الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«مائدة الكريسماس».. أحدث ضحايا «بريكست» في بريطانيا

«مائدة الكريسماس».. أحدث ضحايا «بريكست» في بريطانيا

الأزمة «جلبت بريكست على موائد» الكريسماس. (أف ب)

يلملم أكتوبر أوراقه، لتبدأ استعدادات أعياد الميلاد حول العالم، لكن في المملكة المتحدة لا يبدو أن البريطانيين سينعمون بالكريسماس كما يحبون له أن يكون، والسبب «بريكست» الذي أدى إلى نقص حاد في العمالة القادمة من شرق أوروبا، والتي كانت تعمل في قطاعات عدة كالنقل والبناء وصناعة الدواجن.

«وليمة الديك الرومي» طقس سنوي لا تخلو منه موائد المحتفلين بأعياد الميلاد في ديسمبر من كل عام. هو تقليد تاريخي يعود إلى القرن الـ16 عندما وقع اختيار الملك هنري الثامن ملك بريطانيا على طائر الحبش أو الديك الرومي ليكون نجم المائدة الملكية في يوم الكريسماس.

حتى عام 1526، كانت الطبقة المتوسطة من البريطانيين يتناولون الأوز، فيما يتناول الأثرياء البجع أو الطاووس على مائدة الميلاد.

ثم وبعد اكتشاف الأمريكيتين والعالم الجديد، وصل الديك الرومي إلى موائد الأوروبيين، وبدأ المزارعون للمرة الأولى في شراء طيور الديك الرومي، لا سيما عندما برزت الحاجة إلى الإبقاء على الأبقار لحليبها، وعلى الدجاج لبيضه، إذ كان الحليب والبيض في هذا الوقت أكثر كلفة على المزارعين.

كذلك أحب الكثيرون فكرة الديك الرومي وزادت شعبيته، لأن المناسبة عائلية، وحجم هذا الطائر عائلي أيضاً، فيكفي عادة لكافة أفراد الأسرة.

ويستعد البريطانيون لعيد الكريسماس بشراء الديك الرومي وتربيته قبلها بأسابيع وأحياناً أشهر.

من هنا، برزت الأزمة منذ عدة أسابيع، وطفق مزارعو الريف الإنجليزي يناشدون حكومتهم بالتدخل لإيجاد عمالة تساهم في تحضيرات طيور الديك الرومي، من حيث إطعامها وتقطيعها يدوياً وإعدادها للبيع، في محال السوبر ماركت، جاهزةً للطهي.

ونقل موقع «بي بي سي» البريطاني عن مارك جورتون، أحد القائمين على صناعة الدواجن، قوله إنه يعاني من نقص العمالة، وقد لا يتمكن من تجهيز طيور الحبش للبيع قبل عيد الميلاد. واعتبر أن قرار الحكومة إجراء بعض التغييرات في التأشيرات المؤقتة ليُسمح للعمال الأجانب بالقدوم إلى بريطانيا جاء متأخراً جداً.

كانت حكومة المملكة قد قررت استصدار تأشيرات مؤقتة لـ5500 عامل دواجن و5000 سائق شاحنة ثقيلة لمساعدة صناعتي الغذاء والوقود في حالة النقص.

وانخفض إنتاج الديك الرومي لعيد الميلاد في بريطانيا هذا العام بنسبة 20%، بحسب مجلس الدواجن البريطاني. وكان ريف شرق إنجلترا وحده يوفر 21% من الدواجن في البلاد.

وأعلن المجلس قبل أسابيع عن نقص قارب 7000 وظيفة شاغرة في قطاع الدواجن، ما دفع بعض المصنعين لخفض إنتاجهم، وهو ما انعكس بدوره على العجز الذي شهدته سلاسل مطاعم الوجبات السريعة مثل «كنتاكي» و«ناندوز».

