الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

خبراء في مكافحة الفيروسات لـ «الرؤية»: تسمية كورونا بالوباء «لا يعني أنه أكثر فتكاً»

خبراء في مكافحة الفيروسات لـ «الرؤية»: تسمية كورونا بالوباء «لا يعني أنه أكثر فتكاً»

إعلان منظمة الصحة العالمية وسيلة لتذكير البشر بضرورة مكافحة الفيروس. (الرؤية)

لم تعد حالات الإصابة بفيروس «كوفيد ـ 19» كورونا المستجد مجرد تفشٍ، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه «وباء»، إذ قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحافي، عُقد الأربعاء الماضي في جنيف، إن المرض أصبح «وباء» بشكل رسمي.

لكن.. هل يعني هذا الإعلان أن كل شيء أصبح متغيراً الآن؟ وهل يُمكن أن تختلف أمور اليوم عن الأمس؟ وهل من الضروري الدخول في موجات جديدة من الذعر أو الهستيريا الجماعية؟

«الرؤية» توجهت بتلك التساؤلات لمجموعة من الخبراء في مجال مكافحة الفيروسات.


يقول رئيس مركز الفسيولوجيا الجزيئية وعلم الأحياء الدقيقة بمستشفى الأطفال بجامعة تكساس بيتر جي هوتس: «إن اسم المرض يُمكن أن يؤثر بالفعل على سلوك البشر»، فكلمة وباء تجعل الذاكرة تستعيد بشكل لا إرادي «الطاعون»، لكنه لا يرى بشكل علمي تأثير التسمية على الوضع العالمي وحجم الإصابات.


ويشير هوتس «يُمكن أن تثير مخاوف الناس بشكل أكبر كما يُمكنها أيضاً رفع وعيهم تجاه المرض بصورة كبيرة».

ومع ذلك، يؤكد هوتس أن ما تعنيه تلك الكلمة في الواقع لا يُمكن أن يشير إلى تصنيف المرض من ناحية شدته أو درجة إماتته. فكون كوفيد - 19 أصبح وباء «لا يعني بالضرورة كونه أكثر أو أقل فتكاً».

فعلى الرغم من كون «كوفيد ـ 19» وباء بشكل رسمي، إلا أنه لا يزال أقل في معدلات الوفاة من فيروس «سارس» الذي ضرب العالم في بدايات عام 2002 واستمر حتى 2003. وبرغم كونه أعلى بشكل ملحوظ في نسب الوفيات التي يُسببها فيروس الإنفلونزا الموسمية؛ إلا أن قدرة الجسم ومناعته «قادرة على دحره في معظم الأحيان» حسبما يقول الخبير في علوم الأحياء الدقيقة بيتر جي هوتس.

لكن.. ما الفرق أصلاً بين التفشي والوباء؟

حسب منظمة الصحة العالمية، فإن «الوباء» هو حالة انتشار سريعة لفيروسات أو بكتيريا أو أمراض معدية في جميع أنحاء العالم، ويشترط أن تُسبب تلك الحالة إصابات واسعة النطاق في العديد من الدول في الوقت ذاته، كما يُشترط أيضاً أن تُحدث تلك الإصابات تهديداً جدياً على الصحة العامة.

أما «التفشي» فهو ببساطة أي حالة مرضية يزيد فيها عدد المرضى بشكل فجائي يتجاوز التوقعات، دون أن يتجاوز نطاقاً مُحدداً جغرافياً، فمثلاً؛ أصاب فيروس كورونا المستجد العديد من الحالات داخل مدينة «ووهان» الصينية، وانتشر بشكل غير متوقع داخل حدود تلك المدينة، وبالتالي أصبح ذلك الفيروس «متفشياً» في تلك المدينة، وحين انتقل إلى خارجها ضمن حدود الصين أصبح «وباء محلياً»، وحين زادت عدد الحالات في بلدان أخرى أصبح ذلك المرض «تفشياً عالمياً». وبسبب الاطراد الحادث في عدد الحالات أصبح «وباء عالمياً».

بمجرد ظهور حالات الإصابة في دول إيران وإيطاليا وكوريا الجنوبية، والتي أصبحت مراكز لتوطن ذلك الوباء، بدأ العلماء في التفكير في إطلاق اسم الوباء على المرض، فعلى الرغم من أن تفشي «السارس» في 2002 - 2003 حدث في عدة دول، وينطبق الشيء نفسه على تفشي «الإيبولا» 2014 - 2016 في غرب أفريقيا وتفشي «زيكا» 2016، لم يطلق العلماء عليها اسم الوباء، إذ ظلت جميع هذه الأمراض الثلاثة التي شملت أكثر من دولة واحدة مجرد «تفشي».

لماذا إذاً لم يطلق العلماء على تلك الأمراض اسم الوباء، الإجابة يقدمها الباحث في مركز شنغهاي للصحة العامة فا وو، الذي يقول إن الشرط لإطلاق كلمة وباء على أى مرض هو «حدوثه في جميع أنحاء العالم، أو على مساحة واسعة جداً، عابرة للحدود الدولية، كما يجب أن تؤثر في مئات الآلاف من الأشخاص».

ويرى وو في تصريحاته لـ«الرؤية» أن إطلاق كلمة وباء على المرض الذي يُسببه فيروس كورونا المستجد هو في حقيقة الأمر «شيء إيجابي». ففي مثل تلك الحالات يجب أن يتحول اهتمام العالم وسياسته من احتواء الوباء إلى محاولة تقليل التأثير الحادث نتيجة المرض دون تقديم أي وعود كاذبة للجمهور.

ويشير وو إلى أن الخيار الوحيد الآن هو أن يعمل الجميع معاً لتقليل تأثير هذا المرض المروع، مؤكداً أن تلك الكلمة «قد تساعد بالفعل على مكافحة المرض»، فعلى الرغم من أن التسمية لا يُمكن أن تغير من الوضع شيئاً، إلا أنها تبقى وسيلة لتذكير البشر بضرورة مكافحة الفيروس بطريقة منظمة وفعالة.

إلا أن الشيء المؤكد هو ضرورة عدم الانسياق وراء «الهستيريا الجماعية»، حسبما تقول الباحثة في مجال الأمراض المعدية من كلية بايلور للطب بالولايات المتحدة ماريا إلينا بوتازي.

وتشير ماريا إلى أن مكافحة الفيروس حتى الآن «تبقى موضوعاً شخصياً» إذ لم تنجح الجهود الدولية بعد في صناعة عقار أو لقاح ضد المرض. وترى ماريا أن استراتيجيات المكافحة وأفضل طرق التحكم في الأمر هي غسيل اليدين وتطهير الأسطح والابتعاد عن الزحام. وتشير الباحثة إلى أن «موجات الذعر» التى تُحدثها وسائل الإعلام العالمية «أمر جيد»، إذ إنها «تضع الناس أمام مسؤولياتهم تجاه صحتهم» غير أن تحول الذعر إلى فوضى «أمر وارد» على حد تعبير ماريا، التي تقول: «يجب على البشر البقاء على أهبة الاستعداد.. دون تهويل ولا تهوين».