتصر فقط على غرف الرعاية المركزة في المستشفيات، بل إن الجائحة تظهر ملامحها في أماكن عديدة، مثل المقابر، والمشرحة حيث يتم استقبال جثامين الضحايا، بخلاف مراكز التلقيح.

وذكر التقرير أن خطة الحرب البريطانية ضد كورونا اعتمدت على سرعة ترخيص اللقاحات ضد الفيروس، والإسراع في تطعيم المواطنين، ولكن برغم ذلك فإن الفيروس ما زال يحقق تقدماً هناك، حيث يتم تسجيل معدلات وفاة كبيرة مقارنة بأي دولة كبرى في العالم.

وأوضح التقرير أن الأطباء طالبوا سابقاً بزيادة الموارد المخصصة للقطاع الطبي، كي يتمكنوا من زيادة سعة غرف الرعاية المركزة، وعلى سبيل المثال قالت دكتور جين «وحدة الرعاية التي أعمل بها لا تضم إلا 10 أسرة فقط، وكان لا بد من زيادتها إلى 30 سريراً، خاصة أن كل المرضى يحتاجون لاستخدام أجهزة التنفس الصناعي، ولذا فوحدة الرعاية لدينا مكتظة بشكل كبير».

وعن أهمية غرف الرعاية المركزة قال محمد مالك (53 عاماً) «غرفة الرعاية المركزة هي آخر مكان في حربك ضد كورونا.. ولا يوجد بعدها إلا الموت، وخلال وجودي بها، كانت ابنتي مريم حاملاً وعلى وشك الولادة، واكتشفنا أنها مصابة بالفيروس، وولدت طفلتها من خلال عملية قيصرية، ولكن ظلت مريم في غيبوبة لمدة 10 أيام، والحمد لله لقد نجوا، ولكن كانت تلك هي أسوأ لحظات حياتي».