الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

قانون الإنتاج الدفاعي يثير الجدل في أمريكا.. ماذا تعرف عنه؟

قانون الإنتاج الدفاعي يثير الجدل في أمريكا.. ماذا تعرف عنه؟

تعرضت إدارة بايدن في الآونة الأخيرة لانتقادات بسبب استخدامها لقانون الإنتاج الدفاعي

تتأهب الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام قانون الإنتاج الدفاعي، من أجل زيادة إنتاج وخفض التكاليف داخل محطات الوقود، بما في ذلك الإجراءات الطارئة، فيما أعاد الكونغرس مؤخراً المصادقة على القانون ذاته حتى عام 2025، فما هو قانون الدفاع الأمريكي الذي يثير الجدل في الولايات المتحدة الأمريكية باستخدامه؟

سُن القانون الذي يمنح الرئيس مجموعة واسعة من السلطات للتأثير على الصناعة المحلية لصالح الدفاع الوطني في 1950 أثناء بداية الحرب الكورية، إذ يخول للرئيس تعبئة الصناعة المحلية لخدمة الدفاع الوطني، بما في ذلك التأهب للطوارئ، كما يوفر حوافز مالية لزيادة إنتاج المواد الحيوية المتعلقة بالأمن القومي، ورغم تحكم وزارة الدفاع في الأموال، إلا أنه يمكن للكونغرس تخصيص أموال قانون الإنتاج الدفاعي لوكالات أخرى لتمويل مشاريع غير دفاعية، لا سيما أنه خلال العام الماضي، أقر الكونغرس الذي يقوده الديمقراطيون حزمة COVID-19 التي خصصت 10 مليارات دولار لإدارة الصحة والخدمات البشرية من أجل التخفيف من حدة الفيروس بموجب القانون ذاته وفقاً لخدمة أبحاث الكونغرس.

الخلاص السياسي

أثار استخدام قانون الإنتاج الدفاعي من قبل بايدن، لتعزيز صناعة الطاقة المتجددة، وزيادة إنتاج اللقاح وحل النقص الوطني في حليب الأطفال، غضب النقاد الذين يقولون إنه تجاوز سلطته، لا سيما أنه يعتمد بشكل متزايد على سلطة ينبغي تخصيصها لحالات الطوارئ، فيما اتهم الجمهوريون وغيرهم بايدن باستخدام القانون كنوع من الخلاص السياسي، خاصة أن سياساته تسببت جزئياً في الارتفاع القياسي لأسعار الطاقة وغيرها من الأزمات. وبدوره أشار كريس ستيوارت، النائب الجمهوري عن ولاية يوتا، في تقرير نشرته صحيفة واشنطن تايمز إلى أن بايدن يستخدم القانون بشكل مفرط لإصلاح الأزمات التي أحدثها.

بدأ بايدن استخدام قانون الإنتاج الدفاعي بعد شهرين من رئاسته، إذ استدعى القانون لتعزيز الإمدادات لإنتاج لقاح فيروس كورونا وزيادة مخزون اختبارات COVID-19 في المنزل ومعدات الحماية الشخصية، الأمر الذي عرضه لانتقاد بعض الجمهوريين في ذلك الوقت، لا سيما أن الرئيس ترامب والكونغرس قاموا بالفعل بتمويل وتوفير البنية التحتية اللازمة لإنتاج اللقاحات ومعدات الوقاية الشخصية، واعتبروا أن بايدن يستخدم القانون بشكل روتيني وعلى نطاق واسع للغاية، ليعود ويستند إليه من جديد في 6 يونيو لتسريع الإنتاج المحلي للطاقة النظيفة، لزيادة إنتاج الألواح الشمسية وغيرها من المعدات الموفرة للطاقة مثل المضخات الحرارية والعزل، واعتبرت الإدارة حينها أن تلك الإجراءات ضرورية لخفض الطلب على الوقود الأحفوري وفق تقرير لصحيفة «واشنطن تايمز».

خطورة محتملة

ويشير التقرير إلى أنه في مايو، أعلن بايدن عن تفويضين من إدارة الشؤون السياسية للمساعدة في تجديد إمدادات حليب الأطفال، بعد أن اختفى الكثير من المنتج من أرفف المتاجر بعد سحب كبير وإغلاق طويل للمصنع ناجم جزئياً عن بطء تفاعل إدارة الغذاء والدواء، بعد أسابيع من استدعاء بايدن لسلطة حماية البيانات لتسريع الإنتاج المحلي لبطاريات السيارات الكهربائية، وأشار إلى الحاجة إلى ضمان قاعدة صناعية محلية قوية ومرنة ومستدامة ومسؤولة بيئياً لاقتصاد الطاقة النظيفة في البلاد. ولفت إلى أن السناتور باتريك تومي -جمهوري من ولاية بنسلفانيا لا يسعى لإعادة انتخابه- قال إن الرئيس كان يهدر أموال دافعي الضرائب لدفع أجندته الخاصة بتغير المناخ، لافتاً إلى أنه حال استمرار الإدارة في إساءة استخدام قانون الإنتاج الدفاعي لأغراض غير دفاعية، فإنه يتعين على الكونغرس تقليصها.

