الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

كورونا.. جائحة واحدة وعالمان مختلفان

باتت جائحة كورونا تقسم الكرة الأرضية إلى ما يشبه عالمين مختلفين مع تباين التقدم في حملات التطعيم وخفض معدلات الإصابة بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

وقالت الصحيفة إن مدناً غنية أحرزت تقدماً كبيراً في مواجهة تفشي جائحة كورونا، بتخفيض أعداد حالات الإصابة بالمرض، من خلال قطع شوط كبير في تلقيح مواطنيها باللقاحات، كما حدث في تل أبيب التي تعد من أكثر المدن في العالم تلقيحاً لسكانها، وسجلت حالتين فقط للإصابة يوم الأربعاء الماضي، وكذلك لوس أنجلوس التي بدأت الآن في تلقيح الشباب في سن 12 عاماً. وفي المقابل تئن مدن في الهند وجنوب أفريقيا بسبب حالات تفشي الجائحة، ولا توجد أعداد كافية من اللقاحات لمواجهة الفيروس.

دور حملات التلقيح

وأوضح التقرير أن الكثير من إمدادات اللقاحات تذهب إلى دول حققت بالفعل تقدماً كبيراً في مسيرة تلقيح مواطنيها، وتستخدمها أو تقوم بتخزينها، رغم استمرار تفشي الجائحة في الدول النامية.

وأضاف أن مدناً استطاعت تلقيح أكثر من نصف سكانها، مثل لوس أنجلوس ولندن، والآن تستعدان لاستقبال السائحين خلال الصيف الجاري، بينما تنتظر مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا بدء تقديم الجرعات الأولى من اللقاحات لغير العاملين في المجال الطبي.

ولفت التقرير إلى أن هذا التباين لم يكن موجوداً قبل عدة أشهر، فالجائحة كانت تتفشى عبر الدول الأوروبية الكبيرة وفي مدن أمريكا الشمالية، ولم تكن عجلة التلقيح قد بدأت، وبينما كانت السلالات الجديدة للفيروس قد ظهرت بها، وكان قادة الهند يعلنون أنهم قد انتصروا على الفيروس.

وذكر أن حملات التلقيح ومنحنى حالات الإصابة في 22 مدينة كبيرة يظهر أن الصورة قد تغيرت خلال الشهور الأخيرة، وأصبحت الصورة الجديدة هي أننا بصدد انقسام وتباين كبير حول الجائحة، ما بين عالمين، من يملكون ومن لا يملكون.

الهند والبرازيل

وتطرق التقرير إلى أوضاع الهند والبرازيل في مواجهة جائحة كورونا، فكل منهما كان لها دور في انتشار الفيروس في منطقتهما، كما أن كليهما لم تستطيعا قطع شوط كبير في مسيرة عملية تلقيح مواطنيهما بالشكل الكافي للسيطرة على الفيروس.

ففي الهند ارتفعت أعداد الإصابات في دلهي وجوا، وبدأ تفشي الفيروس في المناطق الريفية، في واحدة من أكثر موجات الجائحة فتكاً منذ ظهور الفيروس، كما أن الهند بدأت حملة التطعيم ضد كورونا متأخرة عن الدول الغربية الكبرى، ولم تنتهِ إلا من تلقيح حوالي 10% فقط من سكانها الذين يصل عددهم إلى 1.4 مليار نسمة، بجرعة واحدة فقط من اللقاحات، بينما تراجعت سرعة حملات التلقيح بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة.

وأضاف التقرير أنه مع تفشي الجائحة في الهند، ظهرت سلالة جديدة هناك، ربما تكون أكثر عدوى، ويبدو أنها تنتشر عبر الدول المجاورة، مما دفع تلك الدول إلى فرض إغلاق مشدد، وهو نفس ما حدث في البرازيل، بعد تفشي الجائحة هناك، وخرجت منها موجة جديدة انتشرت في أمريكا اللاتينية، والتي كانت من أكثر المناطق التي عصفت بها الجائحة عبر أنحاء العالم.

أهمية الإجراءات المشددة

وأكد التقرير أن حملات التطعيم ليست بمفردها صاحبة الفضل في تراجع الإصابة بكورونا، وإنما هناك فضل أيضاً للقيود المشددة والتي لعبت دوراً هاماً في منع تفشي الجائحة، وخفض أعداد الإصابات، حسبما يقول الخبراء، ففي الفترة ما بين يناير وأوائل أبريل الماضي، فرضت بريطانيا إغلاقاً مشدداً وأغلقت المدارس والمحال غير الضرورية، وأمرت الجميع بالبقاء بالمنزل، كما شددت إسرائيل أيضاً من إجراءاتها في يناير الماضي، رغم الإسراع في حملات التلقيح، كما فرضت لوس أنجلوس البقاء بالمنزل حتى أواخر يناير، ما أدى لتراجع أعداد الإصابات إلى النصف تقريبا بعدما وصلت إلى نقطة الذروة في منتصف يناير.



الوضع العالمي

وتطرق التقرير إلى الوضع العالمي لحملات التطعيم ضد كورونا، فهناك دول أفريقية عديدة تعد الأقل من حيث معدلات التطعيم على مستوى العالم، ولم تحصل إلا على أعداد قليلة من اللقاحات من خلال مبادرة كوفاكس، وفي دول عديدة لم يتم تطعيم غير العاملين في الرعاية الطبية، ومن هم في الخطوط الأمامية.

وأضاف التقرير أنه على مستوى العالم، فمن بين كل 100 شخص، هناك 18 شخصاً فقط تلقوا اللقاحات، لكن هذه النسبة تتراجع بشدة في أفريقيا لتكون 1.6 لكل 100 شخص، أي أقل بحوالي 30 ضعفاً عما عليه الحال في أمريكا الشمالية، وفي دول مكتظة بالسكان مثل نيجيريا ومصر وإثيوبيا والكونغو الديمقراطية، ومجموع سكانهم حوالي 500 مليون نسمة، لم يتم تقديم إلا 4.3 مليون جرعة لقاح فقط.