الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

على سواحل أوروبا.. مآسي الأطفال اللاجئين تهز العالم

على سواحل أوروبا.. مآسي الأطفال اللاجئين تهز العالم

الأطفال ضحايا لم يقترفوا ذنباً في مغامرات محفوفة بالمخاطر.(أرشيفية)

ما بين أيلان حتى أرتين سنوات ومسافات وقصص وحكايات، لكن تبقى المأساة واحدة.. هربٌ وفرارٌ ونهايةٌ مأساوية على شواطئ الموت الأوروبية.

قبل 6 سنوات هزت صورة الطفل الكردي السوري أيلان، وهو ممدد جثة هامدة على أحد شواطئ تركيا، العالم وأثارت غضباً وتعاطفاً مع مأساة اللاجئين الباحثين عن حياة، لكن شيئاً لم يتغير فرحلات قوارب الموت ما زالت مستمرة.

الآن صورة الطفل أرتين الكردي الإيراني الذي عثر عليه ممدداً على أحد شواطئ النرويج، تعيد قضية الأطفال اللاجئين إلى الواجهة، وتشكل وصمة جديدة على جبين دعاة إغلاق حدود أوروبا في وجه من تقطعت بهم السبل وضاقت عليهم بلدانهم بما رحبت.

وحسب أرقام مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن 9 من أصل 10 أكبر مضيفين للاجئين في العالم هم في آسيا وأفريقيا، وليس أوروبا.

أيلان السوري

في سبتمبر من عام 2015، غرق أيلان ابن العامين وشقيقه 4 سنوات ووالدتهم مع مجموعة مهاجرين سوريين عندما انقلب زورق كان يقلهم من تركيا لليونان أملاً في الوصول إلى أوروبا.

وينحدر أيلان من بلدة كوباني السورية ذات الغالبية الكردية على الحدود مع تركيا، وكانت عائلته غادرتها للجوء إلى تركيا هرباً من أعمال العنف قبل أن تقرر الهجرة إلى أوروبا.

في عام 2019، كان ما يقرب من نصف عدد الأطفال اللاجئين في العالم ينحدرون من دولتين فقط هما سوريا وأفغانستان، حسب مفوضية اللاجئين.

مأساة الأسرة الكردية لم ولن تكون الأخيرة، فهي تتكرر بأشكال وتفاصيل مختلفة، وربما ما يبتلعه البحر أكثر مما تلقي به الأمواج إلى الشاطئ من قصص مأساوية.

أرتين الإيراني

في 7 يونيو الجاري كشفت الشرطة النرويجية هوية جثة تبلغ من العمر 15 شهراً، كانت عثرت عليها قبالة سواحل البلاد في 1 يناير.

وقالت الشرطة إن الجثة تخص أرتين، الذي غرق مع 4 من أفراد أسرته عندما كانوا يستقلون قارباً في أكتوبر الماضي للوصول إلى بريطانيا عن طريق فرنسا.

وعلى مدى 6 أشهر، ظلت هوية الجثة غير معروفة للسلطات النرويجية التي لم تتلقَّ أي بلاغات عن فقدان طفل، ولم تكن ملابس جثة الطفل بها أي علامة تجارية نرويجية، مما رجح فرضية أن الطفل من خارج البلاد.

هذا الغموض قاد الشرطة النرويجية للتواصل مع خفر السواحل الفرنسي، الذي كان لديه صور لأرتين وهو يرتدي نفس السترة قبل وقت قصير من شروعه في رحلته.

بدأت رحلة أرتين المأساوية من إيران في 7 أغسطس الماضي، بعد أن باع والديه كل شيء وغادرا، على أمل الحصول على حياة أفضل لأسرتهم في بريطانيا.

ويُعتقد أن العائلة، التي تنحدر من بلدة إيرانية قرب الحدود العراقية، توجهت بعد ذلك إلى تركيا، قبل أن تستقل العبارة المتجهة إلى إيطاليا ثم تستقل الشاحنات إلى فرنسا حيث وصلوا قبل شهر تقريباً من الحادث المأساوي.

ثم قاموا بثلاث محاولات للعبور إلى بريطانيا، فشلت محاولتان عبر القطار، قبل أن تفشل محاولتهم الثالثة على متن قارب.

وغرق قاربهم في القنال الإنجليزي في 27 أكتوبر الماضي، وتوفي الأب، والأم وأطفالهما أنيتا (9 أعوام)، وأرمين (6 أعوام)، وأرتين (15 شهراً).

أشرف المغربي

في نهاية الشهر الماضي، هزت العالم صورة فتى مغربي، وهو يبكي بعد أن وصل إلى شاطئ سبتة سباحة ليجد جندياً إسبانيا في انتظاره، في واقعة تؤكد أن المأساة مستمرة والمحاولات متواصلة رغم خطورتها.

وصل أشرف، (15 عاماً) الذي تربى يتيماً، سباحة من المغرب إلى جيب سبتة الإسباني، بمساعدة عبوات بلاستيكية فارغة ربطها حول خسره لتحمله إلى أوروبا، لكن القدر حمل له وجهة أخرى.

خلف دموع أشرف مأساة سنوات طويلة من اليتم والفقر، فقد تكفلت بتربيته بعد وفاة والديه، سيدة وزوجها وبعد أن توفيا احتضنته سيدة أرملة وهي بدورها أم لثلاثة أيتام.

عاش بأحد الأحياء العشوائية الفقيرة بمدينة الدار البيضاء في ظروف صعبة وفقر مدقع، لكن أحلامه كانت أكبر من واقعه.

العنف والصراع

ماتياس ليندمان، المسؤول الإعلامي في منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، قال إن هناك 12.6 مليون طفل لاجئ (بما في ذلك أطفال اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا).

وأضاف في تصريحات لـ«الرؤية» من نيويورك، "يوجد ما يقرب من 1.5 مليون طفل من طالبي لجوء، وما يقدر بنحو 19.4 مليون طفل نزحوا داخل بلادهم بسبب العنف والصراع.

وأوضح أنه بحسب تقرير اليونيسيف الصادر في أبريل الماضي حول نزوح الأطفال حتى نهاية 2019، فإنه بين عامي 2005 و2019، تضاعف عدد اللاجئين الأطفال المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من 4 ملايين إلى نحو 10 ملايين. وفي الفترة بين 2010 و2019 فقط، ارتفع عدد هؤلاء الأطفال اللاجئين بنسبة 118%.

وتابع المسؤول الإعلامي بالمنظمة الدولية "يشكل الأطفال 50% من لاجئي العالم حتى عام 2019".