الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«الدرونز».. نعمة ونقمة تجوب السماء

نظرًا لأن تكنولوجيا المركبات الجوية المسيرة عن بعد، أصبحت أرخص من أي وقت مضى ويمكن الوصول إليها بسهولة، فإن تهديد «الدرونز» وهي الطائرات بدون طيار المسلحة والموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أصبحت مشكلة خطيرة للقوات الأمريكية في مسرح العمليات ولجميع الجيوش في العالم.

في الأشهر القليلة الماضية، استخدمت الميليشيات العراقية المدعومة من إيران طائرات صغيرة بدون طيار مسلحة بالمتفجرات لمهاجمة القواعد العسكرية العراقية التي تأوي القوات الأمريكية عدة مرات، ومن المرجح أن يزداد التهديد الذي تشكله هذه الطائرات في الأشهر والسنوات المقبلة.

سلاح للميليشيات

كما أن هذا السلاح اعتادت ميليشيات الحوثي في اليمن استخدامه لاستهداف قوات التحالف التي تقاتلها لاستعادة الشرعية، بل واستخدمتها الميليشيات في استهداف مطارات السعودية المدنية في جريمة خطيرة تهدد المدنيين.

وبسبب خطورة القضية فإن معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأمريكية واشنطن استطلع آراء خبراء من برنامجه للدفاع والأمن للبحث في كيفية استجابة الولايات المتحدة لهذا التهديد الناشئ، كجزء من سلسلة ردود الفعل الدفاعية السريعة الجديدة.

الجنرال الأمريكي المتقاعد جوزيف ل. فوتيل، الذي خدم في الجيش الأمريكي لأربعة عقود، يرى أن «الدرونز» هي نعمة ونقمة في نفس الوقت.

نعمة ونقمة

ويضيف «كقائد سابق للعمليات الخاصة الأمريكية وقائد القيادة المركزية، كانت تكنولوجيا التحكم عن بعد في الدرونز أمرًا حيويًا لنجاح مهمتنا. لقد سمحت لنا بإجراء مراقبة مستمرة طويلة الأمد، وساعدت بشكل كبير في تقليل الخسائر المدنية، وقللت من مخاوف حماية القوة للقوات على الأرض والطيارين في الجو».

وتابع «إنها مثال آخر على كيف ساعدتنا التكنولوجيا في تحقيق قفزة كبيرة في قدرات التشغيل. تم استخدامها تقريباً في كل العمليات أثناء الحملة ضد داعش».



«لكن على الرغم من أن هذا كان مفيدًا لقواتنا، إلا أنه يمثل أيضًا ميزة متزايدة لخصومنا. شكل انتشار الطائرات بدون طيار الصغيرة، المعدلة محليًا من قبل إرهابيي داعش، تهديدًا فريدًا وخطيرًا لقواتنا على الأرض في كل من العراق وسوريا»، بحسب فوتيل.

وقال «إنه تحدٍ يصعب مواجهته: ما يمكن أن يفعله الإرهابي مقابل بضع مئات من الدولارات غالبًا ما يتطلب استثمارًا بالآلاف من جانبنا لهزيمته».

تكلفة المواجهة

بلال صعب، مدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، يرى أن الحلول لهذا التهديد الأمني سوف تأتي، لكنها قد لا تكون فعالة من حيث التكلفة. وقال «إذا أجبرنا العدو على الإنفاق بشكل كبير، فقد خسرنا بالفعل».

وأضاف بلال «يمتلك الخصوم متسعًا كبيرًا للإبداع باستخدام أنظمة الطائرات بدون طيار. يمكنهم تغيير تكتيكاتهم وتقنياتهم وإجراءاتهم، وإخفاء إشارات أجسامهم الطائرة، وإجراء عمليات إطلاق متعددة في وقت واحد نحو مناطق مستهدفة مختلفة، كل هذا يعقد بشكل كبير تحذيراتنا من التهديدات وقدرتنا على الاستجابة بفعالية».

إيريك أوهليريش، القائد المتقاعد في البحرية الأمريكية يشير إلى أن تكنولوجيا الطائرات بدون طيار متاحة في سوق مفتوح وفي تطور مستمر وهو ما يتطلب من القوات الأمريكية إما أن تعمل بسرعة السوق المفتوحة أو ستواجه مزيداً من المخاطر على عملياتها وأفرادها. وقال إنه يجب على الولايات المتحدة إعادة استخدام الطريقة التي تضع بها القدرات في أيدي أفرادها، أو سنكون في وضع غير جيد في مواجهة الأعداء من الناحية التكتيكية.

تهديد للشرق الأوسط

العميد البحري المتقاعد، جوزيف سركيس، الذي خدم في الجيش اللبناني لـ 37 عاماً، يحذر من أنه لم تعد الطائرات بدون طيار من الأصول الحصرية في أيدي الحكومات الوطنية. حيث أضاف عدد متزايد من الجهات المسلحة غير الحكومية في الشرق الأوسط منصات متطورة للطائرات بدون طيار إلى مخزوناتها، على الرغم من أن هذه لا تقارن بالطائرات العسكرية الأمريكية بدون طيار عالية التقنية مثل بريداتور أو ريبر.



وأضاف سركيس «لقد طورت المنظمات المتطرفة العنيفة في الشرق الأوسط قدرات الطائرات بدون طيار الخاصة بها من خلال استغلال الطائرات بدون طيار المدنية الرخيصة والتي يسهل الوصول إليها».

وتابع «يستخدمونها للمراقبة والاستطلاع أو لأغراض هجومية، ويحملون عليها حمولات تصل إلى 15 كجم، مع إمكانية استخدامها كسلاح بيولوجي».

طائرات مفخخة

وحذر العسكري اللبناني من أن هناك خطراً متزايداً من أن يتحول الإرهابيون من استخدام الشاحنات المفخخة إلى استخدام طائرات مفخخة يطلقونها من الأعلى، أو يشنون بها هجمات قاتلة ضد أهداف عالية القيمة مثل القواعد العسكرية والمجمعات المحصنة التي يصعب ضربها بطريقة أخرى.

ونتيجة لذلك، قد يتبع انتشار الطائرات بدون طيار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسارًا سريع النمو لسببين رئيسيين: أولاً، الحاجة المتزايدة إلى أدوات قتالية فعالة من حيث التكلفة، وثانيًا، الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه العديد من البلدان حاليًا. وقد يجبر هذا الأخير الجهات الحكومية وغير الحكومية على الاستثمار بشكل فوري وبكثافة في حلول من نفس هذه التكنولوجيا، لأن الطائرات بدون طيار أكثر فعالية من حيث التكلفة وأسهل في الحصول عليها وتشغيلها من الطائرات المأهولة، بحسب سركيس.

الرد العسكري

مايك مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع السابق للشرق الأوسط، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية، «سي أي أيه»، قال إنه يجب أن يكون هناك جهد متضافر لتطوير التكنولوجيا لهزيمة هذه الأنظمة - وهو جهد مستمر، حيث سيتعين علينا التكيف مع تقدمهم.

لكن حتى الآن فالحل هو إذا تسببت هذه الهجمات في سقوط ضحايا أمريكيين، فيجب علينا الرد عسكريًا على أولئك الذين نفذوا الهجوم وأولئك الذين قدموا التكنولوجيا.