الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لماذا تتجه فرنسا لإغلاق «مصنع رجال الدولة»؟

بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية بنحو شهر واحد، وتحديداً يوم 9 أكتوبر 1945، أعلنت فرنسا تأسيس مدرسة خاصة لتدريب الكوادر الوطنية وتعويض النقص الكبير الحاصل في الطاقم الإداري للبلد الخارج لتوه من أتون الحرب.



كان الهدف المعلن حينها هو السعي لمزيد من «ديمقراطية» التعليم وتمكين أبناء الشعب من مختلف الخلفيات الاجتماعية من الوصول إلى مراكز صنع القرار بناء على معايير الكفاءة والجدارة المهنية.





وبعد 75 عاماً من تاريخ إنشائها، وعلى عكس الهدف المعلن عند التأسيس، لا يجد بعض الفرنسيين اليوم أسماءً لـ«المدرسة الوطنية للإدارة» غير «مصنع النخبة» «ومختبر البرجوازية الباريسية» و«ماكينة أبناء الدولة العميقة».



تصاعد الغضب ضد «المدرسة العريقة» في السنوات الأخيرة، بعد أن أحكم «لوبي» خريجي المدرسة قبضتهم على كافة المناصب المهمة في الدولة تقريباً من الوزارات والمناصب الدبلوماسية إلى الشركات الحكومية والمعاهد الثقافية والمؤسسات الإعلامية. وقبل نحو عامين من الآن، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تخرج من المدرسة ذاتها، بإلغائها تلبية لمطالب بـ«مزيد من دمقرطة التعليم»، قبل أن يعلن أبريل الجاري قرار الإلغاء رسمياً واستبدال المدرسة «بمعهد القطاع العام» الذي سيركز وفق وسائل إعلام فرنسية على فتح باب المسابقات أكثر أمام فئات الشعب الأقل حضوراً في الإدارة ويعزز من ملاءمة المسار التدريبي للخريجين مع متطلبات سوق العمل.





ويشير موقع «فرانس إنفو» الفرنسي إلى أن غياب المساواة في التمثيل الاجتماعي داخل دفعات الخريجين وتكافؤ الفرص في النجاح في امتحان المدرسة المعقد يعد أحد المعوقات التي ارتبطت باسمها، مشيراً إلى أن هذه السمة أدت إلى اعتماد المدرسة على «قالب جاهز، دفعة بعد دفعة بين طلاب من نفس الخلفية والوسط الاجتماعي، وبالتالي لديهم نفس التفكير والنسق، ما أحدث هوة كبرى داخل المجتمع الفرنسي».



وعالمياً، تعد المدرسة أحد أشهر النماذج الأوروبية في تكوين القادة والمسؤولين الحكوميين، حيث تجاوز عدد خريجي دفعاتها من الطلاب الأجانب 1719 طالباً من 134 دولة، فيما خرجت المدرسة أكثر 7161 طالباً فرنسياً.



وكذلك تم استنساخ تجربة المدرسة في عدد من بلدان العالم، ما حدا بالكثيرين إلى طرح تساؤل حول مصير المدارس التي أسست استناداً إلى التجربة الفرنسية، هل ستطالها يد التغيير أم ستواصل العمل بنفس الآلية بعد اختفاء المدرسة الأم؟