الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

د. طارق فهمي: الشرق الأوسط يعاني من «سيولة سياسية»

د. طارق فهمي: الشرق الأوسط يعاني من «سيولة سياسية»

الأزمة الأوكرانية تهدد بمواجهات عسكرية بين القوى العظمي في 2022.

  • دون ترضية المرشحين الكبار ستعيش ليبيا في «دائرة مفرغة»
  • لبنان غير قادرة على إجراء انتخابات يتقبل الجميع نتائجها
  • السودان يشهد حكومة تكنوقراط قريباً بضغط دولي وأمريكي
  • الحرب اليمنية تسير في اتجاه انفراجة لكنها لن تكون «حلاً نهائياً»
  • الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين مرشح للتصاعد
  • روسيا تدخل بقواتها في أوكرانيا حال فشل الحوار مع أمريكا والناتو
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، إن العالم سيشهد حالة من عدم الاستقرار خلال الفترة الحالية، مشيراً إلى أن الشرق الأوسط يشهد حالة من السيولة السياسية، واستمرار للعديد من الأزمات. وأضاف في حواره لـ«الرؤية»، ضمن الحلقة الثالثة والأخيرة من حوارات الشرق الأوسط إلى أين؟ أن هناك استعدادات لضربة إسرائيلية عسكرية ضد إيران، حال أعلنت طهران وصولها للعتبة النووية وتجاوز مرحلة التخصيب 60%، مشيراً إلى أن أمريكا تؤيد الضربة بشكل غير علني، وستمد إسرائيل بكافة أوجه الدعم اللوجيستي، موضحاً أن تداعيات هذه الضربة العسكرية ستكون بالغة على الإقليم بأكمله، وربما تؤدي إلى مواجهات أخرى من قبل وكلاء إيران في المنطقة.



كيف سيكون وضع الشرق الأوسط في ظل تراجع الدور الأمريكي؟



هناك حالة سيولة سياسية في الشرق الأوسط، وحالة من عدم الاستقرار، ولن يكون هناك انسحاب أمريكي كامل من الشرق الأوسط، وإنما إعادة تموضع للقوات، فالخيارات العسكرية مرتبطة بالخيارات السياسية للأزمات كلها، لن يكون هناك حل للأزمات، فلا يمكن توقع حل للأزمة اليمنية، ولا السورية، وبالتالي ستستمر إدارة الأزمات في هذه الدول بأكملها، طالما لم تتوافر إرادة سياسية لأطراف الأزمة. فالقضايا العربية أصبح لها شأن دولي، بمعنى أن هناك قوى دولية هي التي تحرك المشهد، وليس الأطراف المحلية، فسوريا على سبيل المثال يوجد بها 8 جيوش، وبالتالي الإقليم سيشهد حالة من السيولة السياسية وعدم الاستقرار.


استمرار الأزمات

إلى متى ستستمر هذه الحالة؟

لا أحد يعلم، لكن هذه الأزمات مرشحة للاستمرار خلال العام الجاري، لا توجد بارقة أمل في غالبية القضايا، كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي على سبيل المثال، أما الأزمة اليمنية فربما نصل لحل، لكنه لن يكون حلاً نهائياً، وسوريا الأمر ذاته، فمدينة دمشق العاصمة واللاذقية وحلب وحمص تعيش في مرحلة هدنة، لكن باقي سوريا مرتع للإرهاب، وقوات كردية وغيرها، فلن تتم تسويات في الإقليم.

تتحدث عن حل مؤقت في اليمن.. فما هو من وجهة نظرك؟

حل التهدئة في اليمن، وألا تهدد مليشيات الحوثي منطقة الخليج، فمن الممكن أن تحدث تهدئة، لكن الإيرانيين من الممكن بعد فترة من التهدئة، أن يضغطوا فتتوقف التهدئة، لذا ستكون التهدئة والهدنة هي الحل المؤقت.

حرب إسرائيلية - إيرانية

هل تلوح في الأفق حرب إسرائيلية - إيرانية؟

نعم.. وسيحدث ذلك، ستكون هناك مواجهة عسكرية من جانب إسرائيل لإيران؛ لأن إسرائيل لن تسمح بوصول إيران لمرحلة العتبة النووية، وعكس ما هو شائع، فالإدارة الأمريكية داعمة للقرار الإسرائيلي، الأمر الآن متوقف على التنسيق والوقت، ولا شك أن أمريكا ستدعم إسرائيل، من خلال القوة المركزية الموجودة في الشرق الأوسط، وسبق وضربت إسرائيل المفاعل النووي العراقي عام 1981، بدون استئذان أمريكا، وبعد ذلك ثبت أنها نسقت معها رغم الاعتراضات الأمريكية وقتها، الرسالة هنا أن إسرائيل ستخرج لحرب، وهناك شواهد نعرفها عن إسرائيل حينما تنوي بجدية الدخول في حرب.

