الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

غموض وأسئلة بلا إجابات حول تفشي فيروس كورونا في اليابان

غموض وأسئلة بلا إجابات حول تفشي فيروس كورونا في اليابان

منذ بدء تفشي الفيروس التاجي المستجد، وانتقاله إلى خارج الصين، التي كانت منشأ الفيروس، ضرب الوباء عدة دول أخرى، وارتفع معدل الإصابات والوفيات بها بشكل كبير كإيطاليا، وإسبانيا، وإيران، لكن تبقى بعضها رغم قربها من منبع الوباء فإن الأمور فيها تكاد تكون مستقرة.

بداية الوباء



من بين هذه، الدول اليابان، فعلى الرغم من أنها دولة آسيوية قريبة جداً من الصين، فإن عدد الإصابات بها كان قليلاً جداً مقارنة بعدد سكانها الضخم، خاصة أنها تحتل المرتبة الأولى بفئة كبار السن، وهو ما حير العلماء.

وظهرت أول أعراض الإصابة بفيروس كورونا في اليابان على ممرضة تبلغ من العمر 30 عاماً، عندما كانت ذاهبة إلى مدينة أوساكا، وهي ثالث أكبر مدينة للبلاد، لحضور حفل موسيقي بمناسبة عيد الحب.

وبعد أقل من أسبوعين، تبينت إصابتها بالفيروس، وحينها قامت السلطات بإبلاغ كل من حضر الحفل بالخضوع للعزل الصحي، وظهر نحو 106 إصابات أخرى في 3 تجمعات موسيقية بالبلاد.

وبعد أقل من شهر، أعلن حاكم أوساكا تفشي المرض في المدينة.

وبحسب آخر إحصائية، بلغ عدد إصابات اليابان نحو 2000 إصابة، بينما بلغ عدد الوفيات ما يقارب 57 حالة وفاة، وهي نسبة قليلة جداً مقارنة بعدد سكان اليابان البالغ 127 مليون نسمة، وسافر أكثر من مليون صيني إلى اليابان بين يناير وفبراير، بحسب موقع «دويتشه فيليه» الألماني.

وعلى الرغم من أن السلطات اليابانية قامت بإغلاق جميع المدارس، وألغت جميع الأحداث العامة، لكن لا تزال الحياة طبيعية في الشوارع، والمتاجر، والمطاعم مفتوحة، وعدد قليل جداً من اليابانيين قرر العمل من المنزل.

ولكن هل فعلاً سيطرت اليابان على الفيروس؟



بحسب تقرير نشر على واشنطن بوست، هناك عدة احتمالات لذلك.

وأثار العدد المنخفض لحالات فيروس كورونا المؤكدة في اليابان الشك في البداية، أن الحكومة كانت تتستر على الأرقام الحقيقية.

ومنذ أن تأكدت أول إصابة بفيروس كورونا في اليابان، منتصف شهر يناير، زعم مسؤولو الصحة في اليابان أنهم تحركوا بسرعة لمنع الفيروس من الخروج عن نطاق السيطرة، وحيرت اليابان علماء الأوبئة بهذا التصريح، خاصة أنها تجنبت القيود الصارمة على الحركة أو الإغلاق الكامل، أو حتى إجراء اختبارات واسعة النطاق.

ولكن قد يكون اللغز على وشك الوضوح، خاصة بعد أن صرح وزير الصحة الياباني كاتونوبو كاتو، مؤخراً، بأن هناك أدلة على أن اليابان معرضة بشدة لخطر تفشي كبير للوباء.

التكتم على الأرقام الحقيقية



أشار تقرير واشنطن بوست، إلى أنه ربما عمدت السلطات في اليابان إلى أن تظهر أنها تسيطر على الوباء لعدم خسارة دورة الألعاب الأولمبية، التي كانت من المقرر أن تقام في طوكيو.

