السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مطرقة السلطة.. خشونة مطلوبة بين الحين والآخر لردع قادة العالم

مطرقة السلطة.. خشونة مطلوبة بين الحين والآخر لردع قادة العالم

صوتٌ عالٍ ينجم عن مطرقة خشبية صغيرة، تُضرب في العادة على سطحٍ خشبي صلب ليكون صوتها مدوياً وأكثر لفتاً لانتباه الحضور، هي رمزٌ للسلطة، الإمساكُ بها يعني امتلاك الحق في التصرف.

بينما أسدلت بعثة دولة الإمارات الستار على 31 يوماً مفعماً بالأحداث السياسية العالمية خلال الرئاسة الدورية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، سلمت السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة، مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية، مطرقة مجلس الأمن لنظيرتها البريطانية، لتتسلم بعثتها رئاسة المجلس لشهر أبريل.

ليست مطرقة واحدة، بل عدة مطارق تحويها كل قاعة من قاعات المؤتمرات في مقر الأمم المتحدة، لكن لتلك الموجودة في قاعة الجمعية قصة طويلة تتراوح بين الانكسار والاختفاء. فما قصة هذه المطرقة؟

باختصار، هي جزء لا يتجزأ من الجلسات الرسمية، ما من قرار دولي «ملزم» يتخذه مجلس الأمن، أو «غير ملزم» تتخذه الجمعية العامة، إلا ورافقه صوت المطرقة المعروف، عقب إعلان نتيجة تصويت أعضاء الهيئة الأممية، ليس ذلك فحسب، بل يمثل صوتها إيذاناً ببدء الجلسات وختامها، والموافقة على جدول أعمالها، واعتماد قراراتها.. وكما في المحاكم، تُستخدم المطرقة كدعوة حاسمة إلى الصمت عند حدوث جلبة.

هدية آيسلندا

أهدتها دولة آيسلندا، التي يوصف برلمانها الوطني بـ«جد البرلمانات الحديثة»، والمعروف تاريخياً أن المسار الديمقراطي في آيسلندا هو الأقدم على مستوى العالم، إذ عقدت أول جلسة برلمان في آيسلندا عام 930 ميلادية، من هنا، اقترحت ريكيافيك في منتصف القرن العشرين، بعد إنشاء هيئة الأمم المتحدة عام 1945، أن يحمل رئيس الجمعية العامة للهيئة الدولية -أياً كانت جنسيته- وحسب الرئاسة الدورية للمنظمة، مطرقة آيسلندية المولد، رمزاً لديمقراطيتها العريقة.

مطرقة القضاء

يعتبر استخدام المطرقة بشكل عام تقليداً قديماً في المجتمعات، ففي عام 1480، فرضت المحاكم الإنجليزية غرامات كانت تسمى الجزية، وبالإنجليزية «gavel»، وهو المسمى الذي تطور بمرور الزمن ليصبح الترجمة الإنجليزية لكلمة «المطرقة»، سواء التي يستخدمها القضاة في المحاكم، أو رؤساء الجلسات في المحافل الوطنية كالبرلمانات، أو الدولية كالأمم المتحدة بهيئتيها: الجمعية العامة أو مجلس الأمن، كما تستخدم المطرقة في المزادات كوسيلة لحسم المزايدة.

مطرقة ثور

وكان القضاة في السابق يستخدمون أفرع الأشجار للطرق بها بعد إصدار الأحكام، أو كمناشدة للحضور -خلال الاجتماعات- من أجل الحفاظ على الهدوء والنظام، أما في الأمم المتحدة، فقد أهدى أول سفير لآيسلندا ثور ثورز المطرقة لرئيس الجمعية العامة آنذاك، وهو ما يفسر تسميتها منذ ذلك الوقت بـ«مطرقة ثور».

لكن الجدير بالذكر أن هذه المطرقة الأصلية ليست هي المستخدمة الآن، إذ تعرضت الهدية للكسر بعد 8 سنوات من استخدامها في الأمم المتحدة؛ ففي عام 1960، أحدث نبأ انكسار المطرقة دوياً في العالم أجمع ربما أعلى من صوتها المعتاد.

حذاء خروشوف

ويوضح موقع الأمم المتحدة أن المطرقة انكسرت على يد رئيس الجمعية العامة آنذاك الآيرلندي فريدريك بولاند، بينما كان يضرب على الطاولة في محاولة لتهدئة الزعيم السوفييتي نيكيتا خروشوف، الذي كان يضرب بحذائه على الطاولة.. حينها ضجت قاعة الجمعية العامة بضوضاء غير مسبوقة، اخترقت أصداؤها جدران المقر الشامخ على ضفاف نيويورك ليصبح حديث وسائل الإعلام الدولية.

اختفاء

ورغم أن العديد من الدول تهافتت على إهداء بولاند مطرقة بديلة، كدليل على تعاطفهم معه، إلا أنه تقرر بالنهاية أن تصنع آيسلندا نفسها نسخة طبق الأصل من المطرقة المكسورة.. مع ذلك، لم يقف الأمر عند هذا الحد، ففي عام 2005، اختفت المطرقة، وعادت الأمم المتحدة لتطلب من آيسلندا مطرقة ثالثة، على أن تكون أقوى، بالنظر لحادثة انكسار الأولى.

تصميم متين

هذه المرة، نُقش على المطرقة الثالثة المستخدمة حتى الآن عبارة «يجب بناء المجتمع على أساس القوانين» باللغتين الآيسلندية واللاتينية.. ويقول موقع الأمم المتحدة إن التصميم القوي والمتين لشكل تلك المطرقة يذكر بعصر الفايكنج، بل ويقول عنها إنها إلى حد كبير «لا تشبه أداة سلام».

وحشية الفايكنج

يشير مصطلح الفايكنج إلى شعوب جرمانية اشتهرت خلال الحقبة من القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر، في المناطق الاسكندنافية، التي تضم آيسلندا والسويد والدنمارك والنرويج، واشتهرت تلك الشعوب على مر التاريخ بطبيعتها الوحشية.

وذهب الموقع الأممي إلى حد القول إن تصميم عصا ثور «يجعلنا نتأمل حقيقة أنه حتى في برلمان العالم الكائن في الأمم المتحدة بنيويورك، فإن استدعاء قوة وخشونة عصر الفايكنج، التي عفا عنها الزمن، ربما يكون ضرورياً، بين حين وآخر، لردع زعماء العالم».