الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

من الصين إلى ألمانيا.. الفيضانات تفضح هشاشة العالم أمام التغير المناخي

من الصين إلى ألمانيا.. الفيضانات تفضح هشاشة العالم أمام التغير المناخي

البنية التحتية للدول وحتى الوحدات الحديثة ضعيفة في مواجهة تدعيات التغيرات المناخية. (رويترز)

قلبت الفيضانات القاتلة مظاهر الحياة رأساً على عقب في كل من الصين وألمانيا، وأصبحت تذكاراً حياً بأن التغير المناخي يتسبب في ظواهر جوية أكثر تطرفاً في مختلف أنحاء العالم.

فقد لقي ما لا يقل عن 25 شخصاً في إقليم خنان بوسط الصين حتفهم، يوم الثلاثاء الماضي، بمن فيهم 12 حوصروا في أحد خطوط مترو الأنفاق بالمدينة، عندما اجتاحت المياه تشنغتشو عاصمة الإقليم بعد هطول أمطار غزيرة على مدى أيام.

جاءت هذه الكارثة بعد سقوط ما لا يقل عن 160 قتيلاً في ألمانيا، و31 قتيلاً في بلجيكا، الأسبوع الماضي، لتؤكد أنه سيكون من الضروري إجراء تغييرات كبيرة للاستعداد لمثل هذه الأحداث مستقبلاً.

وقال إدواردو أرارال، الأستاذ المساعد والمدير المشارك بمعهد سياسات المياه بكلية لي كوان يو للسياسات العامة في سنغافورة، إن «على الحكومات قبل كل شيء أن تدرك أن البنية التحتية التي أقامتها في الماضي أو حتى الوحدات الحديثة ضعيفة في مواجهة هذه الأحداث الجوية المتطرفة».

وتقول دراسة منشورة يوم 30 يونيو في دورية «جيوفيزيكال ريسيرش لترز» إن من المرجح أن يؤدي التغير المناخي في أوروبا إلى زيادة عدد العواصف الضخمة بطيئة الحركة التي يمكن أن تستمر لفترة أطول في منطقة واحدة وتتسبب في أمطار شديدة الغزارة مثل ما شهدته ألمانيا وبلجيكا من أمطار.

ومع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض في إطار التغير المناخي فإنه يتشبع بقدر أكبر من الرطوبة، وهو ما يعني زيادة الأمطار. وتوصل باحثون في الدراسة التي أجريت بالمحاكاة عن طريق أجهزة الكمبيوتر إلى أن مثل هذه العواصف ربما تتكرر بحلول نهاية القرن بما يزيد 14 مرة على الوضع الحالي.

وقال فريد هاترمان من معهد بوتسدام لبحوث أثر المناخ: «نحتاج لتدابير تقنية وتدعيم السدود وحواجز الفيضانات. لكننا نحتاج أيضاً لإعادة تصميم المدن».

وأضاف أن ثمة تركيزاً متزايداً على ما يطلق عليه إجراءات «التكيف الأخضر» مثل مناطق تصريف المياه والسهول التي يمكن غمرها بالماء من أجل تقليل سرعة جريان المياه. وتابع «لكن عندما تهطل الأمطار بغزارة شديدة حقاً فربما لا يفيد كل ذلك. ولذا علينا أن نتعلم العيش معها».

ويتكلف تدعيم السدود وإقامة المباني والطرق والبنية التحتية المدنية التي تتحمل الظروف المناخية المليارات. غير أن ثمن الامتناع عن أخذ أي خطوات اتضح من خلال لقطات الهواتف المحمولة لأفراد يكافحون في محطات مترو الأنفاق الغارقة التي وصلت فيها المياه إلى صدور الناس في تشنغتشو أو الصراخ خوفاً من الطين والركام الذي جرفته المياه عبر بلدات ألمانية يرجع تاريخها إلى العصور الوسطى.

وقال كوه تيه يونج، خبير الطقس والمناخ بجامعة العلوم الاجتماعية في سنغافورة، إن من الضروري إجراء تقييم عام للأنهار وشبكات المياه في المناطق المعرضة للتأثر بالتغير المناخي بما في ذلك المدن والمناطق الزراعية.

وأضاف «الفيضانات تحدث عادة بسبب عاملين معاً: الأول هطول أمطار أغزر من المعتاد، والثاني عدم كفاية القدرة الاستيعابية للأنهار في تصريف مياه الأمطار الإضافية المتجمعة».

وفي الصين وشمال غرب أوروبا وقعت الكارثتان بعد فترة أمطار غزيرة على غير العادة تعادل في حالة الصين انهمار كمية الأمطار التي تهطل عادة في عام خلال ثلاثة أيام.