السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ملف الهجرة.. هل يكون «المنطقة الرخوة» في سياسة بايدن؟

«أنا لا أسن قانوناً جديداً بل ألغي سياسات خاطئة» هكذا يقول دائماً الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما يتخذ خطوة جديدة لتسهيل الهجرة للولايات المتحدة. وبعد ساعات قليلة من دخوله البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، وقَّع بايدن 15 مرسوماً تنفيذياً، كان من أبرزها وقف بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، ورفع الحظر المفروض على سفر مواطني بعض الدول ذات الأغلبية الإسلامية، ووقف قرار الإدارة الأمريكية السابقة بمنع احتساب المهاجرين غير القانونيين عند إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية في الكونغرس.

ووفق تقرير لشبكة «سي إن إن» الأمريكية فإن سياسة بايدن حول الهجرة تعتمد على عدة محاور تتضمن اتخاذ كل القرارات التي تغير سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب، ومنح الأمل لحوالي 11 مليون مهاجر غير شرعي حالياً على الأراضي الأمريكية، وتحديث نظام الهجرة، والترحيب بالمهاجرين في المجتمع الأمريكي، وإعادة تأكيد التزام أمريكا تجاه طالبي اللجوء، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة، والتنفيذ الفعال لفحص الحدود.

انتقادات واسعة

ومع تدفق الآلاف على الحدود الأمريكية المكسيكية تعرضت الإدارة الجديدة ونائبة الرئيس كامالا هاريس، التي كلفها بايدن بملف الهجرة في 24 مارس الماضي، إلى انتقادات كبيرة، حيث طالب 55 عضواً من أعضاء الكونغرس بعزل وإبعاد هاريس عن ملف الهجرة، كما يقول عضو مجلس النواب الأمريكي غلين غروتمان.

وتعرضت سياسة بايدن حول الهجرة إلى هجوم عنيف أيضاً من جانب ترامب، وأقطاب الجمهوريين، مثل السيناتور لينزي غراهام، والذي يتهم بايدن بالفشل في إدارة ملف الهجرة عندما أعطى الضوء الأخضر لقدوم آلاف المهاجرين من أمريكا اللاتينية باتجاه الحدود الأمريكية مع المكسيك.

ويعود السبب في هذه الانتقادات إلى ارتفاع أعداد المراهقين والأطفال غير المصحوبين بذويهم والمحتجزين على طول الحدود مع المكسيك إلى أرقام قياسية، بحسب بيانات حكومية نشرتها شبكة «إيه بي سي نيوز» الإخبارية الأمريكية، وهي المعلومات التي كشفت عن وجود 4276 طفلاً في الحجز في عهد بايدن، مقارنة بنحو 3400 في نهاية عهد ترامب، وهو ما يعني، زيادة بنحو 25%، وأن الاكتظاظ في أماكن الاحتجاز ارتفع إلى 363%، كما أن معدل احتجاز الأطفال ارتفع إلى 117 ساعة، أي أعلى من المعدل القانوني المسموح به وهو 45 ساعة، فهل سيكون ملف الهجرة «المنطقة الرخوة» في سياسة الرئيس بايدن؟ وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر هذا الملف على مستقبل كامالا هاريس السياسي؟ وأين العرب من قوانين الهجرة للولايات المتحدة؟

قيم أمريكا

نتيجة للضغوط الكثيرة على بايدن وكامالا هاريس، من عدد من وكالات اللاجئين، ومن منظمة الإغاثة الإسلامية، والتقدميين أمثال عضوة الكونغرس، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، ومطالبتهم برفع سقف استقبال اللاجئين، أعلن بايدن في بيان في مايو الماضي، عن رفع الحد الأقصى لقبول بلاده لأعداد المهاجرين من 15 ألفاً سنوياً، في عهد ترامب، إلى 62.5 ألف، كما أعلن الرئيس الأمريكي عزمه زيادة عدد المهاجرين المسموح لهم بدخول البلاد إلى 125 ألف لاجئ العام المقبل 2022، وذلك وفق بيان للبيت الأبيض. وقال بايدن إن الأرقام في عهد ترامب «لا تعكس قيم أمريكا كدولة ترحب باللاجئين وتدعمهم».

