الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ألمانيا تتجه إلى تمويل استراتيجية للدفاع الإلكتروني

ألمانيا تتجه إلى تمويل استراتيجية للدفاع الإلكتروني

أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي ستسافر قريباً إلى كييف، أن تحول موقف حزب الخضر الذي تنتمي إليه بعد أن كان يرفض تسليم ألمانيا أسلحة لأوكرانيا، وأصبح الآن من أشد المطالبين بذلك، يأتي بعدما أدرك الأمر في وقت متأخر. وقالت في حوار مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية «لقد جربنا كل ما في وسعنا حتى اليوم الأخير لمنع الغزو الروسي. أنا أيضاً اعتقدت أن هناك فرصة أخيرة لعودة موسكو إلى طاولة المفاوضات. وفي مثل هذا الموقف الحساس، عليك أن تفكر ملياً فيما إذا كانت أفعالك ستمنع أو ستثير شيئاً أسوأ. وكانت شحنات الأسلحة الألمانية ستعطي بوتين ذريعة أخرى لمهاجمة أوكرانيا. ولم نرغب في منحه تلك الخدمة. ولكنه بدلاً من ذلك، اضطر إلى اللجوء إلى الادعاء السخيف بأنه كان عليه حماية شعب أوكرانيا من النازيين».

ورداً على سؤال عن ما إذا كان من الممكن إنقاذ الأرواح لو كانت أوكرانيا مسلحة بشكل أفضل، أضافت بيربوك «نعلم الآن أن بوتين أراد مهاجمة أوكرانيا مهما كان الأمر، وبالطبع أتساءل مع الاستفادة من الإدراك المتأخر عما إذا كانت شحنات الأسلحة الألمانية ستجعل أي شيء أفضل. قدم آخرون الأسلحة، وتم غزو أوكرانيا على أي حال». وحول ما إذا كان ذلك سيؤثر ذلك على عملية صنع القرار في المستقبل، وأنه في حال زادت التهديدات الروسية ضد مولدوفا وجورجيا، على سبيل المثال، فهل ستزيد احتمالية الموافقة على تسليم الأسلحة؟ أكدت وزيرة الخارجية أنه لا توجد أي مخططات عندما يتعلق الأمر بالحرب.

وأشارت إلى أنه سيكون بالطبع أحد الاعتبارات في المواقف المستقبلية، وأن حقيقة أن بوتين حنث بوعده بعد يوم واحد من زعمه أنه يريد التفاوض، تؤكد أنه عندما يتغير الواقع، يجب أن تكون السياسة قادرة على التكيف. وقالت «من المهم التفريق بين الموقف الأساسي الذي يرفض توريد الأسلحة إلى مناطق الأزمات وهي ليست مجرد فكرة من حزب الخضر، ولكنها تتوافق مع المبادئ السياسية للحكومة الألمانية، وبين دعم بلد يتعرض وجوده للتهديد بحرب وحشية وله الحق في الدفاع عن النفس، فبينهما خيط رفيع. وهذا هو سبب أهمية الاعتبارات الدقيقة».

وعن رفضها السابق في ترشيحها لمنصب المستشارية الهدف الذي حدده الناتو بإنفاق 2% من إجمالي الناتج المحلي على الدفاع. وأن الأمر أصبح الآن سياسة حكومية رسمية، أكدت بيربوك أنها لطالما قالت إن قدرات الجيش الألماني هي الشيء المهم وليس العدد. وأشارت إلى دعمها إنفاق 100 مليار يورو للصندوق الخاص على الجيش، ولكن الأمر يتطلب أكثر من الجيش فقط. وقالت «هذا يعني أيضاً أننا سنقوم بحماية أنفسنا من الهجمات الإلكترونية، فقد كان من المعتاد أن تتعرض البنية التحتية الحيوية للهجوم بالصواريخ، ولكن اليوم، تتعرض المستشفيات ومحطات الطاقة للهجوم عبر الإنترنت. وهذا هو السبب في أن الاستثمار في دفاعاتنا الإلكترونية عنصر حيوي في قدراتنا الدفاعية». وأكدت أنها ترغب في تجنب موقف تدرك فيه، بعد خمس سنوات من الآن، أن ألمانيا لم تكن قادرة على تمويل استراتيجيتها للدفاع الإلكتروني؛ لأن الصندوق الخاص الراسخ في الدستور يقتصر على الجيش.

