الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تحتاجها الصين لإكمال «عقد اللؤلؤ».. «كاليدونيا» ترفض الاستقلال عن فرنسا

صوت سكان كاليدونيا الجديدة، الأحد، لصالح رفض الاستقلال، وذلك في استفتاء ثالث وأخير حول حق تقرير المصير، اُعتبر حلقة مهمة في طريق إنهاء الاستعمار الفرنسي للأرخبيل الواقع على بعد يقع 2000 كيلومتر شرق أستراليا.

الاستفتاء الثالث

تمحور الاستفتاء، الذي قاطعه المنادون بالاستقلال، حول سؤال واحد: «هل تريد أن تحصل كاليدونيا الجديدة على سيادتها الكاملة وتصبح مستقلة؟»، وهناك 185 ألف شخص لهم حق التصويت، يتوزعون على 307 مراكز اقتراع.

كان الجانب المؤيد لباريس قد فاز في الاستفتاء الأول عام 2018، بنسبة 56.7%، لكن ذلك انخفض إلى 53.3% في استفتاء عام 2020.

تباين المواقف بين القوميات

ويشكل الاستفتاء الحالي خطوة حاسمة، في عملية بدأت في 1988 باتفاقات «ماتينيون» في باريس، التي كرست المصالحة بين القوميات المختلفة في الأرخبيل، الذي يضم قومية الكاناك وهم السكان الأوائل لكاليدونيا الجديدة (حوالي 39% من السكان) لكنهم في أوضاع اقتصادية متردية وتتزايد بينهم نسب الفقر، وقومية الكالدوش وهم أحفاد المستوطنين البيض (حوالي 27% من السكان) وينعمون بأوضاع اقتصادية أفضل ومعدلات تعليم مرتفعة، ويأتي معظم الباقي من جزر المحيط الهادئ الأخرى، أو من تراث مختلط، أو يفضل ببساطة تحديده على أنه «كالدونيان».

وأشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية إلى التباين في المشاركة في التصويت على الاستفتاء، حيث كانت الطوابير خارج صناديق الاقتراع طويلة في المناطق الجنوبية، ذات الغالبية البيضاء والغنية، في العاصمة نوميا، بينما الوضع مختلف تمام في المناطق الشمالية، التي يسيطر عليها قومية الكاناك، حيث كانت الطوابير قليلة.

دعاة الاستقلال وسلاح المقاطعة

ولفتت الغارديان إلى أن جبهة تحرير الكاناك المؤيدة للاستقلال، دعت السكان الأصليين (الكاناك) إلى عدم المشاركة في التصويت، بسبب جائحة كورونا، وجعلت الحملات المؤيدة للاستقلال مستحيلة.

بينما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن إيفون كونا رئيس مجلس الأعيان التقليدي، والذي ينظر في القضايا المتعلقة بعادات الكاناك، دعوته الامتناع عن التوجه إلى مراكز الاقتراع.

وكان سكان كاليدونيا الجديدة البالغ عددهم 270 ألف نسمة، قد نجوا إلى حد كبير خلال المرحلة الأولى من جائحة كورونا، لكنهم عانوا مما يقرب من 300 حالة وفاة منذ ظهور متغير دلتا.

ويبدو أن أرقام المشاركة تظهر تأثير دعوة المقاطعة، فقد نقلت وكالة رويترز للأنباء عن السفارة الفرنسية، أن إقبال الناخبين كان ضعيفاً.

كورونا.. وطلبات تأجيل التصويت

وكانت جبهة الكاناك، قد طلبت تأجيل التصويت، لكن فرنسا رفضت، ونقلت الغارديان عن جوهانيتو واميتان، الناشط من قبيلة الكاناك والمؤيد للاستقلال قوله: «من المستحيل بالنسبة لنا القيام بحملة وتنظيم هذا الاستفتاء بسبب كل الحداد الذي نمر به بسبب الجائحة.. فعادة الحداد أمر بالغ الأهمية حقًا لشعب الكاناك».

وأيد زعماء آخرون في المحيط الهادئ دعوات لتأجيل التصويت، بما في ذلك «صوت حكماء المحيط الهادئ»، وهو مجموعة من الرؤساء السابقين، ورؤساء وزراء دول المحيط الهادئ، الذين كتبوا رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يحثونه فيها على «احترام رغبات السكان الأصليين».

مقومات اقتصادية

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، أن كاليدونيا الجديدة تمتلك واحداً من أعلى متوسط ​​دخل للفرد في منطقتها، كما أنها غنية بالموارد، وتمثل حوالي 10% من احتياطي النيكل في العالم، وفقًا للجنة التجارة والاستثمار الأسترالية، ويذهب جزء كبير من صادراتها إلى الصين، ومعظمها من النيكل.

لكن مجلة (BORGEN) الأمريكية ذكرت أن اقتصاد الأرخبيل يعد غير متوازن، بسبب عدم المساواة في الدخل والتوظيف، الناتج عن الاختلافات التعليمية بين المجموعات العرقية.

وتمتلك كاليدونيا منطقة اقتصادية تمتد على مساحة حوالي 1,5 مليون كيلومتر مربع، وتجعلها ثرواتها المعدنية، وخصوصاً النيكل والكوبالت، واحدة من الدول المنتجة الأولى في العالم.

عقد اللؤلؤ الصيني

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن محلل العلاقات الدولية باستيان فانديديك قوله: «إذا اختفت الضمانة الفرنسية في كاليدونيا الجديدة، فستكون كل العناصر جاهزة للصين لتثبت نفسها بشكل دائم بها».

وأضاف: «دول أخرى في المنطقة، من بينها فيجي وفانواتو وجزر سليمان وبابوا غينيا الجديدة، أصبحت بالفعل بمثابة أقمار صناعية صينية.. وكل ما تحتاج إليه الصين الآن لاستكمال عقدها المصنوع من اللؤلؤ على عتبة أستراليا هو كاليدونيا الجديدة».