السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«جدلية التصويت».. صراع جديد بين الجمهوريين والديمقراطيين في أمريكا

«جدلية التصويت».. صراع جديد بين الجمهوريين والديمقراطيين في أمريكا

التعديلات الجديدة تدعو إلى مزيد من التصويت المبكر.(أ ف ب)

يقول المثل الروسي الشهير «لا يُبنى الحائط من حجر واحد، ونحلة واحدة لا تجني العسل»، وهو المعنى والمفهوم الذي يجب أن يصل إلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية؛ بعد أن احتدم الجدال والصراع بينهما حول قوانين الانتخابات الجديدة، فالديمقراطيون فشلوا في الحصول على موافقة 60 عضواً في مجلس الشيوخ في يونيو الماضي لتمرير ما أسموه «قانون من أجل الشعب» رغم نجاحهم في شهر مارس الماضي في تمرير تلك التعديلات بشق الأنفس في مجلس النواب، عندما صوت 220 نائباً ديمقراطياً مع القانون، مقابل معارضة 210 نواب جمهوريين.

الديمقراطيون بذلوا جهوداً كبيرة لإقناع بعض المتشككين في القانون الجديد في مجلس الشيوخ، بما فيهم بعض الديمقراطيين أنفسهم، أمثال السيناتور الديمقراطي عن ولاية ويست فرجينيا جو مانشين، واحتاج زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إلى عقد لقاء منفرد مع مانشين لإقناعه بالتصويت على القانون، وفق ما كشف عنه موقع «ذا هيل» الأمريكي.

ويحتاج تمرير قوانين الانتخابات في مجلس الشيوخ قبل أن تحال للموافقة عليها من الرئيس بايدن، إلى موافقة 60% من أعضاء المجلس، وذلك وفق قانون الإجراءات في الكونغرس، وهذا تحدٍ يستحيل تحقيقه في الوقت الحالي بالنسبة للديمقراطيين في ظل رفض 50 سيناتوراً جمهورياً للقانون، يشكلون 50% من مجلس الشيوخ، البالغ عدد أعضائه 100 عضو.

جوهر القانون

ويقوم جوهر القانون الجديد على تسهيل التصويت للناخبين الأمريكيين كحق دستوري، من وجهة نظر الديمقراطيين الذين ينظرون إلى القانون الجديد باعتباره يحد من تأثير «الأموال السوداء» مجهولة المصدر في الانتخابات، ويقلص من التأثير الحزبي على ترسيم دوائر الكونغرس، من خلال تعيين لجنة مستقلة بعيدة عن نفوذ الحزبين تقوم بترسيم حدود الدوائر الانتخابية كل 10 سنوات، ويتم تمويلها من الميزانية الفيدرالية حتى يتحقق لها الحياد والموضوعية.

وتدعو التعديلات الجديدة إلى مزيد من التصويت المبكر، كما يدعو القانون إلى التوسع في التصويت بالبريد، عبر رفض مزيد من القيود التي يريد الجمهوريون إدخالها، مثل إبراز هوية الناخب مصحوبة بصورته.

ويجادل الديمقراطيون بأن التعديلات الجديدة تساهم في وقف التهديدات الخارجية للانتخابات، وتسهّل التسجيل التلقائي للناخبين، ويطالبون بجعل يوم الانتخابات عطلة فيدرالية بما يساعد الموظفين الفيدراليين على التصويت في الانتخابات.

على الجانب الآخر، يرفض الجمهوريون هذا القانون ويعتبرونه باباً لتزوير الانتخابات، أمثال مايك بنس نائب الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي قال إن «القانون الجديد يزيد من فرص تزوير الانتخابات، ويتعارض مع التعديل الدستوري الأول، ويقوض الثقة في انتخاباتنا، ويفسد إلى الأبد أصوات الناخبين الحقيقيين»، كما يرفضه زعماء جمهوريون مثل كيفن مكارثي، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، الذي وصف القانون بأنه «تحايل سياسي غير مسبوق بهدف دعم الديمقراطيين».