وحمل جورتون، الذي اعتاد توظيف 400 عامل أوروبي شرقي إضافي خلال فترة الأعياد، «بريكست» مسؤولية الأزمة القائمة. وقال إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «مسؤول بنسبة 100% عما نعانيه اليوم». وأضاف: «الآن نحن نتوسل لهؤلاء العمال أن يأتوا للعمل معنا»، لكنهم يرفضون نظراً للقيود الكثيرة التي فرضت عليهم بخصوص تصاريح العمل والتأشيرات منذ «بريكست».

وفي وقت يتجه فيه الاقتصاد المحلي لتوظيف عمال بريطانيين يحلون محل أولئك الذين فقدهم سوق العمل، يشكو أرباب المزارع من أن «القادمين من الخارج لا يزالون ضروريين لهذه الصناعة.. فلديهم المهارات المناسبة.. كثير من العمال المحليين.. أثبتوا عدم كفاءتهم في هذا المجال.. ذلك أن إعداد الطيور الحية لوضع التجهيز عمل صعب.. كريهة الرائحة»، بحسب «بي بي سي».

وناشد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مؤخراً أرباب الأعمال إلى التوجه نحو «رفع الأجور والمهارات والإنتاجية» للعمالة المحلية البريطانية. لكن مثل هذه الدعوات لم تُجدِ صدى عند المزارع جوليان ماركس، الذي قال: «بذلت الكثير لجذب العمال البريطانيين»، لكن محاولته لم تنجح، بحسب موقع «يورونيوز».

من جانبها، نقلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن كيت مارتن، من رابطة مزارع الديك الرومي التقليدية، توضيحها بأن «المزارع البريطانية الصغيرة تستخدم عادة عمالاً محليين، لذا فكانت أقل تضرراً من المزارع الكبيرة».

وأضافت: «كبار المنتجين تضرروا بنسبة 100% من نقص العمالة الأوروبية الماهرة التي كانوا يعتمدون عليها ويستثمرون فيها منذ سنوات».

بدورها، نقلت صحيفة «فاينينشال تايمز» البريطانية عن ريتشارد جريفيث، الرئيس التنفيذي لمجلس الدواجن البريطاني، تحذيره من أن المزيد من منتجي الديك الرومي قد يخفضون الإنتاج بنحو الخُمس هذا العام. أمّا المزارع البريطاني بول كيلي من مزرعة «كيلي برونز» فرجّح أن يتم استيراد «الديوك الرومي من بولندا وفرنسا» هذا العام. وأضاف، وفقاً للصحيفة، أنه لم يتمكن سوى من توظيف 62 من أصل 100 عامل كانوا يعملون معه في السابق خلال هذا الموسم.

وذكر موقع «يورو نيوز» أن قلة الأيدي العاملة لتعبئة الدواجن في شركة «كيلي برونز» نفسها ستضطرها إلى «تدمير منتجات الديك الرومي والتخلص منها»، ما يعني خسارة نحو 3000 جنيه استرليني في أسبوع واحد. ويشكو كيلي من أنه بعد كل هذا الجهد، «ترميه في سلة المهملات.. إنها نفايات مأساوية».

قد يتحول الإقبال هذا العام أكثر إلى الطيور المجمدة كحلٍ بديل لحالة «النقص الوطني في الديوك الرومي» في بريطانيا، كما وصفتها صحيفة المال والأعمال اللندنية «سيتي إيه إم»، والتي نقلت عن كيت مارتن، رئيسة مجلس إدارة منتجي الديوك الرومي، قولها: «ستفرغ أرفف السوبر ماركت من الديوك الرومي هذا العام.. على الجميع اللحاق بحجز طلباتهم».

ولخص موقع «دويتشه فيله» الإخباري الألماني الأزمة، قائلاً إن مشاكل سلاسل التوريد المتتالية أصبحت «تثير أعصاب الجمهور في المملكة المتحدة، إذ لم يعودوا قادرين على الحصول على ما يريدون». وختم: «الأزمة باتت تجلب الخروج من الاتحاد الأوروبي مباشرة على موائد البريطانيين».