الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

رجال الإطفاء.. ضحايا آخرون لظاهرة التغير المناخي

تشهد عدة دول ومناطق سنوياً اندلاعاً عنيفاً في حرائق الغابات التي يؤكد العلماء أن ظاهرة التغير المناخي عامل رئيسي يقف وراء اندلاعها.

وبات رجال الإطفاء الذين يقفون على خط المواجهة بينما العالم يحترق، ضحية جديدة من ضحايا التغير المناخي، فغالباً ما يتعرضون للإصابات والصدمات النفسية وحتى الموت أثناء تعاملهم مع هذه الحرائق دون معدات أو دعم مناسب، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

ويقول بابيس زكارس وهو متطوع في خدمة الإطفاء اليونانية، إن الحرائق باتت تستهلك الكثير من الموارد، وفي المقابل لا توجد أموال كافية لتجنيد عدد إضافي من رجال الإطفاء أو شراء المعدات اللازمة للمتطوعين الذين يسدون الفجوة.

وأضاف بابيس للغارديان، أنه لكي يصبح متطوعاً مع شرطة الإطفاء اليونانية، يشترط عليه أن يخضع لتدريب لمدة 120 يوماً، يعمل خلالها في البيئات الحضرية، ويتعامل مع الحوادث وعمليات الإنقاذ وحرائق المنازل والمصانع بالإضافة إلى حرائق الغابات.

كما يجب عليه أن يعمل لمدة 3 أيام على الأقل في الشهر، وفي نفس الوقت يعمل مهندساً مدنياً بدوام كامل.

وتابع قائلاً إنه على مدى السنوات الست الماضية، انتشرت حرائق الغابات في اليونان، وشارك في إخمادها آخر مرة في أوائل أغسطس الماضي حيث تم استدعاء جميع خدمات الإطفاء في أثينا بعد احتراق العديد من المباني والغابات.

ويروي بابيس شعوره عندما رأى النار تندلع وتشتد، وقال إن شعوره الأول كان هو الغضب، ولم يستطيع تقبل دمار الغابات التي يحبها، وعندما اشتدت النيران، شعر هو وفريقه بالعجز، ويقول إنه في إحدى الفترات نفد الماء والكهرباء لديهم واضطروا إلى التراجع.

ومن ناحية أخرى توفي صديق بابيس المتطوع أيضاً في خدمة شرطة الإطفاء، حيث اشتعلت النيران في السيارة التي كان يستقلها، وشعر جميع الفريق بالحزن والعجز.



أما عن الأجر، فأوضح أن المتطوعين لا يتقاضون أجراً، وأشار إلى أن الدولة تقوم بتزويد العاملين بخدمات الإطفاء ببعض المعدات، ولكن ليس كل ما هو مطلوب، لذلك يضطر لشراء بعض المعدات الخاصة به.

ومن أستراليا، قال سكوت فينن الذي يعمل في خدمة الإطفاء في تسمانيا، إن موسم حرائق الغابات بات يبدأ مبكراً ويستمر لفترة أطول، وهو دليل على أن العالم بات يعاني من فترات جفاف أطول.

ويقول عن تجاربه في إخماد حرائق الغابات، إنه في عام 2016 كان يساعد في إخماد حريق في مكان بعيد واضطر فريقه لاستخدام طائرة هليكوبتر، إلا أنهم لم يكونوا قادرين على الهبوط بسبب النيران، وحينها اضطر للقفز بحقيبة الظهر التي يضع بها الأدوات والطعام والماء.



ويقول إن ظروف الطيران غالباً تكون خطيرة وصعبة أثناء الحريق، وذلك لوجود العديد من الدخان والنار التي تولد الرياح، وأوضح أنه مؤخراً تم إنشاء آلية تمكن من الإنقاذ عن بعد كجزء من عملية مكافحة الحرائق في المناطق النائية.

أما سونيا كوساتشيفا من روسيا، فاكتشفت شغفها في مكافحة حرائق الغابات في عام 2010 عندما سألها أحدهم عما إذا كانت مهتمة بالتطوع.

وتقول سونيا إنه يوجد العديد من الخدمات المخصصة لمكافحة الحرائق في المدن والغابات والمحميات الطبيعية، وتقول إن أحد أهم المعوقات التي تواجه قطاع الإطفاء في روسيا، هي المساحة الكبيرة، مقابل الميزانية المتواضعة المخصصة لمكافحة الحرائق في كافة أرجاء البلاد.

وأشارت إلى أن العام الجاري كان قياسياً من حيث حجم حرائق الغابات، وذلك بعد اندلاع موجات حر غير طبيعية في منطقة القطب الشمالي، وتقول إن الناس هم من يتسببون بتلك الحرائق، ولكن أزمة المناخ تساهم في انتشارها على صعيد كبير.

وتضيف أنه في يونيو الماضي تم استدعاؤها لمكافحة حريق في إحدى محميات جبال الأورال، وكان عليها القيادة لمدة تزيد على 48 ساعة من موسكو إلى المحمية هي وفريقها، وعندما وصلوا، كان الحريق قد امتد على مساحة تزيد على 40 هكتاراً، واضطروا لعبور أحد الأنهار، ومن ثم السير على الأقدام لمدة ساعتين حتى ارتفاع 600 متر، واستغرقت مدة إخماد الحريق 10 أيام شارك بها 100 شخص.

وتحدث تجالي بورسما من بوليفا عن أسوأ تجربة واجهته خلال عمله كرجل إطفاء، والتي لا تزال الكوابيس تراوده بسببها حتى الآن.

ويقول إنه في عام 2016، كانت الحرائق شديدة جداً ولم تكن لدينا المعدات المناسبة، حينها لم يصب أحدهم، ولكن معظمهم أصيب بالجفاف والصداع الشديد لمدة يومين بعد ذلك.

أما آنا ماتيلا، التي تعمل في خدمات الإنقاذ في فنلندا، فتقول إنه قبل 10 سنوات كانوا يتعاملون مع حريقين أو 3 كل عام، بينما الآن بات فريقها يتعامل مع 20 إلى 30 حريقاً كل عام.

وتقول إنها أمضت أسوأ مرحلة في حياتها المهنية في يوليو الماضي، عندما تعاملت مع حريق اندلع في منطقة نائية في شمال غرب فنلندا، ودمر أكثر من 300 هكتار.

وتابعت أنه عمل في إخماد هذا الحريق أكثر من 100 رجل إطفاء على مدار الساعة لمدة أسبوعين تقريباً.