ما هذه الشواهد؟

أولها إقرار موازنة الطوارئ، وهذه ميزانية خاصة بالعمليات العسكرية، وثانياً أنها تعطي صلاحيات كاملة لرئيس الأركان وليس رئيس الوزراء، ورئيس الأركان يعطي التعليمات لقادة التشكيلات، وهذا حدث خلال الأيام العشرة الماضية، الأمر الثالث هو أن إسرائيل جهزت الأنظمة الدفاعية، ليس القبة الحديدية فقط مثلما كان يحدث أيام صواريخ حماس، وإنما وضعت 4 أنظمة دفاعية، أخطرها السماء الحمراء، وهو نظام دفاعي جديد، سيطوق أي صواريخ تضرب على المدن الشمالية في إسرائيل، لأنه متوقع أن إيران سترد، وتستهدف 6 مدن صناعية كبرى في إسرائيل من أعلى، لتصيبها بالشلل، بالتالي هذه الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية موجودة.

والإيرانيون قاموا بمناورات منذ أسابيع، بهدف محاكاة ضرب مفاعل ديمونة في إسرائيل، وديمونة لم يعد له أثر الآن، وتم إغلاقه ونقلوا مهامه لمفاعل آخر، ووضعوا عليه أنظمة دفاعية عالية للغاية، وبالتالي فإن فكرة أن إيران يمكن أن تجاري إسرائيل في الضربات، هي أمر صعب، لذا نحن مقبلون على مواجهة كبيرة وخطيرة، وستكون لها تداعيات على الإقليم بأكمله.

ماذا عن تداعيات ذلك؟

ستكون هناك حالة من عدم الاستقرار بالكامل، ووكلاء إيران في الإقليم سيقومون بأعمال تخريبية في مناطق نفوذهم، تستهدف إسرائيل القريبة منهم، وهذا سيكون الرد تكتيكياً إذا كانت الضربة موجعة من قبل إسرائيل، التي ستضرب إيران في كل الأحوال، لكن شكل الضربة سيحدد الرد الإيراني.

كيف ستكون شكل الضربة؟

لن تكون ضربة عسكرية شاملة، ستكون ضربة لبعض المواقع، ولن تكون ضربة شاملة للمنشآت النووية بشكل كامل، لأنها تتواجد في مواقع متعددة، وخاصة أن الإقليم شهد سابقة في هذا الأمر.

الأربعة الكبار

كيف ترى الوضع في ليبيا، وهل ستجرى الانتخابات العام الجاري؟

هناك مشاهد مفتوحة متعلقة بالداخل الليبي، فمن الواضح أن هناك ارتباكاً كبيراً في المشهد بعد تولي ستيفاني ويليامز موقعها، هي عرضت مشروعاً، لكن من الواضح أن مشروعها لم يحظَ بالخريطة الزمنية المحددة، حتى هذه اللحظة، ولا يمكننا أن نجزم بإجراء الانتخابات في هذا التوقيت أو بعد عدة أشهر، وهناك عدة مخاوف؛ أولها تحديد موعد جديد للانتخابات لا يلتزم به أحد، ثانياً أنه ربما تجرى الانتخابات الرئاسية ولا تجرى الانتخابات التشريعية، ثالثاً أنه ربما تطرح الأمم المتحدة خارطة طريق لا تلقى قبولاً من الأطراف الليبية، رابعاً وهو الأخطر أنه لا يزال هناك تنازع على السلطة ما بين 4 من كبار المرشحين؛ رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وسيف الإسلام القذافي، وفتحي باش أغا، والمشير خليفة حفتر، وكل طرف يريد زحزحة المشهد بصورة أو بأخرى، فنحن أمام سيناريو مفتوح، لا تتوافر فيه الإرادة السياسية، ولن يتم تحديد موعد جديد من الأمم المتحدة، إلا بعد تراضي هؤلاء المرشحين الكبار، وبدون هذا سندور في دائرة مفرغة.

ماذا تقصد بترضية الأربعة مرشحين الكبار؟

التراضي حول موعد الانتخابات، والالتزام بخارطة سياسية جديدة، وأن تتزامن الانتخابات الرئاسية مع الانتخابات البرلمانية، لأنه بدون ذلك لن يحدث شيء، أيضاً خروج القوات الأجنبية والمرتزقة، لأنه بدون خروج المرتزقة لا يمكن إجراء الانتخابات، خاصة في ظل تغلغل الإرهاب في غرب ليبيا، ويمكن القول إن هناك حالة تأهب لكل طرف.

