الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«مرض بوتين».. كثير من الشواهد قليل من الدلائل

«مرض بوتين».. كثير من الشواهد  قليل من الدلائل

بدا وجه بوتين منتفخ عن المعتاد خلال احتفال روسيا بعيد النصر في الساحة الحمراء

مع بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير، ظهرت تكهنات حول تدهور صحة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين «69 عاماً»، وإصابته بسرطان الدم، ما دفع السكرتير الصحفي، دميتري بيسكوف، إلى التقليل من شأن تلك التكهنات، واصفاً صحة بوتين بالممتازة، غير أن قناة على Telegram تُدعى «General SVR» والتي يُزعم إدارتها من قبل ضابط سابق في دائرة الاستخبارات الخارجية الروسية، ذكرت أنه من المقرر أن يخضع بوتين لعملية جراحية لنوع غير محدد من السرطان في المستقبل القريب، على أن يقوم سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، بمهام الرئيس خلال خضوعه للعملية.

ووفق تقرير لمجلة «New Lines» فإن تصرفات بوتين خلال الاجتماعات الأخيرة عززت تلك التكهنات، لا سيّما مع سلوكه المتململ خلال الأحداث المتلفزة، بما في ذلك اجتماعه في 22 أبريل الماضي مع وزير دفاعه، سيرجي شويغو، حيث تشبث بوتين بحافة طاولة صغيرة كما لو كان يثبّت نفسه ضد الهزة أو الدوار، إلى جانب عزلته الذاتية وسط جائحة COVID-19 والتي عادة ما أرجع اجتماعاته على الطاولة الكبيرة مع رؤساء دول عدة خلال الفترة الأخيرة، إلى تداعياتها، مع إشارات من الصحافة المحلية بأن أي شخص يقترب من بوتين يجب أن يخضع لاختبارات معملية مشددة.

ويرجح التقرير أن الذين خاب أملهم من القيادة الشمولية لبوتين يريدون تصويره على أنه عاجز، ورغم أن المقربين من الرئيس الروسي أو جهاز الاستخبارات المحلي الأقدر على تحديد حقيقة الأمر، فإنه من غير الواضح إذا ما كانوا سيقولون الحقيقة أم لا، لا سيّما إذا كانوا من هؤلاء الذين خاب أملهم. وذهب التقرير إلى أن الأخطر من ذلك أن نشر الشائعات حول تدهور صحة بوتين يمكن أن يستبق شيء أكثر كارثية، مثل الأمر بإطلاق سلاح نووي، والذي من غير المرجح أن ينفذه القادة العسكريون نيابة عن قائد مصاب.

تسجيل صوتي

واستعان التقرير بتسجيل صوتي حصل عليه من أحد أصحاب رأس المال الغربي، المقربين من الكرملين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، يصف بوتين بأنه مريض للغاية بسرطان الدم، لافتاً إلى عدم قدرة القائمين على الأمر من التأكد من صحة هذا الادعاء بشكل مستقل، لا سيّما في ظل صعوبة الحصول على الفحوصات الطبية الخاصة بالرئيس الروسي، وادّعى أن صاحب التسجيل قدمه بدعوى الاشمئزاز من الحرب الأوكرانية، في وقت فرضت السلطات الروسية حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً على من تثبت إدانتهم بنشر معلومات كاذبة عن الحرب في أوكرانيا.

اللافت في الأمر قيام وكالة الأمن الداخلي الروسي (FSB) بإرسال مذكرة سرية للغاية في 13 مارس إلى جميع المديرين الإقليميين تحتوي على تعليمات إلى قادة المنطقة بعدم الثقة في الشائعات حول حالة الرئيس الصحية، وتوجه مزيد من المديرين لتبديد أي شائعات بهذا المعنى يمكن أن تنتشر داخل وحدات (FSB) المحلية، ووفقاً لمصدر في إحدى الوحدات الإقليمية اطّلع على المذكرة، فإن تلك التعليمات غير المسبوقة كان لها تأثير معاكس، حيث اعتقد معظم ضباط (FSB) أن بوتين يعاني بالفعل من حالة صحية خطيرة.

احتمالان لا ثالث لهما

جون سيفر، الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية، يقول إنه لا توجد طريقة للتأكد من صحة بوتين على وجه اليقين من الخارج، مشيراً إلى أن انتشار تلك الشائعة يشير إلى أحد احتمالين؛ الأول: أن تكون مجرد ثرثرة لصرف الانتباه، والثاني: أن نشهد ومضات من الاقتتال الداخلي بين النخبة من أجل النفوذ والمال، مُنوّهاً بأن تلك النخبة تستعد خلال الفترة الراهنة للبقاء بغض النظر عن كيفية انتهاء الأزمة، معتقداً أن تسريب أزمة بوتين الصحية، أو اختراع أزمة صحية سيكون سبباً لكسب النفوذ. من المعروف أن بوتين أصيب بعدة إصابات في الظهر منذ أن أصبح رئيساً لروسيا لأول مرة في عام 2000، إذ سقط عن حصان خلال فترة ولايته الأولي، ما أصابه بالعجز لبعض الوقت، إلى جانب تعرضه لحادث سقوط في إحدى مباريات هوكي الجليد في سوتش في مايو 2017، ووفق «برويكت» - منفذ إخباري استقصائي روسي - فإنه في حالتين على الأقل خضع بوتين لعملية جراحية أو لإجراء خطير للغاية على الأرجح في الظهر.

الطعام المعلب

تلك الشواهد ساهمت في إعادة تسليط الضوء على ما سُمي بـ«الطعام المعلب» - مصطلح أطلقه الروس على لقاءات بوتين المسجلة مسبقاً لاجتماعاته- التي يُعد أشهرها اللقاء الذي تم بثّه في 21 فبراير بين بوتين ورؤساء الأمن القومي قبل بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، إذ تم تصوير هذا اللقاء في وقت سابق عن التاريخ الموضح في ساعات الحضور. ووفق التقرير فإن وجه بوتين بدا منتفخاً عن المعتاد خلال احتفال روسيا بعيد النصر في الساحة الحمراء لإحياء ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. وبدورها قالت آشلي غروسمان، أستاذة الغدد الصماء في جامعة أكسفورد: «لطالما كان بوتين رجلاً لائق المظهر، إلا أنه على مدى العامين الماضيين، بدا أنه امتلأ وجهه ورقبته، ما اعتبرته متوافق مع استخدام الستيرويد والتي عادة ما توصف لأنواع مختلفة من سرطان الغدد الليمفاوية أو الورم النقوي، سرطان خلايا البلازما، والتي يمكن أن تسبب مرضاً عظمياً واسع الانتشار وتؤثر بالتأكيد على العمود الفقري والظهر». ولفتت إلى أن الستيرويدات تهاجم الخلايا الليمفاوية الخبيثة التي تنتشر في الدم، غير أنها تتمتع بآثار جانبية شائعة ومعروفة أيضاً، أبرزها ارتفاع مخاطر الإصابة بالعدوى بسبب مدى ضررها باستنفاد الخلايا المناعية، مشيرة إلى أن أي شخص يتناول جرعات كبيرة منه سيكون من السهل أن يصاب بـ«COVID-19»، ما قد يفسر خوف بوتين الشديد من الجراثيم واللجوء إلى العزلة، بالنظر إلى أنه يمكن للالتهاب الرئوي أن يقتل بسهولة مستخدم الستيرويد الذي يعاني من نقص المناعة.