الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بعد أكثر من 100 يوم.. لماذا عاكست الحرب الأوكرانية توقعات «الانتصار الخاطف»؟

بعد  أكثر من 100 يوم.. لماذا عاكست الحرب الأوكرانية توقعات «الانتصار الخاطف»؟

مدينة سيفيرودونيتسك

يراهن كل من الفريقين المتحاربين على الأراضي الأوكرانية على تسجيل نقاط في مرمى الطرف الآخر، إذ زادت الثقة الأوكرانية بعد مرور أكثر من 100 يوم على الحرب وعدم تحقيق روسيا نصراً سريعاً وفق توقعاتها، غير أن تلك الثقة يقابلها رهان روسي على حدوث إجهاد دولي لا سيما من جانب المستهلك الغربي بما يؤثر على سير العمليات الانتخابية داخل الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى، بالمقابل تراهن الأخيرة على الشيء ذاته داخل روسيا في ظل ضغط العقوبات الاقتصادية الناتجة عن الحرب الأوكرانية.

السفير السابق للولايات المتحدة الأمريكية في جورجيا وكازاخستان، ويليام كورتني، يرى أن روسيا تراجعت عن أهدافها تكتيكياً وليس استراتيجياً، لا سيما أن الهدف الأساسي يكمن في الاستيلاء على مدن كييف، خاركيف، أوديسا، وبينما اضطرت للانسحاب من الأولى والثانية، فإنها لم تستطع الاقتراب من الأخيرة، مؤكداً أن فشل روسيا في تحقيق أهدافها خلال 100 يوم من بداية الحرب يعني أن أوكرانيا ليست بحاجة إلى التنازل عن أراضِِ كبيرة لإنهاء الحرب. ويضيف في تقرير لموقع CNBC أن أوكرانيا تتلقى دعماً كبيراً من الغرب حتى أصبحت الحرب الراهنة حرباً بالوكالة، إذ لم تعد حرباً بين روسيا وأوكرانيا بل حرباً بين روسيا والغرب، لذا فإنه لن يكون من الضروري لأوكرانيا تقديم تنازلات إقليمية كبيرة لتحقيق السلام وفق كورتني.

حل دبلوماسي

ويتبنى كورتني وجهة نظر مختلفة، إذ يرى أن ساحة الحرب سلسة وتعتمد النتيجة النهائية إلى حد كبير على مكان تواجد القوات عند توقف القتال، لافتاً إلى أنه من السابق لأوانه معرفة أي فريق سيفوز، غير أن روسيا ما زالت تحتل مساحة غير قليلة بين غرب روسيا وشبه جزيرة القرم. في المقابل ترى فرنسا أن عدم إلحاق الغرب الهزيمة بروسيا من شأنه يعزز من فرص الحل الدبلوماسي، حيث أظهرت هذه التصريحات وجود انقسامات واضحة بين دول مثل بولندا ودول البلطيق، التي عانت الاحتلال السوفيتي وترى مخاطر أكبر في روسيا التي لم تهزم بشكل سليم، ودول أوروبا الغربية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، التي تدعم أوكرانيا ولكنها تتأذى من ارتفاع التضخم، والعقوبات الاقتصادية ضد روسيا، ويريدون إنهاء الحرب بشكل أسرع من خلال المفاوضات، بحسب نيويورك تايمز.

ويؤكد التقرير أن روسيا تحاول أن تضغط بكل قوتها لتحقيق انتصار ما داخل مدينة سيفيرودونيتسك، التي تعد آخر العقبات التي تحول دون استيلاء روسيا على منطقة لوغانسك، ورغم اعتراف أوكرانيا بصعوبة الموقف إلا أنها تؤكد صمود قواتها على الخطوط الأمامية، ولفت إلى أن موسكو وجهت تذكيراً يوم الأحد بأنها تحتفظ بالقدرة على شن هجوم في معظم أنحاء أوكرانيا، إذ ضربت العاصمة كييف، لأول مرة منذ أكثر من شهر، فيما حذر بوتين من أن موسكو قد تضرب أهدافاً سليمة حال وصول صواريخ بعيدة المدى من الغرب إلى أوكرانيا.

