الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

صفعة لهيمنة الاقتصاد الأمريكي.. ماذا يعني التداول بالروبل؟

صفعة لهيمنة الاقتصاد الأمريكي.. ماذا يعني التداول بالروبل؟

الروبل الروسي. (رويترز)

«ضربة معلم».. هكذا جاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إرغام «الدول غير الصديقة»، من الأوروبيين، على التعامل بعملته الوطنية الروبل، عوضاً عن الدولار، في معاملاتهم لشراء الغاز الروسي. حركةٌ موجهة لزعزعة هيمنة الاقتصاد الأمريكي على العالم. وقرارٌ من شأنه إحداث «تغيير جذري» في خريطة التعاملات المالية الدولية، بالنظر إلى رغبة الصين المعلنة منذ سنوات في التعامل باليوان، وما قد يُتخذ من خطوات مماثلة لاحقاً من قبل أطراف أخرى.

صفعة الروبل

ثارت ثائرة أوروبا، المجتمِع قادتها في 3 قمم استثنائية، على مدى يومي الخميس والجمعة، لبحث أزمة أوكرانيا، واعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في مستهل قمتهم الأولى لحلف شمال الأطلسي «الناتو» أن بوتين «تجاوز الخط الأحمر، ويتجه إلى الهمجية»، وإن لم يشر صراحةً إلى «صفعة الروبل».

جونسون تحدث عن أنه «كلما كانت عقوباتنا أكثر صرامة، زادت حدة خناقنا الاقتصادي حول نظام بوتين». لكن دكتور شيرين الشواربي، أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الاقتصاد بجامعة المستقبل المصرية، قالت إن قرارات روسيا وأمريكا، ومن خلفها أوروبا، «تصاعدية»، فعندما ضيق الغرب الخناق على روسيا، دفعها لهذا القرار التصعيدي الخطير، ولا يمكن لأحد توقع إلى أين سيصل هذا التصعيد الاقتصادي.

الروبل واليوان

وقالت في تصريحات خاصة: «هو صراع بين القوى الكبرى. وقرار بوتين يمثل ضربة قوية للاقتصاد الأمريكي، وبالتالي العالم بأكمله، لأنه من المعروف أنه إذا سعلت الولايات المتحدة، أصيب العالم بالالتهاب الرئوي». وأكدت «روسيا بهذا القرار، تقوي وتدعم عملتها. لكنها تخلق في الوقت نفسه مجالاً لدول أكثر للتعامل مستقبلاً بالروبل واليوان».

وأضافت: «أما نحن (كأطراف مراقبة لصراع الكبار) فيجب أن تكون لدينا جهوزية للأزمات القادمة. كنا نشرح الاقتصاد في الماضي بأنه مراحل: رواج ثم ركود ثم رواج.. لكن الآن ما يحدث هو حالة مستمرة من عدم اليقين في أجلى صورها. الصدمات باتت متلاحقة.. على سلاسل الإمدادات.. وعلى العرض والطلب.. وغيرها».

وقالت الشواربي: «الروبل لم يكن ضمن العملات الارتكازية المعروفة، مثل الدولار والاسترليني واليورو والفرنك السويسري، والتي تظهر على شاشات البنوك بترتيب أهميتها لكل دولة»، موضحة أنها «تسمى بالعملات الارتكازية لما عليها من طلب»، أما الروبل فلم يكن أبداً عليه طلب، وبالتالي لم يكن ضمن سلة العملات هذه، لأن الاقتصادات كلها تتعامل بالدولار، وأحياناً باليورو في النطاق الأوروبي.

التهافت على الروبل سيرفع سعره

من جانبه، أفاد شريف جاد، نائب مدير المركز الثقافي الروسي، بأن القرار يمثل بالنسبة لروسيا «خروجاً من الأزمة والابتعاد عن سيطرة الدول الكبرى، وهو رد فعل منطقي لمواجهة محاولة خنق الاقتصاد الروسي». وقال إنه من الآن فصاعداً سيكون «على الدول الأوروبية التعامل للحصول على الروبل، من خلال سفاراتها في روسيا، ومن خلال مكاتبهم التجارية».

واعتبر جاد، في تصريحات خاصة، أن قرار بوتين كان «متوقعاً وغير مسبوق في ذات الوقت، ذلك أن اقتصاديين روس كانوا قد طرحوا هذه الفكرة من قبل.. فلكل فعل رد فعل، مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه.. والروس حريصون دائماً على الرد السريع في الصراع مع القوى الكبرى».

وأعرب جاد عن قناعته بأن الأوروبيين سيضطرون بالفعل لاستخدام الروبل، طالما أن موسكو فرضته عليهم، وخيارهم الوحيد هو استبدال روسيا بمصدر آخر للغاز. «قد لا يؤثر ذلك على سعر اليورو، لكن حال التهافت على شراء الروبل سيرتفع سعره بسبب الإقبال والعرض والطلب. وفكرة أن الروبل موجود في الأراضي الروسية فقط، سيجبرهم على التعامل من خلال مكاتبهم التجارية هناك».

اقرأ أيضاً.. «ناسا» تكشف مصير تعاونها مع روسيا.. والروبل يداهم صناعة الفضاء

كعكة العملة العالمية

الدكتور حسن علي، أستاذ الاقتصاد في جامعة «أوهايو ستيت» وعميد كلية الإدارة بجامعة النيل، اعتبر أيضاً أن الخطوة كانت متوقعة. فالصين سبقت روسيا إلى «وضع كعكة العملة العالمية نصب عينيها». وأوضح: "الدولار الأمريكي يجني أرباحاً طائلة من وراء التداول به عالمياً. ببساطة ورقة الـ100 دولار تكلفتها الحقيقية 8 سنتات. وأمريكا تعطي هذه الورقة لليابان، لتأخذ مقابلاً لها سيارات هوندا وأجهزة سامسونغ، ناهيك عن النفط من دول الخليج. هي تأخذ قيمة حقيقية مقابل قيمة اسمية. هذه ربح تجنيه الدول التي يتم قبول تداول عملتها عالمياً ضمن سلة العملات.

الروبل يقطف ثمار اليوان

تعمل الصين جاهدة على هذا الهدف منذ أكثر من 10 سنوات. والآن روسيا دخلت على الخط «لتقطف ثمار وضعتها الصين»، ساعدها في ذلك اضطرارها لاتخاذ هذا القرار الحاسم «بعدما طردها الغرب من نظام سويفت العالمي. فالحقيقة هي أنه بدلاً من أن يعاقبها الغرب، استطاع الروس أن يحولوا العقاب إلى ميزة نسبية» تصب في صالح اقتصادهم الوطني وسيكون الاقتصاد الأوروبي والأمريكي هما المتضررين.

وأكد أستاذ الاقتصاد، في تصريح خاص، أن الخطوة «ستؤثر على كل العملات، بعد دخول لاعب جديد، بدلاً من العملات الست المعروفة.. سيكون هناك الآن طلب على الروبل، ما سيقلل من تأثير الدولار. كما أن الصين ستبدأ بالتعامل باليوان مع دول الخليج، التي تمتلك النفط فلن تتأثر سلباً بالإجراء. الضربة الموجعة الحقيقية هي للاقتصاد الأمريكي».