الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

هجوم بوتين يربك استراتيجية بايدن ويضع قيادته على المحك

هجوم بوتين يربك استراتيجية بايدن ويضع قيادته على المحك

جو بايدن. (رويترز)

هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن بفرض أقسى عقوبات على الإطلاق على روسيا، وعمل على حشد حلفاء الولايات المتحدة في جبهة موحدة، وزود أوكرانيا بأسلحة أكثر مما فعل أي رئيس أمريكي، كما عزز القوات الأمريكية بالجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في تأكيد على التزامه.

لكن على الرغم من كل جهود بايدن الرامية لدرء هجوم روسي على أوكرانيا، لم يرتدع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وغزت قواته أوكرانيا الخميس في هجوم بري وجوي وبحري. فبعد أسابيع من الدبلوماسية غير المثمرة، أمطرت الصواريخ الروسية المدن الأوكرانية وتدفقت القوات عبر الحدود من روسيا وبيلاروسيا.

ومن المتوقع أن يكون لطريقة تعامل بايدن مع الأزمة، التي يخشى المسؤولون الغربيون تحولها إلى أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، تداعيات شديدة على مصيره السياسي وعلاقات الولايات المتحدة مع العالم.

وتعهد بايدن برد حاسم من الولايات المتحدة وحلفائها على الهجوم الروسي «غير المبرر». وتتباين الآراء في طريقة تعامله حتى الآن مع أكبر أزمة دولية يواجهها خلال رئاسته.

تحركات بايدن ستكون مكبلة دائماً لأن إدارته أوضحت أنها ستفعل كل ما في وسعها لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ولكنها لن ترسل قوات على الأرض. ويعكس تفضيله للدبلوماسية والعقوبات ضعف رغبة الأمريكيين في التدخل بعد مستنقعي أفغانستان والعراق.

ويدرك بوتين تماماً أن بايدن لن يخوض حرباً ضد قوة نووية أخرى لحماية دولة تشترك في حدود طويلة مع روسيا ولا يربطها اتفاق دفاعي مع واشنطن.

ركز بايدن بدلاً من ذلك على التنسيق مع حلفاء الناتو، خاصة أولئك الواقعين في الشرق الذين يشعرون بالقلق من تداعيات حشود روسية عسكرية بلغ قوامها 150 ألف جندي على حدود أوكرانيا.

وقادت واشنطن الجهود لفرض مجموعة أولية من العقوبات بعد أن أمر بوتين قواته بدخول منطقتين انفصاليتين يسيطر عليهما الانفصاليون بعد الاعتراف باستقلالهما في 21 فبراير. وكانت تلك المجموعة بمثابة طلقة تحذيرية لكنها فشلت في درء الغزو.

في البداية كانت استراتيجية بايدن تتمثل في التحذير من الغزو الوشيك لإظهار أنه على علم بما سيفعله بوتين، حتى وإن لم يستطع منعه.

كانت النتيجة المباشرة هي بث الحيوية في أوصال التحالف العسكري الغربي الذي كان في وضع سيئ في عهد سلفه دونالد ترامب الذي شكك في قيمة الحلف.

ووصف دبلوماسي أوروبي كبير مشاورات بايدن مع الحلفاء بأنها «نموذجية»، على النقيض مما اعتبره كثير من الشركاء انسحاباً فوضوياً للولايات المتحدة من أفغانستان العام الماضي.

ومع ذلك، تساءل بعض المحللين عما إذا كان نشر بضعة آلاف من القوات الأمريكية الإضافية في ألمانيا وبولندا ورومانيا كافياً، وأشاروا إلى أن بايدن كان بوسعه فعل المزيد للحفاظ على خيار عسكري يعول عليه.

وقال إيان كيلي سفير الولايات المتحدة السابق في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وجورجيا «من أوجه القصور أن حزمة الردع التي وضعناها غير متكافئة إلى حد ما لأنها اقتصادية بالأساس بينما نواجه مشكلة عسكرية».

وأضاف كيلي أن بايدن كان بمقدوره السعي لتفعيل قوة الرد التابعة لحلف شمال الأطلسي وإرسالها إلى بولندا ودول البلطيق، ما يحمل رسالة مفادها «لقد حشدت القوات على حدودك. ونحن نحشد القوات على حدودنا، وسننسحب عندما تنسحب».

ينسب المحللون الفضل إلى بايدن في العمل مع الحلفاء للتحضير لعقوبات تهدف إلى شل الاقتصاد الروسي وضرب الدائرة المقربة من بوتين. فقد أقنع ألمانيا، التي لطالما اعتبرت الحلقة الضعيفة، بتجميد الموافقات على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2.

وقد تشمل الخطوات التالية محاولة قطع روابط روسيا بالنظام المالي العالمي.

وجادل بعض النواب الأمريكيين قائلين إنه كان من الأفضل فرض العقوبات على روسيا في وقت سابق، لكن مسؤولي إدارة بايدن أصروا على أن ذلك كان سيقلص تأثيرها الآن.

وأقر المسؤولون الأمريكيون بأن العقوبات قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط ما يزيد من وطأة ارتفاع التضخم. ويبقى أن نرى ما إذا كانت العقوبات ستدفع بوتين إلى التراجع.

كما انهال الثناء على قرار بايدن رفع السرية عن المعلومات الاستخباراتية بشأن ما تردد أنها مؤامرات روسية لتلفيق ذرائع لغزو أوكرانيا. لكن الإدارة واجهت انتقادات لرفضها تقديم أدلة ملموسة.

وأشادت الحكومات الغربية بتمسك بايدن «بالباب المفتوح» لحلف شمال الأطلسي أمام الطامحين في عضويته. لكن بعض المنتقدين قالوا إن بايدن كان ينبغي أن يكون أكثر وضوحاً بشأن ضعف احتمالات انضمام أوكرانيا للحلف، نظراً لأن أحد مطالب بوتين الرئيسية كان امتناع الحلف عن المزيد من التوسع نحو الشرق.

وقد يكون لرد بايدن أيضاً تداعيات على العلاقات الأمريكية الصينية. فهناك قلق من أنه إذا بدا بايدن متساهلاً للغاية مع موسكو، فقد تعتبره الصين إذعاناً تتحرك بموجبه ضد تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تعتبرها بكين إقليماً منشقاً عنها.

وقد يمنح تحدي بوتين الجمهوريين الفرصة للتغلب على بايدن وزملائه الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر والتي ستحدد توازن القوى في واشنطن.

وستخضع استراتيجية بايدن قبيل الهجوم الروسي لمزيد من التدقيق بينما يخطط كيف سيمضي قدماً.