انسحاب استراتيجي

معهد دراسات الحرب في الولايات المتحدة الأمريكية أكد في تقرير حديث أن قرار تجنب تخصيص مزيد من الموارد لإنقاذ سيفيرودونيتسك والانسحاب منها مؤلم إلا أنه سليم من الناحية الاستراتيجية، ولفت إلى أنه يجب على أوكرانيا أن تتعامل مع مواردها المحدودة للغاية من أجل استعادة التضاريس الحرجة بدلاً من الدفاع عن أراضٍ لن تحدد نتيجة الحرب أو شروط تجددها.

ومن جانبها تعلق موسكو أهمية كبرى على مدينة سيفيرودونيتسك الاستراتيجية، إذ إن السيطرة عليها ستكون حاسمة من أجل إحكام قبضتها على كامل منطقة دونباس، في ظل معارك على جبهات ذات تضاريس أكثر انفتاحاً، الأمر الذي يفسر إلحاح أوكرانيا في طلب الأسلحة الثقيلة -خاصة أنظمة المدفعية التي يمكنها ضرب أهداف على مسافات أطول- من الولايات المتحدة وحلفائها، وفقاً لتقرير نشرته شبكة CNN.

مدير مركز الحوار الروسي في سانت بطرسبرغ، دكتور مسلم شعيتو، يقول في تصريحات خاصة إن إطالة أمد تحقيق الأهداف الروسية يرجع إلي وقوف الغرب إلى جانب أوكرانيا، وإقناعها بعدم تقديم أي تنازلات، لافتاً إلى أن موسكو كانت تخطط لعملية سريعة للضغط على حكومة أوكرانيا لإجبارها على الانصياع لتنفيذ الاتفاقات السابقة إلا أنها لم تنجح بذلك، لذا اضطرت روسيا إلى الانتقال للمرحلة الثانية، التي تتمثل في تحرير منطقتي لوغانسك ودونيتسك لكن بعملية بطيئة نسبياً تستنزف خلالها القوات الأوكرانية من جهة، و تتفحص خلالها الأسلحة التي يستخدمها الغرب من جهة أخرى.

وأكد أن تلك المناطق تعد امتداداً لروسيا وتحميها من جهة الغرب والجنوب، إذ تمنع وصول أعداء روسيا عبر البحر الأسود وبحر آزوف، واصفاً الحرب الراهنة بالعالمية، حيث إنه ليس لديها معارك عسكرية حتى اللحظة في أوكرانيا فحسب، بل إن هناك معارك اقتصادية وإعلامية وثقافية ومالية تشمل كل العالم، منوهاً بأن من الصعب التوقع بالمدى الزمني للمعارك غير أن روسيا تعمل بشكل تصاعدي بطئ ولكن بأرباح دائمة، مدللاً على ذلك بتحرير أجزاء كبيرة من مناطق لوغانسك ودونيتسك التي تعتبرهما روسيا امتداداً استراتيجياً لها.



انحسار اهتمام وسائل الإعلام الدولية بأوكرانيا

الرهانات طويلة المدى بدأت تفرض نفسها على الصراع بين روسيا والغرب، فبينما يرى الغرب أن سلاح العقوبات يمكن أن يرضخ عزيمة روسيا، في المقابل ترى روسيا أن ارتفاع تكاليف الطاقة لا سيما على المستهلكين سيلعب دوراً مماثلاً، ووفقاً للتقرير فإن الهجوم الروسي في الشرق يتأرجح مع انحسار اهتمام وسائل الإعلام الدولية بأوكرانيا إلى حد ما عن العناوين الرئيسية، الأمر الذي ربما يعتمد عليه بوتين، لافتاً إلى أن الأخير يدرك أن ارتفاع أسعار الطاقة الناتج عن الحرب من المرجح أن يركز انتباه الرأي العام ويقود نتائج الانتخابات داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأماكن أخرى، وسط تصريحات تشير إلى أن روسيا لا تطارد موعداً نهائياً للحرب في أوكرانيا ولديها جدول زمني مفتوح، في المقابل تخشى أوكرانيا من أن يحدث إجهاد دولي يدفع باتجاه تقديم تنازلات لبوتين.