الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الميليشيات السويسرية.. كيف تُنظم «جنة المال» جيشها؟

تعرف سويسرا بجنة المال فهي أكبر مركز عالمي للثروات المنقولة للخارج، حيث تدير مصارفها أصولاً بنحو 7 تريليونات دولار، لكن، ما لا يعلمه الكثيرون هو أن هذا البلد كان حتى نهاية ثمانينيات القرن التاسع عشر، أحد أكثر الدول الأوروبية فقراً.

ظروف الفقر الطاحنة هذه كانت تدفع آلاف الشباب السويسريين للالتحاق بكتائب المرتزقة في جيوش الدول الأوروبية الأخرى، حيث يشير مؤرخون إلى أن المسؤولين السويسريين كانوا يغضون الطرف عن الأمر، مفضلين أن يغادر الفقراء المحبطون بدل أن يبقوا في الوطن لإثارة القلاقل.

تعكس قصة المرتزقة هذه، جزءاً من تاريخ سويسرا ومؤسستها العسكرية ذات التنظيم الفريد من نوعه، حيث إن البلد الذي لم يخض أي حرب منذ مئات السنين، ينظم جيشه وفق نظام الميليشيات حتى الآن.

وحسب وسائل إعلام سويسرية فإن التخلي عن نظام الميليشيات أو التجنيد الإجباري أمر مستبعد جداً، حيث ينص الدستور على أنه يجب على كل سويسري أداء الخدمة العسكرية، حتى وإن سمح القانون باستبدالها في بعض الحالات بالخدمة المدنية، فهذا لا يعني التخلي عنها.

لكن ما المقصود بجيش الميليشيات السويسري؟ يعني الأمر باختصار أن هيكلة الجيش، الذي يضم 9 آلاف عسكري مهني ـ محترف فقط، من ضمن نحو 140 ألف جندي نشط، تعتمد على المجندين المدربين عبر دورات الخدمة الإلزامية والذين يمثلون جيشاً احتياطياً يقدر بمئات الآلاف.

ويقوم المجندون بعد أداء الخدمة العسكرية، بالعودة إلى الحياة المدنية مع أجهزتهم وأسلحتهم المتطورة وبزاتهم ليكونوا على استعداد دائماً لأداء واجبهم تجاه الوطن متى ما طُلبوا لذلك. ويُعتبر «نظام الميليشيات»، رغم ارتباطه بالمجموعات المسلحة غير النظامية أحد ركائز الديمقراطية التشاركية السويسرية، وفق موقع «سويس انفو».

ويشير خبراء إلى أن السويسريين وجدوا في هذا المصطلح استعادة للمبدأ الجمهوري القاضي بتسليح الشعب بدلاً من الاحتفاظ بقوات ملكية دائمة، ومع ولادة الدولة السويسرية الحديثة, رُسخ مبدأ الخدمة العسكرية الإلزامية مع حظر وجود قوات عسكرية دائمة في دساتير 1848 و1874. وفي إطار المراجعة الشاملة التي أجريت في 1999 نص الدستور على أن «الجيش منظم بشكل أساسي وفقاً لنظام الميليشيات».

وسويسرا بلد محايد بمعنى أنها لا تشارك في نزاعات خارجية، لكن هذا لا يعني أنها بلد ضعيف عسكرياً، فالبلد الذي يبلغ عدد سكانه 8.5 مليون نسمة، يعد ضمن الدول الأكثر تقدماً في مجال الصناعة العسكرية، وهو مدرج على قائمة البلدان الأولى في تصدير الأسلحة عالمياً.

ويمتلك الجيش السويسري الذي يتألف من قوات برية، وجوية، ومخابرات عسكرية، أسطولاً جوياً بـ46 طائرة مقاتلة عاملة، وهو ما يضعه في المرتبة 43 عالمياً، كما تضم البلاد مخابئ سلاح متطورة تحت الأرض وفي الجبال الشاهقة تمثل شبكة بنية تحتية عسكرية قل نظيرها في العالم استطاعت حماية البلاد طيلة القرون الماضية.

وبالمختصر اشتُهرت في الحرب العالمية عبارة تلخص العقيدة العسكرية السويسرية وهي: (سويسرا ليس لديها جيش، سويسرا هي الجيش) والتي تعني أن مهمة الدفاع عن الحوزة الترابية أمر من صميم الهوية السويسرية ويتحمل كل مواطن نصيبه منه.