السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

هنري كيسنجر لـ«صنداي تايمز»: العالم يتجه نحو فترة «صعبة للغاية»

هنري كيسنجر لـ«صنداي تايمز»: العالم يتجه نحو فترة «صعبة للغاية»

هنري كيسنجر- صورة من (epa)

زيلينسكي شخصية غير متوقعة.. كان ممثلاً كوميدياً لكنه تحوّل إلى بطل حرب

الصين وأمريكا خصمان.. لكن لديهما الحد الأدنى من الالتزام لمنع حدوث تصادم كارثي

بين الفَيْنَة والأُخرى، يخرج أستاذ السياسة والعلاقات الدولية والدبلوماسي الأمريكي المخضرم هنري كيسنجر، الذي شغل العديد من المناصب في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كمستشار الأمن القومي ووزير الخارجية، ليطرح أفكاره حول مجريات السياسة الدولية، ما يثير الكثير من الجدل. واليوم وعبر «صنداي تايمز» يطرح رؤية حول العلاقة بين أمريكا والصين، مؤكداً أنها حرب باردة ثانية، ربما أخطر من الحرب الباردة الأُولى بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، كما أجاب على السؤال الهام: كيف يمكن إيقاف الحرب في أوكرانيا؟ مؤكداً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليس له أي عذر في شن الحرب، كما تحدث كيسنجر عن توسع حلف شمال الأطلنطي «الناتو»، مؤكداً أنه من المهم أن ندرك أن القضايا الكُبرى ستحدث في العلاقات بين الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وأمريكا.

سياسة نيكسون الخارجية

وتطرق كيسنجر إلى الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي اضطر إلى الاستقالة بسبب فضيحة ووترغيت، قائلاً «كانت ووترغيت سلسلة من التجاوزات»، لأنها دمرت إستراتيجية السياسية الخارجية الأمريكية البارعة التي ابتكرها كلٌّ من كيسنجر ونيكسون، لتعزيز موقف ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما كانت تخسر الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي في عام 1969 مع تولّي نيكسون. وقال كيسنجر «أراد نيكسون إنهاء حرب فيتنام بشروط شريفة، وأراد تجنب الصراع النووي مع الاتحاد السوفيتي من خلال سياسة الحد من التسلح.. كما أنه أعلن منذ يومه الأول أنه يريد الانفتاح على الصين، ورأى أنها كانت فرصة إستراتيجية، وأن كلّاً من موسكو وبكين – خصمَيْ واشنطن- كانا في صراع مع بعضهما البعض، بعد الحرب الحدودية بينهما في عام 1969، بخلاف الانقسام الكبير بينهما، حول القضايا الأيديولوجية.. وأمرنا نيكسون بالعمل من أجل محاولة جعل أمريكا أقرب إلى الصين، كل ذلك كان في العام السابق لفضيحة ووترغيت».

وواصل كيسنجر دفاعه عن نيكسون قائلاً «بنهاية رئاسة نيكسون، كان هناك سلام في فيتنام، كما تمكّنا من إعادة صياغة سياسة الشرق الأوسط بطرد السوفييت من المنطقة، وترسيخ الولايات المتحدة في صورة وسيط السلام بين العرب والإسرائيليين، كما أننا نجحنا في الانفتاح على الصين، وتفاوضنا على الحد من الأسلحة الإستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي».ورداً على سؤال حول الانقسام الحالي في الولايات المتحدة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يقول كيسنجر «في أوائل السبعينيات، كانت هناك إمكانية للتعاون بين الحزبين، وكان مصطلح «المصلحة الوطنية» له قيمته ومعناه، لقد انتهى ذلك الآن، وكل إدارة تواجه العداء للمعارضة».

زيلينسكي أدّى مهمة تاريخية

وتطرق كيسنجر إلى الرئيس الأوكراني الحالي، فولوديمير زيلينسكي، قائلاً «رئيس أوكرانيا شخصية غير متوقعة، فقد كان ممثلاً كوميدياً، تحوّل إلى بطل حرب، ولا شكَّ في أن زيلينسكي قد أدّى مهمة تاريخية، إنه يأتي من خلفية لم تظهر قط في القيادة الأوكرانية في أي فترة من التاريخ». وتابع كيسنجر «لقد كان زيلينسكي رئيساً بالصدفة، بسبب الإحباط من السياسة الداخلية الأوكرانية، ثم واجه محاولة روسيا لإعادة أوكرانيا إلى التبعية الكاملة لها، لكن زيلينسكي تمكّن من حشد دولته، وساندها العالم بطريقة تاريخية. هذا هو إنجازه العظيم». وواصل«إلا أن السؤال البارز هو هل يمكنه صنع السلام، خاصة السلام الذي ينطوي على بعض التضحية المحدودة؟».

