الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

بايدن.. علاقة مضطربة بحروب أمريكا في الخارج

بايدن.. علاقة مضطربة بحروب أمريكا في الخارج

بايدن في المقابر الوطنية لضحايا حرب أفغانستان. (أ ف ب)

يريد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعلن الأربعاء، عن بدء خروج القوات الأمريكية من أفغانستان، تقديم نفسه على أنه معارض لـ«حروب أمريكا التي لا نهاية لها»، بسبب هاجس تصويته المثير للجدل لمصلحة التدخل في العراق في 2003 الذي يلاحقه.

وعبر بايدن البالغ من العمر 78 عاماً مرات عدة عن ندمه على موافقته عندما كان رئيساً للجنة الشؤون الخارجية التي تتمتع بنفوذ كبير في مجلس الشيوخ، على غزو العراق في إطار «الحرب على الإرهاب» في عهد الرئيس الجمهوري الأسبق جورج دبليو بوش.

وما زال هذا التصويت الذي جرى قبل عشرين عاماً وصمة في مسيرته السياسية الطويلة. وفي كل المناظرات انتقده بيرني ساندرز، منافسه الرئيسي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي قبل انتخابات نوفمبر، على الهواء مباشرة عبر شاشة التلفزيون اختياره ذاك.

وفي كل مرة، بدا السياسي السبعيني نادماً. فقد اعترف مثلاً في يوليو 2019 بأنه «ارتكبت خطأ في الحكم». لكن الاعتراف لا يزال جزئياً، ويكشف عن علاقة بايدن المضطربة بالحروب في بلاده.

وقال السياسي الديمقراطي النافذ، إنه أخطأ في تلك الفترة بوضع «ثقته» في الرئيس بوش الذي أكد له أنه طلب من الكونغرس الإذن باستخدام القوة لممارسة ضغط دبلوماسي على نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. عندما جرى الهجوم في مارس 2003، قال بايدن «عبرت عن معارضتي».

لكن الوقائع عكس ذلك. فصيف 2003 وبعد أشهر من اندلاع الأعمال العدائية كان السيناتور بايدن لا يزال يدافع بقوة عن تصويته الأول وضرورة «طرد صدام من السلطة». ولم يغير رأيه إلّا لاحقاً في مواجهة الانزلاق الأمريكي ثم دافع بقوة بصفته نائب الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن الانسحاب من العراق الذي انتهى في 2011.

وقال مدافعاً خلال الحملة الرئاسية: «كنت مسؤولاً عن سحب 150 ألف جندي من العراق- وكان ابني أحدهم».

لكن في هذه الحالة، يعتبر معظم المراقبين أن رحيل القوات الأمريكية يعد خطأ فادحاً آخر في العراق الذي غرق في فوضى وقضمه تدريجياً من قبل تنظيم داعش الإرهابي، ما أدى إلى تدخل دولي جديد بقيادة أمريكية في 2014.

في الواقع، لم يبرهن بايدن عن مواقف متجانسة في الأمور العسكرية. وقد صوت ضد حرب الخليج الأولى في 1991 والتي تعتبر الآن في أغلب الأحيان ناجحة.

كما كان بايدن مؤيداً في البداية للتدخل في أفغانستان على غرار الطبقة السياسية الأمريكية بأكملها تقريباً التي روعتها اعتداءات 11 سبتمبر 2001، ثم تبنى أخيراً موقف الرأي العام الأمريكي الذي يشعر بالسأم من العمليات الخارجية التي لا تنتهي والمكلفة والدامية.

بالتأكيد ساهم إرسال ابنه الأكبر بو بايدن إلى العراق في 2008، حين كان يخوض حملة للبيت الأبيض إلى جانب أوباما، في هذا التحول.

وأصبح نائباً للرئيس بصفة والد عسكري مشارك في الحرب آنذاك. وتماشياً مع مواقف آلاف العائلات، دافع على مدى ثمانية أعوام عن توخي الحذر الشديد حين يتعلق الأمر بإرسال قوات إلى الخارج.

وقال الأربعاء بتأثر خلال توضيحه قرار الانسحاب: «ما وجهّني كان ذكرى ابني الراحل بو الذي شارك في حرب العراق، والأثر الذي تركه ذلك عليه وعلينا نحن الذين كنا ننتظره في المنزل».

تحفظات بايدن باتت معروفة الآن حول العملية الخطرة التي توجت بنجاح لتصفية زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي أسامة بن لادن في باكستان عام 2011. والأمر المعروف أكثر هو احتجاجه على إرسال تعزيزات إلى أفغانستان في عام 2009.

كان الرئيس الجديد آنذاك يتعرض لضغوط من البنتاغون لنشر آلاف الجنود الإضافيين من أجل إحداث فارق ضد «طالبان». وكان نائبه يعارض ذلك.

وأفاد المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان آنذاك ريتشارد هولبروك عن مشادة يتذكرها جيداً.

وكان الدبلوماسي ناشد بايدن الذي يعرفه منذ فترة طويلة لصالح زيادة الدعم للأفغان وخصوصاً للحفاظ على حقوق المرأة التي انتهكتها حركة طالبان. وقال نائب الرئيس آنذاك: «لن أعيد إرسال ابني إلى هناك لكي يجازف بحياته باسم حقوق المرأة!».

وخسر بايدن في النهاية معركته وقام أوباما بنشر 17 ألف جندي إضافي.

لكن الاتجاه انعكس منذ ذلك الحين مع انخفاض تدريجي للقوات الأمريكية. واليوم وقد بات رئيساً للولايات المتحدة، يمكن لبايدن أخيراً أن يبدي ثباتاً في مواقفه عبر إعلان الانسحاب الكامل للقوات بحلول الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر.