الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«الذئاب المنفردة».. خطر يتصاعد في وجه أوروبا

«الذئاب المنفردة».. خطر يتصاعد في وجه أوروبا

أزعجت الخطوات الألمانية التنظيمات الإرهابية وخاصة تنظيم الإخوان - أ ف ب.

تواجه أوروبا خطر الإرهاب على 3 مستويات؛ يأتي في مقدمتها خطر العائدين من الخارج، خاصة من المخيمات التي تؤوي عائلات الدواعش في العراق وسوريا، مثل مخيم الهول، كما تتحسب أوروبا للموجة الجديدة من المهاجرين القادمين من أفغانستان، والتخوف يأتي من أن يندس بينهم عناصر إرهابية، وهو الخطر الذي حذر منه رئيس وكالة مراقبة الحدود الأوروبية «فرونتكس»، فابريس ليغيرس، والذي طالب أوروبا بحماية نفسها وحدودها الخارجية من خطر هؤلاء المندسين، وهو الأمر الذي اتفق معه تماماً رئيس وزراء سلوفانيا، يانيز يانشا، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، أما الخطر الثالث فيأتي من العناصر المتطرفة التي تقيم في أوروبا أو تحمل الجنسيات الأوروبية، والتي تتلقى تمويلات خارجية، بحسب الكثير من تقارير أجهزة الأمن الأوروبية.

أما الخطر الإرهابي الأكبر الذي تستعد أوروبا لمواجهته مع التعافي التدريجي من جائحة كورونا، هو عودة «الذئاب المنفردة»، وهي العناصر التي تقوم بعمليات إرهابية نتيجة اعتناقها الفكر المتطرف دون تلقي مساعدة مباشرة من قيادة داعش أو القاعدة، فبعد يومين فقط من تنفيذ أحد الذئاب المنفردة عملية «القوس والسهم» التي قتل فيها 6 ضحايا في 13 أكتوبر الجاري في بلدة كونغسبرغ، على بعد 70 كيلومتراً غربي العاصمة النرويجية أوسلو تم اغتيال النائب البريطاني الذي ينتمي لحزب المحافظين، ديفيد أميس.



وتؤشر تلك الجرائم إلى استئناف هذه النوعية الخطيرة من العمليات الإرهابية التي انتشرت في القارة العجوز، عندما منعت الدول الأوروبية تلك العناصر من السفر إلى سوريا والعراق، فتحولت استراتيجية هذه الجماعات الإرهابية لإبقاء عناصرها وتنفيذ عملياتها في الداخل الأوروبي، وبالوسائل المتاحة مثل السكاكين أو الشاحنات، كما حدث في حادث نيس الإرهابي، الذي وقع في يوليو 2016، وراح ضحيته 86 قتيلاً، وهناك تقديرات متطابقة تقول إن أوروبا سوف تشهد خلال الفترة المقبلة المزيد من العمليات الإرهابية، وفق ما توصل إليه مرصد مكافحة الإرهاب، بمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تحت عنوان «دول الاتحاد الأوروبي ومواجهة الفكر المتطرف»، فما هي أبعاد ودلالات عودة «الذئاب المنفردة» و«الخلايا النائمة»؟ وهل تبلور لدى أوروبا «مقاربة جديدة» للتعامل مع تلك الأخطار؟

استغلال الجائحة



استغلت التنظيمات المتطرفة انشغال الدول الأوربية بجائحة كورونا، وعملت هذه التنظيمات بقوة على مزيد من حشد العناصر والتعبئة الفكرية بهدف تنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية الفردية «الذئاب المنفردة»، ورغم الإقرار بمحدودية الموارد التي تملكها الخلايا الإرهابية النائمة إلا أنها تشكل تحدياً أمنياً كبيراً لأجهزة المخابرات الأوربية التي يصعب عليها التعرف على تلك العناصر، وفق دراسة للمركز الأوروبي لدراسات الإرهاب والاستخبارات، والتي قالت إن تهديد الذئاب المنفردة في أوروبا يتسم بالتعقيد والتنوع والتطور، وهو ما فرض على أجهزة الأمن الأوروبية استخدام وسائل وتكنيكيات جديدة لملاحقة الذئاب المنفردة والخلايا النائمة.

صحوة أوروبية



نتيجة لكل هذه المخاطر بدأت الدولة الأوروبية صحوة جديدة لاقتلاع جذور الإرهاب منها، حيث رفعت الحكومة النمساوية الميزانية الأمنية لعام 2022 إلى رقم قياسي لم تبلغه من قبل، وهو 3.2 مليار يورو، وفق تصريح لوزير الداخلية النمساوي، كارل نيهمر، وهو أحد الإجراءات النمساوية رداً على العملية الإرهابية التي وقعت في قلب فيينا في 2 نوفمبر الماضي.

وتعاني النمسا من زيادة منسوب التطرف في أكثر دول أوروبا أماناً، حيث سافر نحو 150 نمساوياً للانضمام إلى الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، حسب تصريح للمستشار النمساوي السابق، سيباستيان كورتز، وتشن فرنسا حملة متكاملة الأركان ضد التنظيمات المتطرفة منها بدء محاكمة المتورطين في هجمات باريس التي وقعت في نوفمبر عام 2015، وأسفرت عن مقتل 130 شخصا، وإقرار قانون مناهضة «الانعزالية وحماية قيم الجمهورية» وحظر أنشطة الجمعيات والمدارس التابعة للإخوان والتنظيمات الإرهابية الأخرى مثل منظمة «بركة سيتي»، بالإضافة إلى إغلاق 73 مدرسة ومؤسسة خاصة لدواعي تتعلق بـ(مكافحة التطرف)، وفق ما أعلنه وزير الداخلية الفرنسية، جيرالد دارمانان.

وأزعجت الخطوات الألمانية التنظيمات الإرهابية، وخاصة تنظيم الإخوان، بعد أن حظرت ألمانيا نشاط منظمة «أنصار الدولية» التي ثبت أنها تمول وتدعم العمليات الإرهابية داخل وخارج ألمانيا، وأن جماعة «أنصار الدولية» أحد أذرع الإخوان في ألمانيا قامت بتوفير دعم لجبهة النصرة التابعة للقاعدة في سوريا، وحركة الشباب الصومالية، وفق بيان لوزير الداخلية الألماني، هورست زويهوفر، الذي كشف أن ألمانيا أحبطت 23 عملاً إرهابياً منذ عام 2000، كما حظرت الحكومة الألمانية استخدام الرموز والشعارات التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية مثل داعش والإخوان والقاعدة، ويحظر هذا القانون عرض أو حمل أو توزيع شعارات هذه الجماعات في الأماكن العامة، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وترى الحكومة والاستخبارات الألمانية في تنظيم وفروع جماعة الإخوان خطراً كبيراً على المجتمع والديمقراطية الألمانية، لدرجة أن جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني ينظر لتنظيم الإخوان باعتباره أخطر من داعش والقاعدة، ووفق تقييم رئيس جهاز الاستخبارات في ولاية شمال الراين فيستفاليا، بوركهارد فرايير، والذي قال «على المدى المتوسط قد يكون خطر تنظيم الإخوان أكبر على الديمقراطية الألمانية مقارنة بأتباع تنظيمات إرهابية أخرى مثل القاعدة أو داعش»، وفق ما نقله موقع «فوكوس أونلاين» الألماني.