بوتين.. ليس لديه عذر

وتحدث كيسنجر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خاصة أنه التقى به مرات عديدة، أولها في أوائل التسعينيات، عندما كان بوتين نائب عمدة مدينة سان بطرسبرغ، وقال «اعتقدت أنه محلل صاحب رؤية، ويرى أن روسيا عبر مراحل الزمن المختلفة، تمكّنت من التماسك، فقد جاء السويديون والفرنسيون والألمان لمحاولة غزو روسيا، وكان بعض ذلك من عبر أوكرانيا، لكنهم جميعاً تعرضوا للهزيمة؛ لأنها أرهقتهم.. هذه هي وجهة نظر بوتين». وتابع كيسنجر «مشكلة بوتين هي أنه رئيس دولة أخذت في التدهور، وفقد إحساسه في هذه الأزمة، وليس هناك أي عذر لما فعله هذا العام (في إشارة إلى بدء الحرب في أوكرانيا)».

توسع الناتو

وكان كيسنجر قد كتب مقالاً عام 2014، وقت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وفنَّد فيه فكرة ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلنطي «الناتو»، وخلص في نهايته إلى اقتراح بأن يكون وضع أوكرانيا وضعاً محايداً مثل فنلندا، واليوم تطلب فنلندا والسويد الانضمام إلى الناتو. وحول وضع الناتو وتوسعه، قال كيسنجر «كان الناتو هو التحالف المناسب لمواجهة روسيا العدوانية، عندما كانت هي التهديد الرئيسي للسلام العالمي، وزاد نمو الناتو ليكون المؤسسة التي تعكس التعاون الأوروبي والأمريكي بطريقة تكاد تكون فريدة من نوعها، لذلك من المهم الحفاظ عليها». واستطرد«من المهم أن ندرك أن القضايا الكُبرى ستحدث في العلاقات بين الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وأمريكا، وحلف الناتو هو مؤسسة لا تتضمن بالضرورة آراء متوافقة بين أعضائها، لقد اتفق الحلفاء في الناتو سوياً في قضية أوكرانيا، لأن ذلك كان يذكرنا بالتهديدات القديمة، وقد قاموا بعمل جيد للغاية، وأنا أؤيد ما فعلوه. والسؤال الآن هو كيفية إنهاء تلك الحرب؟ ففي النهاية يجب العثور على مكان لأوكرانيا ويجب إيجاد مكان لروسيا، إذا كنا لا نريد أن تصبح روسيا موقعاً أمامياً للصين في أوروبا».

إقرأ أيضاً..بعد أكثر من 100 يوم.. لماذا عاكست الحرب الأوكرانية توقعات «الانتصار الخاطف»؟

الحرب الباردة بين أمريكا والصين

وحول شبح الحرب الباردة الذي يخيّم على أجواء العلاقات بين أمريكا والصين، قال كيسنجر «نحن نتحدث عن دولتين تتمتع كلٌّ منهما بالقدرة على الهيمنة على العالم». ورداً على سؤال حول هل تكون الحرب الباردة الثانية (أمريكا والصين) أكثر خطورة من الحرب الباردة الأولى بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، قال كيسنجر «نعم، لأن واشنطن وبكين لديهما الآن موارد اقتصادية مماثلة، وهو ما لم يكن عليه الحال في الحرب الباردة الأُولى بين واشنطن وموسكو، وتقنيات التدمير أصبحت أكثر رعباً، خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي، وليس لديَّ أدنى شك في أن الصين وأمريكا هما الآن خصمان، لكن لديهما الحد الأدنى من الالتزام لمنع حدوث تصادم كارثي».واستطرد كيسنجر «ما يقلقني بشدة هو ما نتجه إليه، حيث سترغب بعض الدول في استغلال التنافس الصيني- الأمريكي، بالسعي إلى الحصول على مساعدات اقتصادية وعسكرية، سواء من واشنطن أو بكين، أو كليهما؛ لذلك نحن مقبلون على فترة صعبة للغاية».