وعن قلقها من خطر الحرب النووية قالت إن الرئيس الروسي كسر كل الاتفاقات، وإنه مثل هذه التهديدات يجب أن تؤخذ على محمل الجد في الوضع الحالي للحرب الساخنة.

وحول أنه في أوائل مارس الماضي، أدانت 141 دولة عضو في الأمم المتحدة الغزو الروسي، وما مدى قلقها من أن هذه الجبهة العريضة يمكن أن تنهار في مواجهة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة؟ أكدت أن الحرب أثرت على دول مختلفة بدرجات متفاوتة. وأن هناك دولاً مثل الصومال ومصر ولبنان يعتمدون بشكل شبه كامل على القمح والذرة من روسيا وأوكرانيا.و الآن، تحاصر روسيا الموانئ الأوكرانية، حيث يتم تخزين الحبوب التي تشتد الحاجة إليها، ولا يمكن زراعة الحقول بسبب الحرب، لقد أغرق الرئيس بوتين عدداً من البلدان في أزمة حادة.

وقالت إنها تشعر بالقلق من أن الدول الفقيرة قد تتبنى مزاعم بوتين بأن العقوبات الغربية ضد روسيا هي المسؤولة عن الوضع الذي تجد نفسها فيه حالياً، وأضافت «روسيا تتبع استراتيجية هجينة لبعض الوقت. وأحد عناصر دعاية الحرب هو السرد القائل إن العقوبات لا تستهدف النظام الروسي على الإطلاق، بل تستهدف دولاً أخرى. ولهذا السبب سافرت مؤخراً إلى مالي والنيجر لأوضح لهما أننا لن نتخلى عنهما. وبدلاً من ذلك، سنبذل قصارى جهدنا لضمان ألا تتحول الحرب الروسية إلى أزمة غذاء عالمية تُغرق ملايين الأشخاص في المجاعة».

ورداً على سؤال حول تولي ألمانيا حالياً رئاسة مجموعة الدول السبع الكبرى. وهل تخطط لعمل شيء محدد في هذا الإطار؟ أكدت بيربوك أنه بالطبع لأنهم كدول صناعية لديهم قدر كبير من المسؤولية. وقالت «سينصب تركيز قيادتنا لمجموعة الدول السبع على إقامة تحالف ضد أزمة الغذاء هذه». وحول ما إذا كانت الحرب في أوكرانيا غيرت أحلامها بأن تؤسس سياسة خارجية نسوية بشكل كبير، أكدت أن النسوية لا تعني إخبار ضحايا العنف بألا يدافعوا عن أنفسهم، وأنه لا يمكن للجيش إلا أن يكون الملاذ الأخير المطلق، لأنه يمكن أن يوفر للضحايا القدرة على الدفاع عن أنفسهم.

وأشارت إلى أن جوهر السياسة الخارجية النسوية هو ضمان عدم تجاهل أي شخص، خاصة في زمن الحرب، حيث يعاني الأطفال القصف بشكل مختلف عن البالغين، وكبار السن لا يستطيعون الفرار بسهولة مثل الشباب، والنساء أيضاً عرضة للعنف الجنسي.

وقالت «تتضمن مفاهيم الناتو أيضاً نزع السلاح كعنصر مهم للأمن. لكن هذا لا يتخطى مبدأ أساسياً آخر وهو وجود حق الدفاع عن النفس للناس وكذلك للدول. وقرار تسليم الأسلحة ليس غاية في حد ذاته، ولا يجعل كل شيء جديداً ومختلفاً. فلا يزال الأمر كذلك أن الأمن لا يقتصر على الجيش، ويشمل التعاون التنموي لمنع الأزمات من أن تتحول إلى حروب. كما أنه يتضمن حقيقة أن الحروب لا تنتهي بالوسائل العسكرية فحسب، بل من خلال المفاوضات أيضاً. وقد أظهرت الدراسات أن اتفاقيات السلام تستمر لفترة أطول عندما تشارك النساء، ليس لأن النساء أفضل من الباقيين، ولكن لأن نصف المجتمع لا يتم تمثيله بخلاف ذلك. ويمثل جهاز بوتين عكس ذلك تماماً. كل الأشخاص الأقوياء في فلكه هم رجال».