الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

التغير المناخي.. ملف يؤرق «السكان الأصليين» في الانتخابات الكندية

التغير المناخي.. ملف يؤرق «السكان الأصليين» في الانتخابات الكندية

مكافحة التغيرات المناخية.. على رأس أولوياتهم. (أ ب)

تعززت آمال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من جديد قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة، غداً الاثنين، رغم تقارب نسب التأييد لحزبه الليبرالي، ومنافسه المنتمي لحزب المحافظين، بحسب أحدث استطلاع للرأي كشف عن تمتع الحزب الليبرالي الحاكم بدعم نحو 32% من الناخبين، مقابل 30% لحزب المحافظين، فيما حصد الحزب الديمقراطي الجديد اليساري تأييد 20%.

ومنذ أن دعا ترودو إلى إجراء الانتخابات، تفاعل الرأي العام لتقييم أداء حكومته خلال الفترة الماضية في مختلف الملفات الاقتصادية والصحية والتعليمية والسياسية. ومن بين هذه الملفات، ما زالت قضايا «السكان الأصليين» تتصدر أولوية «الشعوب الأولى» في كندا، لا سيما مع تفاقم تداعيات التغيرات المناخية حول العالم، إذ يعتبر «الكنديون الأصليون» أنهم من أوائل من نادوا بالحفاظ على البيئة والحياة الطبيعية، التي هم في الأصل ينتمون إلى محمياتها.

يقول كوري ويسلي (40 عاما)ً، إنه باعتباره من السكان الأصليين، فإن قضية التغير المناخي تمثل له واحدة من أهم الأولويات. فخلال الصيف الماضي، سُجل رقم قياسي في ارتفاع درجات الحرارة (في مقاطعة أونتاريو التي يمثل الكنديون الأصليون 2.4% من سكانها)، كما وصلت معدلات الجفاف إلى درجات غير مسبوقة».

وأضاف ويسلي في حديث لـ«الرؤية»: «قدت سيارتي في رحلة من أونتاريو إلى ساسكاتشيوان في أغسطس الماضي، وفوجئت أن كل البحيرات التي اعتدت مشاهدتها على الطريق تبخرت، ولم يتبق سوى قاع من طمي جاف».

حتى الآن، يعيش كثير من السكان الأصليين في مجتمعات منفصلة ونائية «تفتقر إلى الطرق المعبدة أو خطوط القطارات». ويقول ويسلي وهو صاحب مشروع خاص: «تكاد تكون مروحيات الغابات الصغيرة هي وسيلة تنقلهم الوحيدة إلى المدينة.. لذا فإن توفير وسائل نقل تعمل بالطاقة المتجددة لتقليل اعتمادهم على الديزل يعد مطلباً مُلحاً للسكان الأصليين».

وما زال هؤلاء السكان يعتمدون على وقود الديزل للإنارة وتشغيل البنية التحتية، «الأمر الذي يضر ببيئهم المحيطة»، بحسب ويسلي، موضحاً: «ما يزيد الأمر سوءاً أن هذا الوقود يتم نقله عبر شاحنات لا يمكنها الوصول إليهم سوى في الشتاء، لتعبر فوق البحيرات بعدما تتحول إلى جليد. لكن مع الاحترار المناخي، تذوب البحيرات مبكراً ما أدى ذات مرة إلى انقلاب شاحنة الوقود وتلوث محمية بحيرة بريستين».

ويضيف ويسلي أن «حرائق الغابات باتت تشتعل في غابة بوريال أكثر من أي وقت مضى، والسكان يريدون إجلاء مجتمعاتهم هناك، لكن الحكومة ترفض استضافتهم في أي مكان آخر. لذا، ليس لديهم سوى التعايش مع حرائق الغابات في الصيف، وفيضانات الأنهار في الربيع».

وأشار ويسلي إلى أن توفير مياه نظيفة أيضاً هو مطلب لا يقل أهمية، إذ تعاني مجتمعاتهم حتى الآن من عدم وجود مياه شرب صالحة للاستخدام الآدمي، «ما زالوا يغلون المياه قبل استخدامها في الطهي». ويقول: «ترودو يعدنا منذ 8 أعوام بأن مجتمعاتنا ستحصل على مياه نظيفة. لكن شيئاً لم يتحقق حتى الآن من وعوده».

في المقابل، ترى جانيس جوديت، مستشارة تجميل تعيش في سمرسايد، أن حكومة ترودو قدمت الكثير، وأن مجتمعات السكان الأصليين يبالغون أحيانا في مطالبهم، وأعربت عن اعتقادها بأنهم يسعون إلى «اجتثاث الماضي الذي لا يمكن تغييره، لكن يمكن التعلم منه»، داعية إياهم إلى «الحوار وتقديم تنازلات».

ودافعت جوديت، في حديث لـ«الرؤية»، عن ترودو قائلة: «حكومته ساعدت في اجتياز أزمة كوفيد بنجاح، اقتصادياً واجتماعياً. كثيرون تلقوا معونات مادية خلال الجائحة لدرجة أنهم لا يرغبون في العودة إلى أعمالهم الآن، فبات تشغيل العمالة هو ما يشكل أزمة». وضربت مثالا بـ«المجال الصحي، الذي يفتقر إلى طواقم أطباء وممرضين».

بدورها، أثنت مونيكا باتسرناك (40 عاماً)، من مقاطعة مانيتوبا، على سرعة تجاوب حكومة ترودو مع الأزمة «من حيث سرعة اتخاذ قراري الإغلاق ثم تخفيف القيود. كان تصرفاً متوازناً لإبقاء أصحاب الأعمال الصغيرة من جهة، وصحة المواطن من جهة أخرى، على رأس أولويات التعامل مع الأزمة».

لكنها اعتبرت أن «أياً كان ما قدمه ترودو لمشروع المصالحة مع السكان الأصليين لن يكون كافياً». وأوضحت لـ«الرؤية»: «ستظل كندا تدفع ثمن ما حصل لهم في الماضي، أي اعتذار سيكفيهم!». في الوقت نفسه، لفتت إلى أنها تلاحظ تطوراً في المناهج التعليمية، التي باتت تتحدث أكثر عن تاريخ السكان الأصليين، وختمت: «ابنتي تعلم عنهم أكثر مما كنت أعي وأنا في عمرها».

من جانبه، قال نيك أسد (مهندس - 42 عاماً) لـ«الرؤية» إن أداء حكومة الليبراليين «مُرضٍ، لكنه ليس مذهلاً. فقد أوفوا ببعض الوعود ونكثوا ببعضها الآخر. على مستوى المصالحة الوطنية، أحدثوا تغييرات كثيرة على الأرض. لكن على مستوى مكافحة التغير المناخي، كان أداؤهم ضعيفاً للغاية. تفاقُم أزمة المناخ أكثر ما يعنيني ويحبطني من هذه الحكومة».