السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

بريطانيا والإمارات.. مصالح اقتصادية هائلة وآفاق واسعة لتعزيز العلاقات

بريطانيا والإمارات.. مصالح اقتصادية هائلة وآفاق واسعة لتعزيز العلاقات

تكشف المسيرة الطويلة للعلاقات البريطانية الإماراتية وجود خصوصية كبيرة تتمتع بها العلاقة بين البلدين في كافة المجالات السياسية والدفاعية والاقتصادية والتعليمية، تعززت بشكل قوي منذ أن زارت الملكة إليزابيث الثانية الإمارات في فبراير عام 1979 بدعوة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- والذي زار لندن عام 1989.

وتشكل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى بريطانيا في هذا التوقيت التنسيق الكامل الذي وصلت إليه هذه العلاقة وهو ما ترجمته الوقائع على الأرض، حيث لعبت الإمارات الدور الأكبر في إجلاء الرعايا والدبلوماسيين والجنود البريطانيين ومعاونيهم من الأفغان عبر المطارات الإماراتية، وما كان يمكن أن ينجح هذا الأمر دون الدعم الإماراتي، بحسب تقييم وزير الخارجية البريطاني المنتقل لوزارة العدل، دومينيك راب، والسفير البريطاني في الإمارات، باتريك مودي.

ورغم التحديات التي تمثلها المتغيرات الدولية والإقليمية الجديدة مثل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، أو إنهاء العمليات القتالية للجيش الأمريكي في العراق بنهاية العام الجاري، إلا أن تلك التحديات يمكن أن تتحول إلى فرصة ورافعة سياسية نحو تعزيز العلاقات الإماراتية البريطانية خلال الفترة المقبلة، فالحكومة البريطانية التي قادت المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي «البريكست» تؤمن بأنها تستطيع فتح مجالات جديدة ومساحات أوسع من التعاون والصداقة مع شركائها الإقليميين، وفي مقدمتهم دولة الإمارات.

وضمن فعاليات زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى بريطانيا، قدم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون التهاني إلى دولة الإمارات بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسها، كما رحبت لندن بالتقدم الذي أحرزته العلاقات الثنائية خلال هذه الفترة، وأعربت عن ثقتها العالية بمستقبل هذه العلاقات، كما تم التنويه بالفرص التي انبثقت من العلاقة الاستراتيجية العميقة بين البلدين.

وفي هذه الزيارة اتفق الجانبان الإماراتي والبريطاني على إقامة شراكة من أجل المستقبل لتوسيع وتعميق العلاقات الثنائية.

وفي مجال السياسة الخارجية والقضايا الإقليمية والدفاع والأمن، جددت دولة الإمارات والمملكة المتحدة التزامهما بتعميق شراكتهما الاستراتيجية في السياسة الخارجية والقضايا الإقليمية والأمنية والدفاعية، وأعلنتا عن إطلاق الحوار الاستراتيجي، والذي سيعزز التعاون في مجالات التعليم والثقافة وتغير المناخ والتعاون متعدد الأطراف إضافة إلى القضايا الأمنية، وفق وكالة الأنباء الإماراتية.

ولم يفوت رئيس الوزراء البريطاني، الفرصة، لتهنئة دولة الإمارات على انتخابها عضواً غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة ما بين 2022-2023. وأكد على التزام البلدين بالعمل معاً في مجلس الأمن لتعزيز السلم والأمن الدوليين والتصدي للتهديدات الأمنية على المستوى الدولي.

وركزت المباحثات بين الجانبين على الآثار الاستراتيجية طويلة الأجل للتعافي العالمي من جائحة (كوفيد-19).

وفيما يخص القضايا الإقليمية، اتفق البلدان على الاستمرار في تعاونهما الوثيق، بما يشمل مجالات الأمن والتنمية والشؤون الإنسانية. وشددا على أهمية الاتفاق الإبراهيمي في المساهمة في تعزيز السلم والأمن الإقليميين، وأكدا مجدداً التزامهما بحل الدولتين من خلال التفاوض لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة وثيقة الصلة.

وحول الوضع في أفغانستان أعرب الجانبان عن قلقهما تجاه تطورات الوضع الأفغاني، وأكدا التزامهما بالحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومنع تجدد الإرهاب، كما شددا على ضرورة حماية حقوق النساء والفتيات الأفغانيات وعلى أهمية الحفاظ على حقوقهن.. والتزم الجانبان بالعمل معاً للحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية في أفغانستان ودعم اللاجئين، كما اتفقا على زيادة التعاون لضمان سلامة وأمن التجارة البحرية وإمدادات الطاقة.

وتعمل الإمارات وبريطانيا على تحقيق سلسلة من الأهداف المشتركة والمتناغمة في مقدمتها دعم الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط والعالم، وإرساء الأمن الدولي من خلال التعاون المعلوماتي بين الإمارات والمؤسسات الحكومية البريطانية لمكافحة الإرهاب، كما أن الإمارات وبريطانيا شركاء في التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا والعراق، والذي تأسس في سبتمبر 2014، ويعملان معاً من أجل تطوير التعاون التقني والمشاريع المتخصصة في تدريب الضباط والطلبة الإماراتيين، وذلك بحسب السفارة الإماراتية في لندن.

ومثل تعزيز التعاون الاستثماري والاقتصادي بين البلدين أحد أهم الأهداف التي تعمل عليها قيادتا البلدين؛ حيث أعلنت شركة «مبادلة القابضة» أن الإمارات تعتزم استثمار 10 مليارات جنيه استرليني (نحو 13.8 مليار دولار) في بريطانيا في السنوات الخمس المقبلة، حسب بيان لشركة مبادلة للاستثمار، بعد التوقيع على الاتفاقية مع مكتب الاستثمار في المملكة المتحدة، وهو استمرار للنهج الإماراتي للاستثمار في القطاعات الحيوية في الاقتصاد البريطاني، والذي نراه في مجالات كثيرة، منها على سبيل المثال شراء مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار، نادي مانشستر سيتي لكرة القدم 2008، كما تملكت موانئ دبي العالمية مجموعة بي آند كيو البريطانية، وحازت على عقد تطوير ميناء لندن جيتواي (London Gateway) بكلفة 1.5 مليار جنيه استرليني لإنشاء أول ميناء حاويات عميق المياه في القرن الحادي والعشرين في أوروبا عام 2003، كما وصل حجم التجارة بين البلدين إلى 72 مليار درهم عام 2013، حسب بيانات السفارة الإماراتية في لندن.

وتحتل الإمارات مكانة متميزة لدى المواطن البريطاني، وتتمتع بصورة نمطية إيجابية للغاية دفعت أكثر من 100 ألف بريطاني للإقامة في الإمارات العربية المتحدة، كما يزور الإمارات سنوياً نحو مليون بريطاني، وهي نفس الصورة الإيجابية التي تتمتع بها بريطانيا لدى المواطن الإماراتي، حيث يزور نحو 50 ألف إماراتي بريطانيا سنوياً، حسب وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية.

كل هذا يؤكد أن هناك آفاقاً لا تنتهي لتعزيز وتطوير العلاقة الاستراتيجية الراسخة بين الإمارات وبريطانيا بحسب تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على تويتر، عقب انتهاء مباحثات سموه مع بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، الخميس.