وجهة نظر الجمهوريين أن هذا القانون الذي يقع في 791 صفحة، وفقاً لتقرير وكالة «أسوشيتد برس»، يساهم في وصول عدد أكبر من السود والملونين الذين خرجوا من السجون إلى صناديق الانتخابات، والاتجاه التصويتي لهؤلاء يذهب للديمقراطيين وفق حسابات الجمهوريين، فما هي الحلول التي يمكن الذهاب إليها؟ ومدى ارتباط كل ذلك بالرئيس السابق دونالد ترامب؟

3 جبهات

منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، تفجر الصراع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول الإطار والإجراءات التي يجب أن تجري فيها الانتخابات، ويدور الصراع حول قوانين الانتخابات على 3 جبهات رئيسية؛ الأولى: في الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ، والثانية: هي المجالس التشريعية للولايات، والجبهة الثالثة: هي القضاء والمحكمة الدستورية العليا.

ورغم أن الدستور الأمريكي ينتصر للحكومة الفيدرالية عندما تختلف مع حكومة الولايات، فإن قوانين الانتخابات تنظمها عادةً المجالس التشريعية للولايات، ولهذا أعلن البيت الأبيض أن وزارة العدل سوف تطعن في المحكمة الفيدرالية على قوانين الانتخابات التي تقرها الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون، كما قالت المحكمة العليا التي بها أغلبية جمهورية، إنها من غير المحتمل أن تؤيد قانون حقوق التصويت لعام 1965، وهو أساس التعديلات التي يطرحها الديمقراطيون.

قاعدة التعطيل

يتعرض الرئيس بايدن لضغوط شديدة من جانب الليبراليين ودعاة الحقوق المدنية من أجل تمرير التعديلات الجديدة حتى لو اضطره ذلك إلى إلغاء «قاعدة التعطيل» التي تشترط موافقة 60 نائباً من أصل 100 في مجلس الشيوخ، ويطالب هؤلاء بالاكتفاء بالأغلبية البسيطة وهي 51 نائباً فقط، وهو ما يتوفر للديمقراطيين في الوقت الحالي، من خلال تساوي الديمقراطيين والجمهوريين بـ50 نائباً، وفي تلك الحالة يمكن أن تحضر نائبة الرئيس كامالا هاريس، جلسة التصويت، وترجح قائمة الديمقراطيين.

وحثت 150 منظمة من منظمات الحقوق المدنية، الرئيس بايدن، على القبول بهذا الخيار، بحسب نيويورك تايمز، لكن بايدن لا يحبذ هذا الخيار حتى الآن، ويفضّل تمرير القانون من خلال النقاش وإقناع الجمهوريين، بحسب تصريحات سابقة لبايدن، كما يعارض هذا المسار السيناتور الديمقراطي، جو مانشين، والسناتور الديمقراطية من أريزونا، كيرستن سنيما، التي قالت في مقال نشرته في صحيفة «واشنطن بوست»، إن قاعدة «التعطيل» تفرض الاعتدال، وتساعد على حماية البلاد من التقلبات الشديدة.

ظل ترامب

يشكل الإعلان الدائم من جانب الرئيس السابق دونالد ترامب، بأن الانتخابات السابقة تم تزويرها، دافعاً كبيراً لحكام الولايات من الجمهوريين أو المجالس التشريعية التي يسيطر عليها الجمهوريون، لاستصدار قوانين لتقييد التصويت، كما هو الحال في ولاية جورجيا التي أعلنت أن الأوضاع بدأت تعود لطبيعتها لما قبل جائحة كورونا، وهو ما ينبغي منع أي إجراءات كانت استثنائية خلال انتخابات 2020.

وشهدت انتخابات ٢٠٢٠ عدداً من الإجراءات الاستثنائية في عمليات تصويت الناخبين من بينها التصويت بشكل واسع عن طريق البريد، وكذلك التصويت الغيابي الذي يسمح للشخص الذي يخشى من الإصابة بفيروس كورونا أن يرسل بطاقة تصويته مع زوجته أو أحد جيرانه.

وخلال عام 2021 بدأت المجالس التشريعية في 43 ولاية أمريكية يسيطر عليها الجمهوريون، في مناقشة 253 مشروع قانون حول الانتخابات، بما في ذلك الولايات المتأرجحة حسب مركز «برينان للعدالة» في جامعة نيويورك، ويتذكر الجميع المعركة الحامية التي دارت بين ترامب وبايدن على أصوات ولاية جورجيا التي تمت إعادة فرز أصواتها للتدقيق في نتائج انتخابات 2020، وفاز فيها بايدن بفارق 12 ألف صوت، كما جرت الإعادة فيها حول مقعدي مجلس الشيوخ، اللذين فاز بهما جون أوسوف، ورافاييل وارنوك، من الحزب الديمقراطي.