الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

«بعد 15 عاما من الركود»..إعادة بناء الجيش يبعد ألمانيا عن «الحديقة الخلفية»

«بعد 15 عاما من الركود»..إعادة بناء الجيش يبعد ألمانيا عن «الحديقة الخلفية»

شولتس يطلق عليه «مستشار الحرب والردع» بإعلانه مضاعفة ميزانية الدفاع

70% من أنظمة الأسلحة الرئيسية داخل الجيش الألماني تعمل حالياً

100 مليار يورو المخصصة للدفاع فرصة لإعادة الجيش الألماني لحالة التشغيل

يُعد إعلان المستشار الألماني أولاف شولتس، في البرلمان «البوندستاغ» الأحد، تخصيص 100 مليار يورو لإعادة بناء الجيش والقدرات الدفاعية الألمانية، بمثابة ثورة في شكل السياسة الألمانية تأخرت كثيراً، بحسب تقرير لموقع «زد دي إف» الألماني.وتساءل التقرير: هل أدركت ألمانيا ذلك أخيراً؟ فهجوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أوكرانيا، يعتبر هجوماً موجهاً أيضاً على ألمانيا، فهو يصوبه ضد الحرية في جميع أنحاء أوروبا، وألمانيا لم تتعرض أبداً لمثل هذا التهديد الذي تواجهه الآن. فالمسافة بين ألمانيا وأوكرانيا أقل من المسافة بين هامبورغ وميونيخ.

وأكد التقرير أن المستشار شولتس سيطلق عليه قريباً «مستشار الحرب والردع»، بإعلانه مضاعفة ميزانية الدفاع والتسليح ثلاثة أضعاف، وزيادة الاستثمار في الجيش، وأن ما حدث يُعد تحولاً كاملاً بنسبة 180 درجة في سياسة ألمانيا وأحزابها الرئيسية، تجاه فكرة التسليح وتجاه روسيا.

تراجع الكفاءة

وتطرق التقرير إلى أن ألمانيا بدأت تدرك الآن أنه لم يعد هناك إمكانية للتغيير من خلال التفاوض مع بوتين، كونه حاكماً للأسلحة النووية، فهو يعتبر خطراً على العالم، والتقليل من شأنه كما حدث كان في غير محله. وأشار إلى أن الجيش الألماني غير مجهز للحرب، وهناك نحو 70% فقط من أنظمة الأسلحة الرئيسية بداخله تعمل حالياً، وأنه لطالما كان النقاش حول المعدات العسكرية للقوات مستمراً لبعض الوقت بصورة ساخرة لتراجعها عن الكفاءة المطلوبة، وأن ما كان من مادة للسخرية في أوقات السلم يتحول الآن إلى قلق جدي في أوقات الحرب.

من ناحيته، رحب قائد بالجيش الألماني، أندريه فوستنر، بإعادة التوجيه المعلن لسياسة الدفاع الألمانية ووصفه بأنه «تاريخي». وقال فوستنر في برنامج حواري بشبكة «زد دي إف» إنه مع إعلان 100 مليار يورو لكونه فرصة لإعادة الجيش الألماني إلى حالة التشغيل. وأضاف: «نحن نحتاج لهذا التطوير من أجل الدفاع الوطني والتحالف، وليس من أجل المهمات التدريبية الصغيرة في مالي على سبيل المثال». وقال إن إعلان شولتس يعتبر يوماً تاريخياً من وجهة نظر الجيش الألماني، خاصة أن القادة في الجيش لطالما طالبوا بذلك منذ مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي.

عدم النضج العسكري

في الوقت نفسه، حذر العقيد من أن «المال وحده لا يجعل كل شيء أفضل»، وهناك أيضاً أسئلة حول استراتيجية وهيكل الجيش الألماني، وشدد على أن «مجرد توفير 100 مليار لا يكفي إلى حد بعيد»، فعلى سبيل المثال، بعد برنامج فوري للملابس والمعدات والذخيرة، يجب إعداد المشاريع طويلة الأجل بطريقة منظمة ومختلفة عما كانت عليه في الماضي.

خطاب ثوري

ووصفت صحيفة «دي تسايت» خطاب شولتس في البرلمان بأنه نهاية لحقبة عدم النضج، وأنه في الأزمة الروسية غالباً ما كانت الحكومة تأتي بعد فوات الأوان. ولكن خطاب شولتس يعد خطاباً ثورياً لأنه يعمل على تحديث البلاد فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وأضافت أنه بعد أقل من 3 أشهر في المنصب، يتم دفع المستشار من الحاضر القديم إلى الحاضر الجديد. ويبدأ فجر حقبة ألمانية جديدة مع إطلاق الصواريخ الروسية الأولى على أوكرانيا عبر عقيدة مختلفة للسياسة الخارجية. وأشارت إلى أن شولتس لا يرغب فقط في إنفاق 100 مليار يورو، بل يريد كتابة هذا الصندوق الخاص بتطوير الجيش في الدستور الألماني، وأنه لسنوات كانت الأحزاب الألمانية تتردد بشأن مسألة ما إذا كان ينبغي السماح للجيش بامتلاك طائرات بدون طيار مسلحة، ومقاتلات جديدة قادرة على حمل أسلحة نووية، ولكن خطاب شولتس أكد أن كل ذلك قادم.

دعم المعارضة

وأكد التقرير أن المستشار الجديد يقود ألمانيا للخروج من المدينة الفاضلة التي اختارها الجميع من قبل، ويعلن أن السياسة العالمية للاعب المركزي في الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن تظل سياسات أخلاقية إلى الأبد. فقد انتهت المراهقة وعدم النضج، وألمانيا تترك أخيراً الجلوس في الحديقة الخلفية المريحة والجميلة.

من جهته يريد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، تقديم ميزانية 2022 إلى مجلس الوزراء في 9 مارس الجاري، مشيراً إلى أن النقاش حول تعزيز القدرة العسكرية يجب ألا يؤدي لحدوث ديون في الميزانية الجديدة. وقال إنه يدرك أن 100 مليار يورو التي خططت لها الحكومة الفيدرالية للجيش هي في هذا الوضع العالمي، «استثمارات في حريتنا، ولكن لا يمكن تصحيح إهمال الجيش الألماني لمدة 15 عاماً على الأقل من الميزانية الحالية». ولتغيير بعض مواد الدستور يحتاج التحالف الحكومي إلى دعم الأحزاب في البوندستاغ والولايات في مجلس البوندسرات الألماني. وأضاف: «نتوقع أن تدعم المعارضة أيضاً الحكومة الفيدرالية في ذلك».