الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«النفط محط الأنظار».. الخيارات غير الدبلوماسية للغرب في مواجهة نووي إيران

مع انطلاق جولة المفاوضات الجديدة، بين إيران والغرب، الاثنين، في فيينا من أجل العودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، باتت هناك تساؤلات عديدة، حول جدوى التفاوض، بعدما أعلنت طهران، الجمعة، أنها حققت تقدما في برنامجها النووي، بينما يقول البعض أنها باتت على مقربة من امتلاك سلاح نووي، مما يجعل الغرب في موقف صعب.

فهل يمكن أن يقبل الغرب بالأمر الواقع ويرضخ بوجود إيران في عضوية النادي النووي؟ أم يتم اللجوء إلى خيارات أخرى غير الدبلوماسية، وفي مقدمتها الخيار العسكري؟ وما هي تداعيات تلك الخيارات، وخاصة الخيار العسكري، على الأوضاع السياسية والاقتصادية في ظل أزمة الطاقة الحالية؟

السلاح النووي

وإذا كان الاتفاق النووي في عام 2015، بين إيران والولايات المتحدة، والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والمعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، قد نجح في خفض مخزون إيران من اليورانيوم، وقلص أعداد أجهزة الطرد المركزي، فإنه أيضا أخضع منشآتها النووية إلى التفتيش، إلا أن الاتفاق كان لفترة محدودة وليس للأبد.

وفي المقابل، تم رفع تجميد مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية، وتم إعفاء إيران بشكل كبير من العقوبات الاقتصادية المكثفة، إلا أن انسحاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، وهي الخطوة التي اتخذتها طهران ذريعة للتملص من التزاماتها، وسارعت خطوات برنامجها النووي، بينما يقول مراقبون أنها اقتربت كثيرا من إنتاج أسلحة نووية، وأن هناك أدلة قوية على أنها قامت بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم قرب المستوى الذي يتطلبه إنتاج سلاح نووي واحد أو أكثر.

ويشير تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، إلى أن إيران خارج الاتفاق النووي، سيكون أمامها قرابة عام أو بضعة أشهر لامتلاك سلح نووي، وإذا عادت فإن تلك الفترة ستطول وتكون عقد على الأقل.

وبغض النظر عن العودة للاتفاق النووي من عدمه، فإن امتلاك طهران للسلاح النووي، خطوة يعتبرها البعض بأنها باتت قريبة، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات كبيرة، سواء على سياسات إيران في المنطقة، أو احتمال اندلاع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، وكلها تداعيات من الصعب القبول لها، إقليميا ودوليا.

خطط بديلة

ونقل تقرير آخر نشرته شبكة (CNN) الاخبارية الأمريكية، عن كبار المسؤولين الأمريكيين، تحذيرهم من أنه إذا استمر التقدم في برنامج إيران النووي، فقد يجعلون فوائد الاتفاق النووي موضع نقاش، وهو تطور من شأنه أن يجبر واشنطن على متابعة خيارات أخرى.

وقال منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكغورك في حوار المنامة «ما زلنا نأمل أن تجد الدبلوماسية طريقة، ولكن إذا لم تجد طريقة، فنحن مستعدون لاستخدام خيارات أخرى».

ماكغورك أكد موقف بلاده من مسألة امتلاك إيران للسلاح النووي قائلا «لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وعندما يتعلق الأمر بالقوة العسكرية لمنع دولة من الحصول على سلاح نووي، فهذا هدف قابل للتحقيق للغاية».

أما تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي فأشار إلى أن هناك بدائل أخرى، يمكن اللجوء إليها في التعامل مع إيران، ومنعها من الوصول لعتبة النادي النووي، من خلال استبدال الدبلوماسية الرسمية بشيء أقل رسمية، يمكن تسميتها «دبلوماسية ضمنية» أو «الحد من التسلح بدون اتفاقيات»، من خلال إبلاغ الولايات المتحدة والحكومات الغربية، وأيضا إسرائيل، لإيران، بالخط الأحمر، الذي لا يمكنها الاقتراب منه، فيما يتعلق بقدراتها النووية، وإذا تجاوزت إيران هذا الخط، فسوف تدفع ثمناً باهظا، ليس فقط من خلال سيف العقوبات، ولكن أيضا من خلال هجمات عسكرية إلكترونية وتقليدية على المنشآت النووية وربما أهداف ذات قيمة اقتصادية وعسكرية.

تداعيات كبيرة

وبالطبع فإن اللجوء للخيار العسكري، سواء من خلال أمريكا أو إسرائيل، لن يخلو من تداعيات، فإيران تحاول بكل طاقتها توفير أقصى حماية لمنشآتها النووية، واستئنافه بقوة بعد أي انتكاسة تلم به، بخلاف الرد الإيراني بشن عمليات ضد أهداف في جميع أنحاء المنطقة والعالم.

وعلى صعيد متصل، فإن الخيار العسكري سيتضمن مشكلة أخرى، لا تقل أهمية عن التداعيات السياسية والعسكرية، وهي المشكلة الاقتصادية، وتحديدا أسعار النفط، والتي تشهد ارتفاعا كبيرا حاليا، مع وجود أزمة في الطاقة، مرشحة للتزايد مع اقتراب فصل الشتاء، وبدء التعافي من جائحة كورونا، وزيادة الطلب على الطاقة.

وإذا كان الرئيس بايدن قد تعرض لانتقادات داخلية شديدة، بسب بارتفاع أسعار النفط، فإن خطوته باللجوء إلى جزء من احتياطي النفط الاستراتيجي، لم تحل الأزمة، وما زالت الأسعار مرتفعة، كما أن أسعار النفط في العالم لم تنخفض وما زالت حوالي 80 دولارا للنفط، وبالتالي فإن أي استخدام للخيار العسكري أو حتى التلويح به، سيجعل أسعار النفط تقفز عاليا، وتزيد من حدة الانتقادات الداخلية له.

وربما كانت الصين هي من أكبر المستفيدين حاليا من تخفيف العقوبات الأمريكية على إيران، حيث أدركت الصين أن الرئيس بايدن لن يفرض العقوبات الأمريكية على بكين في حال شراء النفط الإيراني، وبالفعل نفذت ذلك، حيث زادت واردات الصين من النفط الإيراني، خلال العام الجاري حسبما أكد تقرير نشرته مجلة موزاييك الأمريكية.