واستخدم الرؤساء الآخرون قانون الإنتاج الدفاعي بشكل غير منتظم لتفويض وزارة الدفاع والوكالات الحكومية الأخرى لإعطاء الأولوية للوفاء بالعقود، إذ استند الرئيس كلينتون وخليفته جورج دبليو بوش إلى قانون الإنتاج الدفاعي لتحويل موارد الطاقة لمساعدة كاليفورنيا على التعامل مع انقطاع التيار الكهربائي، وانتقد الجمهوريون في الكونغرس تلك الخطوة، لا سيما أنها أجبرت موردي الطاقة على تحويل الغاز الطبيعي إلى كاليفورنيا وبيعه بأسعار أقل من السوق، أو بدون دفع على الإطلاق في بعض الحالات، فيما وصف السيناتور فيل جرام - جمهوري من تكساس ورئيس اللجنة المصرفية في فبراير 2001 - قانون الإنتاج الدفاعي بأنه أقوى قانون أمريكي ويشكل خطورة محتملة بحسب التقرير ذاته.

قيود تتجاوز الإجراءات

في السياق ذاته ذكر موقع «ديفنس نيوز» المتخصص في السياسة والأعمال وتكنولوجيا الدفاع أن إدارة بايدن تعرضت في الآونة الأخيرة لانتقادات بسبب استخدامها لقانون الإنتاج الدفاعي، لافتاً إلى أن القانون لم يكن معروفاً نسبياً حتى تطبيقه خلال جائحة COVID-19، غير أنه خلال السنوات القليلة الماضية تم الاعتراف بقيمته المحتملة على نطاق واسع، إذ دافع كلا الحزبين عن استخدامه من البيت الأبيض والكونغرس، إلا أنه رغم ذلك فإن الادعاءات الأخيرة بأن الرئيس يسيء استخدام سلطة إدارة الشؤون السياسية في السعي لتحقيق أهداف حزبية تهدد قابليته على إعادة بناء قاعدة صناعية أمريكية قادرة على المنافسة عالمياً.

إقرأ أيضاً..بوتين: روسيا القوية ستضع قواعد النظام العالمي الجديد

ويحذر التقرير من أن يؤدي أحد التجاوزات إلى قيود واسعة النطاق تتجاوز الإجراء المسيء، لافتاً إلى أنه خلال عام 2014 أضاف الكونغرس عدة قيود إلى قانون الإنتاج الدفاعي، استجابة لإحباط الكونغرس من استخدام إدارة أوباما للقانون لدعم مبادرة الطاقة النظيفة التي تركز على الوقود الحيوي، وبدلاً من تقييد كيفية تطبيق اتفاقية حماية البيانات، جعلوا استخدامها أكثر صعوبة، الأمر الذي أسهم في زيادة البيروقراطية وانخفاض الفعالية، بما يدفع إلى ضرورة تشجيع كل الأطراف بإجراء حوار مفتوح بين الكونغرس والبنتاغون لفهم ومعالجة القيود الحالية التي تعرقل التطبيق الفعال للقانون، بما يضمن ألا تؤدي أي تغييرات مستقبلية إلى تقويض قدرة وزارة الدفاع على معالجة الدفاع المشروع بشكل فعال وسريع.

وحول النقاش المحتمل بين الكونغرس والبنتاغون يشير التقرير إلى أن الكونغرس ربما يجد أن سلطات إدارة الشؤون السياسية بحاجة إلى التوسع في وزارة الدفاع مع تطبيق مزيد من الرقابة والقيود على الوكالات المدنية التي ليست لديها خبرة في استخدام تلك السلطة، ولفت التقرير إلى أنه على مدى الـ70 عاماً الماضية التي كان قانون الإنتاج الدفاعي سارياً خلالها، تمت إعادة المصادقة عليه 53 مرة من خلال جهود الحزبين، غير أن تلك المصادقات لم تكتسب الأهمية ذاتها مقارنة بما يحتاج إليه المجتمع اليوم، في ظل سعي الصناعة الأمريكية إلى منح فرص لإعادة البناء والمنافسة عالمياً ضد الصين.

قامت كل من إدارة ترامب، من خلال الأمر التنفيذي 13806، وإدارة بايدن، من خلال الأمر التنفيذي 14017، بتوجيه نهج شامل للحكومة لتقييم نقاط الضعف في سلاسل التوريد الهامة، واعترفت التقارير الناتجة عن تلك الأوامر التنفيذية بالاعتماد الواسع والخطير على الصين الذي يعد سمة أساسية عبر العديد من الصناعات الحاسمة للدفاع الوطني، بما في ذلك الإلكترونيات الدقيقة والبطاريات ومستلزمات أخرى.

تعزيز الأمن القومي

ووفق تقرير آخر لموقع «RECHARGE NEWS» الإنجليزي فإن إجراءات بايدن التي تدعم سلاسل التوريد المحلية للمحللات الكهربائية وخلايا الوقود ومحفزات البلاتين تعمل على تعزيز الأمن القومي وأمن الطاقة عبر خفض اعتماد الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري المستورد ولا سيما من روسيا - ثاني أكبر منتج في العالم لمجموعة معادن البلاتين - فضلاً عن الصين، في وقت تؤكد وزارة الطاقة أن استقرار أسعار الهيدروجين النظيف مقارنة بالوقود الأحفوري سيعود بالنفع على المستهلكين، نتيجة خفض التكاليف مع نمو اقتصاد الهيدروجين، وسلاسل التوريد المحلية المرنة، فيما تأمل وزارة الطاقة في زيادة قدرة تصنيع المحلل الكهربائي في الولايات المتحدة إلى أقصى إمكاناتها البالغة 100 غيغاواط بحلول عام 2050، وفقاً لوثيقة سياسة سلسلة التوريد التي نشرتها في فبراير، في وقت تزايد الترحيب باستدعاء قانون الإنتاج الدفاعي من قبل «دعاة الهيدروجين» ومحللي الصناعة على حد سواء، الذين اتفقوا على أن الولايات المتحدة ما زالت متخلفة في تصنيع المحلل الكهربائي.