وكان ترامب خفض أعداد المهاجرين المسموح لهم بدخول البلاد من 110 آلاف لاجئ في عهد أوباما، إلى 15 ألفاً فقط طوال سنوات حكمه.

40 مليون مهاجر

وتكشف الأرقام واستطلاعات الرأي الدور الإيجابي الذي يلعبه المهاجرون في الحياة الأمريكية، ووفق مركز بيو الأمريكي للأبحاث، فإن الولايات المتحدة تحتضن أكبر عدد من المهاجرين في العالم بلغ 40 مليون شخص، ويعيش 76% من هؤلاء بشكل قانوني في أمريكا، كما يمثل المهاجرون الآن 13.6% من سكان الولايات المتحدة، بعد أن كانوا 4.7% عام 1970، لكن وفق مركز بيو، فإن نسبة المهاجرين حالياً أقل من المستوى القياسي الذي بلغ 14.8% عام 1890.

وفي حين يتهم الجمهوريون الديمقراطيين بأن المهاجرين الجدد غالباً ما يصوتون للديمقراطيين، يدافع الديمقراطيون بالأرقام عن سياسة «الهجرة المرنة»، فوفق مكتب الموازنة في الكونغرس فإن حزمة الهجرة الشاملة لعام 2013 ستؤدي بمرور الوقت إلى زيادة حجم الاقتصاد بأكثر من 5%.

ويستند بايدن في خطته لدمج المهاجرين غير الشرعيين المقدرين بنحو 11 مليون شخص، إلى الأرقام الرسمية، حيث تقول مصلحة الضرائب الأمريكية إنها جمعت 23.6 مليار دولار من 4.4 مليون عامل ليس لديهم أوراق رسمية في عام 2015.

هاريس في مرمى النيران

أكثر الشخصيات التي تعرضت للانتقاد في إدارة بايدن كانت كامالا هاريس، ليس فقط لأنها هي التي عينها بايدن كمسؤولة عن ملف الهجرة، بل لأن خطواتها كانت بطيئة بحسب عدد كبير من أعضاء الكونغرس، وكان تأخرها في زيارة الحدود الأمريكية المكسيكية لأكثر من 3 أشهر منذ تعيينها أبرز الانتقادات، لكن في المقابل تدافع هاريس بأن ما قامت به إدارة الرئيس بايدن ساهم في تراجع الاعتقالات السابقة التي نفذتها إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية بما يقرب من 60%، كما تراجعت عمليات ترحيل اللاجئين بنسبة 60% أيضاً، مقارنة بعهد الرئيس السابق ترامب، وهي بيانات سبق أن نشرتها صحيفة واشنطن بوست.

وتقوم خطة كامالا هاريس على معالجة جذور الأزمة بتقديم مساعدات لتحسين الظروف المعيشية في المكسيك ودول المثلث الشمالي «جواتيمالا، وهندوراس، والسلفادور»؛ حتى لا تصبح هذه الدول طاردة للسكان، لكن الجمهوريين، خاصة في ولاية تكساس، يطالبون باستكمال بناء الجدار العازل مع المكسيك.

سياسته نحو العرب

تحدثت خطة بايدن التي تتضمن استقبال 125 ألف لاجئ العام المقبل، عن قبول آلاف السوريين الذين فروا من الحرب الأهلية في بلادهم. وكانت أعداد السوريين الذين دخلوا الولايات المتحدة تراجعت إلى 500 شخص فقط في العام الأخير من حكم ترامب، وسبق لبايدن أن رفع الحظر الذي فرضه ترامب على مواطني بعض الدول ذات الأغلبية الإسلامية، منها سوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال. فالفكرة لدى بايدن أن يستخدم المهاجرين دعامة لمجتمع متنوع متعدد الثقافات لا أن يكونوا منطقة رخوة أو عبئاً على المجتمع.