الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

لماذا تبدأ الأوبئة "القاتلة" في الصين؟

لماذا تبدأ الأوبئة "القاتلة" في الصين؟
شهد العالم عشرات الأمراض والأوبئة التي كانت سبباً بالفتك بعشرات الآلاف على مر التاريخ، منها ما كوفح وتمت مواجهته، ومنها ما استعصى على الطب مجاراته والحد من انتشاره، مما جعله وباء عالمياً ينشر الهلع بين الناس.

من الإنفلونزا الآسيوية، إلى سارس وإيبولا ثم زيكا وإنفلونزا الطيور، وأخيراً جاء كورونا 2020، ليعلن العالم عن خوفه من تكرار مأساة تلك الأمراض مع الفيروس الجديد.

وظهر هذا الوباء في مدينة ووهان عاصمة إقليم هوبي بوسط الصين، أواخر 2019، وانتشر سريعاً بين المقاطعات الصينية وبدأ بالتجول بأنحاء العالم ظاهراً في عدة قارات حتى اللحظة، فبدأت إحصائيات الموتى بسببه تظهر، مع 41 في الصين و3 في فرنسا حتى نهاية يوم الجمعة 24 يناير، ليكون رد فعل الصين قوياً بعزل المناطق المصابة وإيقاف العمل في محطات النقل العام والموانئ.


الصين تُصدّر الأوبئة للعالم





بعد أن انتشرت الأخبار والتحليلات حول كورونا الجديد في الصين، وإعلان عدد من دول العالم عن اكتشاف حالات للوباء في مناطق مختلفة من العالم تساءل الناس، لماذا تبدأ الأوبئة عادة من الصين؟

ففي الفترة بين عامي 1957 و1958 ظهرت الإنفلونزا الآسيوية في الصين وانتشرت بشكل كبير، أدت فيما بعد إلى وفاة ما لا يقل عن مليون شخص حول العالم، وتتفاوت الإحصائيات من مصدر إلى آخر بشأن ضحايا هذه الإنفلونزا، فيقدرها البعض بـ 4 ملايين، وتم حد انتشار الوباء نتيجة تطوير لقاح فعال ضده.

وظهر بعدها بـ10 سنوات فيروس آخر في هونغ كونغ عُرِف بإنفلونزا هونغ كونغ ظهر في عامي 1968 و1969، أدى لوفاة مليون إلى مليوني شخص في تلك الفترة حول العالم.

في بداية الألفية الحديثة، جزع العالم من أخبار انتشار فيروس جديد، أخذ بحصد أرواح البشر بشكل سريع، هو متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد "سارس" التي تفشت في عام 2003 في الصين أيضاً، ظهر للمرة الأولى في إقليم غوانغدونغ جنوب الصين. تسبب بأكثر من 8000 إصابة، وأكثر من 800 وفاة.

في عام 2013 أيضاً، عادت إنفلونزا الطيور للظهور، واجتاحت في بداية الأمر مزارع دجاج بهونغ كونغ قبل انتقالها إلى البشر، مما دفع فيما بعد منظمة الصحة العالمية لإعلان حالة طوارئ صحية عالمية.


لماذا تظهر الأوبئة في الصين؟





ما بين نظريات مؤامرة ينشرها البعض، وبين واقع يكشف عن عناصر عدة تلعب دوراً في جعل الصين الاسم المشترك الأكثر تكراراً في مسألة انتشار الأوبئة في العالم.

ويبدو عنصر التعداد السكاني عنصراً مهماً في دولة يقارب عدد مواطنيها حالياً 1.5 مليار نسمة، يأتيها الزوار من كل أنحاء العالم، وتصدر البضائع المختلفة إلى جميع القارات.

ومن المعروف أيضاً أن الصين تشهد عدداً من التفاعلات غير الآمنة بين الحيوانات والإنسان، وتسبب هذه الحالة انتشار معظم الفيروسات التي تحملها الحيوانات ومن ثم تنقلها إلى البشر.

وفي تحليل حول السبب وراء ظهور الأوبئة في الصين، يقول الدكتور شوبرها برور، المتخصص في علم الفيروسات "في الصين هناك الكثير من أسواق الحيوانات الحية، التي يرتادها الكثير من الناس، وتفتقر لمقومات السلامة الصحية في التعامل مع الحيوانات بطريقة إعدامها أو حفظها، مما يساهم بانتشار العدوى فور ظهورها".

وتحدث الدكتور برور عن ربط ظهور السارس في عام 2003 بسوق الحيوانات في الصين، وإنفلونزا الطيور التي انتشرت في الصين في عام 2013، كان انتشارها مرتبطاً بسوق الطيور الحية.

وأكد برور في حديثه لدورية مينت الهندية، أن هذا يبقى مجرد تحليل للوضع وما زلنا "لم نحصل على إجابات واضحة حتى النهاية".

وبطبيعة الحال، فإن انتشار الأوبئة يعتمد على عوامل، منها: قوة المرض ومدى انتقاله بين البشر، وكذلك الكثافة السكانية المرتفعة. وتركيبة الصين قد تلفت النظر أكثر من غيرها، نظراً لكونها مركزاً اقتصادياً وتجارياً وسياحياً هاماً على خريطة العالم، مما يعزز فرصة انتشار أي مرض بها أكثر من أي مكان آخر.

ولكن هذا لا يكفي بالجزم أن الصين وحدها هي "مرتع" الأوبئة، فعلى مر التاريخ ظهر عدد من الفيروسات العالمية الأخرى في أماكن غير الصين، فإيبولا في أفريقيا، وفيروس زيكا في أمريكا الجنوبية والإنفلونزا الإسبانية في أوروبا تسببت بحالات هلع مماثلة.

ويرى خبراء أن ضعف ثقافة الوقاية في التطبيق العملي في الصين تساهم بانتشار هذه الأوبئة، فالكلام عن بعض المختبرات غير الآمنة لإجراء التجارب على الفيروسات في عدة مدن هناك، كما أن خفض التكلفة يأخذ أولوية في لدى المزارعين والمنتجين قبل التفكير بالأمن ونتائج المخاطرة التي يأخذونها.




هل الأمر مُخيف وهل يجب أن نذعر؟





المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدانوم أكد في حديث للصحافة في جنيف أن الإجراءات التي اتخذتها الصين حتى اللحظة قوية جداً، ودعاها إلى اتخاذ إجراءات أكبر للحد من الانتشار الدولي للفيروس.

وقال أدانوم "أكدنا لهم أن اتخاذ إجراء قوي لن يتيح لهم السيطرة على انتشار الفيروس في بلادهم وحسب بل والتقليل كذلك من فرص انتشاره دولياً".

ورغم انتشار الفيروس عالمياً، فقد قالت منظمة الصحة العالمية أيضاً إن فيروس كورونا الجديد يمثل "حالة طوارئ في الصين"، واعتبرت أنه من المبكر أن يتم الإعلان عن حالة طوارئ دولية، رغم أن الفيروس يواصل الانتشار عالمياً.

وقال برندان ميرفي كبير المسؤولين الطبيين في أستراليا للصحافيين في تصريح للصحافيين "الدلائل المبكرة في هذه المرحلة تشير إلى أنه ليس خطراً مثل سارس وميرس".

الأطباء والخبراء أيضاً طمأنوا العالم وأكدوا أن الفيروس الجديد، لا يشكل خطراً كبيراً أسوة بفيروسات كورونا السابقة كـ"سارس" ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية "ميرس" التي تسببت بوفاة أكثر من 700 مريض منذ 2012.