الأربعاء - 21 مايو 2025
الأربعاء - 21 مايو 2025

«جيل الإغلاق».. أطفال العالم يواجهون أعمق أزمة تعليمية منذ 100 عام

«جيل الإغلاق».. أطفال العالم يواجهون أعمق أزمة تعليمية منذ 100 عام

طالبات في مدرسة بهيرات الافغانية.(أي بي أيه)

المصابون والمتوفون ليسوا هم فقط ضحايا جائحة كورونا، فهناك أيضاً التلاميذ في شتى أنحاء العالم، والذين أوضحت التقارير أنهم يواجهون أعمق أزمة تعليمية منذ 100 عام، وأن ملايين التلاميذ لن يعودوا للمدارس.

فقد أكد تقرير لمجلة «دير شبيغل» الألمانية أن تلاميذ المدارس حول العالم، والذين وصفهم بـ«جيل الإغلاق»، يخوضون معركة شاقة في تعليمهم، وذهابهم للمدارس، تضع مستقبلهم بأكمله على المحك، بسبب تبعات جائحة كورونا.

عقبات التعليم المنزلي

وتطرق التقرير لبلدان مثل البرازيل والهند وكينيا وجنوب أفريقيا، حيث تختفي معالم المستقبل بالنسبة للتلاميذ هناك، وتغيرت مسارات الحياة، لأن التعليم المنزلي في أحياء المدن الفقيرة، مع عدم توافر خدمات الإنترنت، ليس أكثر من مجرد وهم.

وأضاف التقرير أن الأطفال غير قادرين على مواصلة تعليمهم، لأنه لا يوجد المال للمعلمين الخصوصيين، أو لعدم وجود مكتب أو غرفة، حيث يمكن للأطفال التركيز على مذاكرة دروسهم، كما أن الكثير من الآباء فقدوا وظائفهم خلال الأزمة، وأصبح على الأطفال العمل للمساهمة في إعانة الأسرة.



وأضاف أنه في العام الماضي أغلقت المدارس في أكثر من 180 دولة حول العالم، بعضها لبضعة أسابيع فقط، ولكن في العديد من الدول، لم يتم فتحها بعد.

ولفت التقرير إلى تحذير الأمم المتحدة من «حالة طوارئ تعليمية عالمية» بسبب مئات الملايين من أطفال المدارس، الذين ما زالوا غير قادرين على العودة إلى الفصول الدراسية.

ويرى الخبراء أنها أعمق أزمة تعليمية في المئة عام الماضية، ومنهم وزير التعليم البيروفي السابق جايمي سافيدرا، الذي يقود الآن برنامج الممارسة العالمية للتعليم التابع للبنك الدولي، والذي قال "ما نمر به هو صدمة تاريخية مزدوجة، فلم يسبق أن عانى الاقتصاد كثيراً، ولم يتم إغلاق المدارس مطلقاً لهذه الفترة الطويلة."

التفاوتات التعليمية

وتطرقت المجلة لتقرير منظمة أوكسفام بعنوان «فيروس اللامساواة» والذي أكد على أن فيروس كورونا قد نسف الجهود المبذولة للحد من التفاوتات التعليمية.

وأشار التقرير إلى أنه نظراً لخفض ميزانيات مساعدات التنمية، وتدفق الأموال من قطاع التعليم إلى الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم، فإن التفاوتات تتزايد الآن، بدلاً من أن تتقلص، ففي حين أن الأطفال في أوروبا فاتهم 10 أسابيع من الدراسة في المتوسط، فإن الوضع أسوأ ويصل إلى 200 يوم في أجزاء كبيرة من أمريكا الجنوبية وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، وتعتقد الأمم المتحدة أن أكثر من 24 مليون طفل لن يعودوا إلى المدرسة مرة أخرى.

4 ملايين متسرب من التعليم

وبرغم تقديم بعض المنظمات دروساً على الإنترنت، إلا أن الطلاب بالأحياء الفقيرة في البرازيل معظمهم لا يملكون خدمات إنترنت، والبعض الآخر يضطر ذووهم لأخذ هواتفهم المحمولة معهم للعمل، وبالتالي لا تتوفر وسيلة إنترنت أخرى لهم.

وتشير الاستطلاعات إلى أنه حوالي 4 ملايين تلميذ وطالب جامعي في البرازيل، قد تسربوا من التعليم خلال عام كورونا.



وفي الهند أكد خبير التعليم «بيككراما دولت سينغ»، الذي يعمل في مؤسسة سنترال سكوير الخيرية، أن نصف الأطفال في سن العاشرة في البلاد ينتمون بالفعل إلى «فقراء التعلم» قبل انتشار الوباء، وهو تصنيف ينطبق على الأطفال الذين يجدون صعوبة في القراءة مع الفهم، وأن هناك دراسات تشير إلى أن هذا الرقم قد ارتفع بشكل كبير نتيجة للإغلاق بسبب فيروس كورونا.

أكبر الضحايا

وحول الأوضاع في الهند، ذكر التقرير مشكلة سلمان باشا (14 عاماً) الذي يعمل ميكانيكياً بإحدى القرى بالهند، بعدما أغلقت مدرسته منذ شهور، واضطر لمساعدة أبويه، ليحصل على أقل من 2 يورو يومياً، ويقول "لا أريد أن أصبح ميكانيكياً.. أريد العودة للمدرسة، حتى ألتحق بالجامعة".

أما في جنوب أفريقيا، وفي إحدى البلدات بضواحي كيب تاون، يعاني التلاميذ من مشكلة أخرى غير غياب التعليم في المدارس، وهي عدم الحصول على وجبات غذائية، ضمن اليوم الدراسي أيضاً بسبب إغلاق المدارس.

وأكد الباحث «سافيدرا» أن «إغلاق المدرسة خسارة متعددة الأبعاد» حيث أنه منذ بداية الإغلاق حرم الطلاب من 39 مليار وجبة مدرسية.

وقال "يحتاج الأطفال إلى العودة إلى التعلم في أسرع وقت ممكن، رغم كل المخاوف الأخرى، ويجب إعادة النظر في الأولويات، بدلاً من فتح مراكز التسوق أو قاعات الحفلات الموسيقية أو ملاعب كرة القدم، يجب على الدول النامية والناشئة، التركيز أكثر على الأعضاء الأصغر سناً في مجتمعاتهم، حتى لو لم يكن للفيروس نفسه تأثير كبير عليهم، فهم أكبر ضحايا هذا الوباء".