الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

خبراء لـ«الرؤية»: تحديات عديدة تواجه حكومة لبنان الجديدة

خبراء لـ«الرؤية»: تحديات عديدة تواجه حكومة لبنان الجديدة

(أ ف ب)

اجتمعت الحكومة اللبنانية الجديدة، التي تشكلت بعد أكثر من عام من الجمود السياسي، أخيراً للمرة الأولى يوم الاثنين، حيث حلت محل حكومة تصريف أعمال استقالت عقب انفجار مرفأ بيروت الضخم العام الماضي.

وقال رئيس الوزراء اللبناني الجديد نجيب ميقاتي، الذي تولى المنصب الأسبوع الماضي متعهداً بإحياء المحادثات مع صندوق النقد الدولي لفتح الباب أمام تلقي بلاده لمساعدات: «ليس هناك وقت لتضييعه» ولا سبيل سهلاً للتعامل مع أسوأ انهيار اقتصادي في التاريخ.

وتابع قائلاً في بيان: «صحيح أننا لا نملك عصا سحرية، فالوضع صعب للغاية، ولكن بالإرادة الصلبة والتصميم والعزم والتخطيط نستطيع جميعاً، كفريق عمل واحد، أن نحقق لشعبنا الصابر والمتألم بعضاً مما يأمله ويتمناه».

وتعهد ميقاتي بأن يعمل جاهداً لحل أزمات الوقود والدواء، التي تقلصت إمداداتهما مع انخفاض احتياطات العملة الأجنبية في البلاد التي تعتمد بشكل كبير على الواردات. وقال «سننكب على معالجة موضوع المحروقات والدواء بما يوقف إذلال الناس».

ويأمل اللبنانيون في أن تتمكن الحكومة الجديدة أخيراً من رسم طريق للخروج ببلادهم من الأزمة التي شهدت تراجع قيمة العملة بنحو 90% منذ أواخر 2019 ودفعت بثلاثة أرباع السكان إلى الفقر.

ورحبت حكومات غربية من بينها الولايات المتحدة وفرنسا بتشكيل الحكومة اللبنانية، وحثتها على الإسراع بتطبيق إصلاحات طالب بها المقرضون الدوليون حتى يتسنى تقديم قروض إلى لبنان.

وكان ميقاتي قد قال من قبل إن استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي سيكون من الأولويات. وقال يوم الجمعة إن التناحر السياسي يجب أن يوضع جانباً، وإنه لا يمكن أن يذهب إلى محادثات مع صندوق النقد الدولي إذا واجه معارضة في الداخل.

وفي دفعة للحكومة الجديدة، قالت وزارة المالية اللبنانية، الاثنين، إن المصرف المركزي سيتسلم 1.135 مليار دولار في 16 سبتمبر من حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي، وهو ما يزيد على 860 مليون دولار كانت متوقعة في إطار المخصصات العامة من الصندوق.

وقال بيان صادر عن الوزارة إن المخصصات الجديدة من حقوق السحب الخاصة تشمل 860 مليون دولار عن عام 2021 و275 مليون دولار عن 2009.

كانت المحادثات بين لبنان وصندوق النقد الدولي قد انهارت الصيف الماضي مع تنازع السياسيين والبنوك بشأن نطاق الخسائر الفادحة المدرجة في خطة التعافي المالي الحكومية التي أيدها الصندوق.

وأخفقت الحكومة السابقة في تنفيذ إصلاحات هيكلية يطالب بها المانحون منذ سنوات بما يشمل إجراءات للتصدي للفساد والهدر.

وفي السياق ذاته، أكد سياسيون وخبراء أن الحكومة الجديدة، إذا ما استطاعت إعادة الحياة اليومية لشكلها الطبيعي، وتأمين احتياجاتهم من غذاء وكهرباء ودواء ونفط، فإنها ستكون معبراً لاستقرار الوضع في لبنان تمهيداً لترتيب المشهد السياسي في البلد بعد تصاعد أزمته متعددة الأبعاد.

وقال نائب رئيس حزب الاتحاد اللبناني، أحمد مرعي: «إن الحكومة الجديدة تشكلت بعد مخاض عسير، وتداخلت في أمر تشكيلها عوامل داخلية وإقليمية ودولية كان أبرزها، الدور الفرنسي الضاغط، واتصال باريس بعواصم دولية وإقليمية معنية بالشأن اللبناني»، وأضاف أنه وبغض النظر عن التوازنات داخل تلك الحكومة فإن أمر تشكيلها كان ضروريا لإدارة الشأن العام في الوقت الذي ينتظر لبنان استحقاقات دستورية، وكذلك رفع الدعم عن السلع الأساسية ومنها المحروقات، وعدم توفر مواد ضرورية مثل الوقود والغاز، وأزمة إدارة الحوار مع البنك الدولي».

وأضاف لـ«الرؤية» قائلاً: «مدة الحكومة 8 أشهر، وبالتالي فإن عمرها قصير على مهمات الإنقاذ الوطني، فهي حكومة للإشراف على الانتخابات، ووقف سرعة الانهيار الاقتصادي والمالي، والشارع منقسم حول قدرة النظام السياسي على إخراج البلاد من أزمته، وأي حكومة في ظل هذا النظام لن يكون لها دور حاسم في معالجة أزمات الوطن؛ فأزمة لبنان لا تقتصر على الحكومة أو شكلها بقدر ما هي أزمة نظام سياسي يولد طبقة محمية بمكونات طائفية».

من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بلبنان، الدكتور رائد المصري: «كان لا بُدَّ من تشكيل الحكومة الوليدة، لأن القوى السياسية في لبنان، والأحزاب المتصارعة، مختلفة على الصلاحيات، وغير عابئة بأنها أمام استحقاقات نيابية ورئاسية، وبالتالي كل كتلة سياسية تحاول الحفاظ على مكاسبها، والوضع يهدد بكارثة خطيرة ومجاعة حقيقية، لذا كان لا بُدَّ من تشكيل هذه الحكومة، التي ستكون معبراً للانتخابات البرلمانية المقبلة في مايو 2022».

وأضاف لـ«الرؤية» قائلاً: «هناك صعوبة في قيام الحكومة بإصلاحات حقيقية، رغم أن العالم والدول العربية يتطلعون إلى أن تقوم الحكومة الجديدة بإجراءات إصلاحية، حيث ستكون معبراً لتهدئة الشارع قليلاً، ولتأمين احتياجات الكهرباء والنفط والخبز والأدوية لحد ما، وصولاً للانتخابات النيابية المقبلة، والتي ستفرز خريطة برلمانية، على أساسها يعاد تنظيم الكيان السياسي، وستكون الكلمة الفاصلة للشعب اللبناني في هذه الانتخابات، كما أن هناك تحديات كبيرة الحكومة الجديدة، أهمها التعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية».

ومن جانبها، تقول أستاذة إدارة الأعمال بالجامعة اللبنانية في بيروت، الدكتورة جنى بدران: «الشارع يراقب ويترقّب، ويعول على الحكومة الجديدة، لتأمين الاحتياجات الأولية من دواء ومازوت وبنزين ومواد غذائية، وتحسين الظروف المعيشية، ووقف الانهيار المالي والاقتصادي، وإعادة أموال الشعب المحجوزة في المصارف، ودعم تحقيق شفّاف بانفجار ميناء بيروت، وإعادة لبنان للحضن العربي وتدعيم صداقاته الخليجية التاريخية».