الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الأمير فيليب.. إرادة من حديد تحت قناع المرح

الأمير فيليب.. إرادة من حديد تحت قناع المرح

الأمير الراحل فيليب عام 1965. (أ ب)

واكب الأمير فيليب بصمت زوجته الملكة إليزابيث الثانية لأكثر من 73 عاماً، لكن الرجل الذي توفي قبيل بلوغه الـ100 عام أظهر خلال عقود طويلة في العائلة الملكية قوة وصلابة كبيرتين في مواجهة تحديات ضحّى خلالها بمسيرته في سبيل حبه.

فارق دوق إدنبرة الحياة في قصر ويندسور بعدما أمضى شهراً كاملاً في المستشفى في لندن إثر تعرضه لالتهاب ولمشكلة في القلب.

كان فيليب أعلن لسكرتيره الخاص مايكل باركر قبيل زواجه سنة 1947 أن «وظيفتي الأولى والثانية والأخيرة هي ألا أتخلى يوماً عن الملكة». وأظهرت الملكة إليزابيث الثانية امتنانها لهذا التفاني، إذ وصفت زوجها في تصريحات علنية بأنه «قوتها» و«سندها».

مع ذلك، اصطدم الأمير فيليب طويلاً بالقيود البروتوكولية للعائلة الملكية البريطانية والتي تتعارض مع طباعه، وخصوصاً مع دعاباته - غير الموفقة - بنظر البعض، وتعليقاته التي وُصفت أحياناً بالعنصرية.

مسيرة عسكرية ضائعة

ولد فيليب في جزيرة كورفو اليونانية في 10 يونيو 1921، بلقب أمير اليونان والدنمارك. وحين كان عمره 18 شهراً، أرغم عمه ملك اليونان على التنحي، فيما نُفي والده بعد الحرب اليونانية-التركية. وهرب فيليب مع والديه وشقيقاته الأربع على متن سفينة تابعة للجيش البريطاني.

وشكّل ذلك بداية طفولة طبعتها الوحدة والاضطرابات، بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وأدخلت والدته في حال اكتئاب إلى المستشفى، وانتقلت بعدها إلى دير للراهبات، فيما انتقل والده للعيش في موناكو.

أما فيليب، فأُرسل في نهاية المطاف إلى اسكتلندا حيث تابع تعليمه في مدرسة داخلية تتبع نظاماً صارماً، ولم يكن يرى عائلته إلا في مناسبات نادرة.

واعتباراً من سنة 1939، التحق بكلية البحرية الملكية في دارتموث جنوب إنجلترا، حيث التقى للمرة الأولى بالأميرة إليزابيث - آنذاك - فوقعت فتاة الـ13 ربيعاً حينها في غرام العسكري الوسيم البالغ 18 عاماً.

وخدم فيليب في البحرية خلال الحرب العالمية الثانية، فتميز سريعاً، وأصبح من أصغر الضباط في البحرية الملكية مع مسيرة واعدة في الأفق.

وعقد خطوبته على إليزابيث بعد الحرب، لكن أفراد العائلة الملكية لم يرحبوا كثيراً بالوافد الجديد، إذ «كانوا يعتبرونه فظاً وغير متعلم»، ويظنون أنه لن يكون مخلصاً على الأرجح، بحسب آلن لاسيلز، السكرتير الخاص للملك جورج السادس.

غير أن غرام إليزابيث وفيليب انتصر وتوّجا علاقتهما بالزواج في 20 نوفمبر 1947. وتخلى فيليب عن الألقاب التي نالها عند الولادة، لكنه أصبح دوق إدنبرة وحاز الجنسية البريطانية واعتمد اسم عائلة والدته باتنبرغ بصيغته الإنجليزية، أي ماونتباتن.

واعتلت إليزابيث العرش بعد وفاة الملك جورج السادس سنة 1952. وخلال مراسم التتويج، تعهد فيليب بأن يكون «التابع المخلص» للملكة وأصبح مذاك شريك زوجته الأبدي.

واضطر إلى إنهاء مسيرته العسكرية، ما كان أمراً قاسياً له. وأقر في وقت لاحق «كان ذلك محبطاً، كنت رُقّيت للتو إلى رتبة كومندان، والجزء الأهم من مسيرتي في البحرية بدأ للتو».

«براغماتي»

رغم تشكيك البعض بقدرته على الصمود بعيداً عن الحياة العسكرية، تمسك فيليب بواجباته الجديدة وانخرط بقوة في المسؤوليات المترتبة عن موقعه في العائلة الملكية، فأصبح عراباً لأكثر من 780 منظمة، وتولى خصوصاً رئاسة الصندوق العالمي للطبيعة على مدى 15 عاماً.

وبنى الأمير فيليب صورة الرجل المرح صاحب الطبع الفكاهي، لكن سجله لا يخلو من تصريحات ودعابات واجهت انتقادات بسبب طابعها العنصري.

وفي ظل اهتمامه بشؤون العائلة لمساعدة زوجته المنشغلة في مهامها الملكية، ارتبط الأمير فيليب بعلاقة معقدة مع أكبر أبنائه الأربعة، الأمير تشارلز، كان ينظر إليها المراقبون على أنها انعكاس مباشر للنقص العاطفي خلال طفولة فيليب.

وأقر دوق إدنبرة لكاتب سيرته غيلز براندريث: «تشارلز رومنسي، أنا براغماتي. هذا يعني أننا ننظر إلى الأمور بصورة مختلفة».

غير أن أفراد العائلة الملكية لم يتوانوا عن الإشادة بتفاني فيليب الكبير من أجل صون العرش البريطاني. وقالت حفيدته الأميرة يوجيني: «هو مذهل. لقد كان حاضراً طوال هذه السنوات، هو صخرتنا».

ويحمل الأمير فيليب الرقم القياسي لأطول أزواج وزوجات ملوك بريطانيا عمراً.

واعتزل الأمير فيليب الحياة العامة في أغسطس 2017 بعد مشاركته في أكثر من 22 ألف مناسبة رسمية منذ اعتلاء زوجته العرش في 1952. وواصل مرافقة الملكة في بعض الإطلالات العلنية.

وفي يونيو 2017، أدخل الأمير فيليب المستشفى حيث أمضى ليلتين إثر «التهاب متصل بمرض تم تشخيصه سابقاً». وخضع لعملية جراحية في الورك سنة 2018.

وفي يناير 2019، تعرض لحادث سير بعدما اصطدمت مركبته من نوع «لاند روفر» بسيارة أخرى لدى الخروج من ساندرينغهام، ما أدى إلى انقلاب سيارته. ونجا من الحادثة لكنه عدل على إثرها عن القيادة.

وفي نهاية ديسمبر من العام نفسه، أدخل مستشفى إدوارد السابع حيث أمضى 4 ليال «تحت المراقبة بسبب مشكلات صحية جرى تشخيصها سابقاً»، بحسب الدوائر الملكية البريطانية.