أوضاع لبنان

إلى أين تتوقع أن تمضي الأوضاع في لبنان؟

الأزمة الاقتصادية في لبنان ستطغى على أي خيارات سياسية في هذا التوقيت، ثانياً لا يوجد ما يشير إلى أن العلاقات بين لبنان ودول الخليج ستعود للتحسن، الخليج لم يطلب سوى التعامل مع حزب الله كمفجر للأوضاع داخل لبنان. ومحاولة استرضاء دول الخليج لن تتم لأنه بطبيعة الحال، الأزمة في لبنان ليست في دول الخليج أو مع السعودية تحديداً، السعودية لها أيادٍ كبيرة في عملية تمويل لبنان، وتقديم المساعدات له لفترات طويلة ولا أحد ينكر ذلك، لكن الآن حزب الله يوتر العلاقات مع السعودية، وتكفي تصريحات حسن نصر الله خلال الأيام الأخيرة، ضد السعودية، ورغم رد الأطراف في لبنان على ما جرى، إلا أن هذا غير كافٍ، فالسعودية ليست في حاجة للدفاع عنها، لكن لا يصح أن يخرج نصر الله ويتهم السعودية، ورغم رد الرئيس اللبناني ميشيل عون بنفسه على نصر الله، إلا أن هذا غير كافٍ. وبالنسبة للانتخابات سواء أجريت في مايو أو لم تُجرَ، فالدولة في لبنان غير قادرة على إجراء انتخابات يتقبل الجميع نتائجها، وبالتالي فالخوف ليس في إجراء الانتخابات، ولكن في التزام الجميع بها، وأن تتم بالتراضي بين الجميع.

الأزمة السودانية

فيما يتعلق بالوضع في السودان،.. هل يعود المسار الديمقراطي للاستئناف مجدداً؟

الحكومة السودانية ستشكل خلال فترة قريبة، لأن هناك إرادة سياسية داخلية في السودان، والسودان المكون السياسي والعسكري في حاجة للعمل معاً، وهناك ضغوط على المكون العسكري من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وبالتالي ستشكل حكومة سودانية قريباً، ستضبط حالة الاستقرار في السودان، حكومة فنية تكنوقراط، بضغط دولي أمريكي، وسيتم ضخ المساعدات للاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمة كبيرة، فهذه الخطوة تؤكد وجود السودان بصورة أو بأخرى على الخريطة، لكن الاستقرار والعلاقة الجيدة بين المكون السياسي والعسكري ستحتاج لبعض الوقت، وعدم استقرارها سيؤثر على منطقة القرن الأفريقي وما يجاورها.

صراع القوى العظمي

كيف تتوقع شكل الصراع بين الصين وأمريكا؟

الصراع الاقتصادي بينهما مرشح للاستمرار والتصاعد، وسيكون هناك صراع سياسي سيمتد من أزمة تايوان إلى هونغ كونغ، وإلى منطقة القوقاز وجنوب بحر الصين، وهو صراع قوى وفق حسابات القوى الشاملة، ومن المستبعد أن يشوبه عمليات عسكرية.

ما توقعك لشكل الصراع بين روسيا وأمريكا حول أوكرانيا؟

الصراع سيستمر، وسيكون هناك حوار أطلنطي أوروبي روسي أمريكي، سيرسم شكل العلاقة حول أوكرانيا، وستدخل روسيا أوكرانيا، والمؤشرات تشير لذلك، على غرار سيناريو ضم شبه جزيرة القرم، وبالتالي ستعمل حضوراً لها في مناطق التماس، ولن تسمح بأي تقارب لأي دول أوروبية، أو لحلف شمال الأطلنطي «الناتو» بأن تتدخل في الأمن الأوروبي وتهدد منطقة القوقاز، ومنطقة البحر الأسود التي تعتبر ميناء خلفياً لروسيا، التي لن تسمح بوجود أي قوى أوروبية. الآن هناك مناوشات حادثة، وأتوقع دخول روسيا بقوات في داخل أوكرانيا، إذا فشل الحوار بينها وبين أمريكا والناتو.

هل سيشهد العالم تهدئة الفترة المقبلة، أم ستنشب مواجهات عسكرية؟

العالم مرشح لحالة من عدم الاستقرار، فهناك العديد من الأزمات في الشرق الأوسط، ولن تكون هناك حروب عسكرية أو خيارات صفرية، ستكون هناك أزمات وصراعات، وستبقى القوة العسكرية قائمة ومرشحة للاستخدام في أغلب الصراعات في العالم.