وبعد يوم واحد من قرار تأجيل الدورة لمدة عام بسبب الوباء، حذر حاكم طوكيو يوريكو كويكي، المواطنين من أن المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 14 مليون نسمة، تمر في مرحلة حرجة قبل انفجار العدوى المحتمل.

وارتفعت الحالات في طوكيو مؤخراً، مسجلة أرقاماً قياسية لمدة 4 أيام متتالية منذ اندلاع الفيروس في البلاد.

وناشد حاكم طوكيو، السكان بالعمل من المنزل، وتجنب الخروج لغير الضرورة، إلا أن السكان لم يستجيبوا للتحذيرات لارتياحهم بسبب انخفاض الإصابات والوفيات.

وقال رئيس الوزراء الياباني السابق يوكيو هاتوياما، في تغريدة: إن اليابان من أجل خلق انطباع أنها سيطرت على الوباء، تجنبت القيود الصارمة، وتكتمت عن عدد الإصابات الحقيقي، مما تسبب في انتشار كبير للفيروس، وأكد أن الألعاب الأولمبية كانت الأهم بالنسبة للحكومة من سكان طوكيو.

ووجد الخبراء زيادة في حالات لا يمكن تعقبها تتكاثر في طوكيو، وأوساكا، والمناطق الحضرية الأخرى، وهي علامات على زيادة متفجرة في الإصابات.

آلية الاختبارات



أما النظرية الأخرى، هي آلية اليابان بإجراء الاختبارات، فعلى الرغم من قدرتها على إجراء 6 آلاف اختبار تشخيصي بشكل يومي، فإن اليابان لم تجرِ سوى ما يقارب 14 ألف حتى الآن، أي بمعدل 1200 اختبار يومياً، بحسب واشنطن بوست، وهو رقم أقل بـ20 مرة من كوريا الجنوبية التي تضررت بشدة من الوباء.

وقال ماساهيرو كامي، عالم الفيروسات في معهد الأبحاث الطبية، إن اليابان أجرت الفحوصات فقط للمرضى الذين يعانون من أعراض شديدة، وهذا يعني أن عدد الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها مرتفع للغاية.

وبرر خبراء وزارة الصحة في اليابان، ذلك قائلين: إنهم يبحثون عن طفرات في حالات (كوفيد-19) من أجل احتوائه، بدلاً من إجراء اختبارات واسعة النطاق.

وبحسب «دويتشه فيليه»، قال سيباستيان ماسلو، عالم السياسة الألماني في جامعة طوكيو، إن اليابان قللت عدد الاختبارات لضمان بقاء موارد الرعاية الصحية متاحة للحالات الخطيرة من العدوى.

الثقافة اليابانية



أمّا النظرية الثالثة، فهي الثقافة اليابانية، فما نقوم به حالياً من الإجراءات الاحترازية للوقاية من كورونا كغسل اليدين، وعدم المصافحة، هو جزء من الثقافة اليابانية.

فبدلاً من المصافحة، يقوم اليابانيون بالانحناء، كم يتم في اليابان تدريس تعليم آداب النظافة الأساسية منذ سن مبكرة.

وقالت أم يابانية لطفلين «دويتشه فيليه»، إن غسل اليدين والغرغرة بمحلول مطهر، وارتداء الأقنعة، جزء من الحياة اليومية.

إدارة الأزمة



ومن العوامل الأخرى التي يعتقد بأنها ساهمت في انخفاض معدل الإصابة، إغلاق المدارس في اليابان، وسمحت بإعادة فتح المدارس فقط في المناطق الخالية من كورونا، ويطلب من الأشخاص المصابين بالحمى، البقاء في منازلهم، وعدم مخالطة أحد، وطلب الرعاية الصحية، ومنعت اليابان مؤخراً مواطني الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية من دخول البلاد باستثناء الذين يعيشون في اليابان، وبشرط الخضوع للحجر الصحي.

ومع ذلك يتوقع جيفري شامان، عالم الأوبئة في جامعة كولومبيا، أن هناك 5 إلى 10 حالات عدوى لم يتم اكتشافها مرتبطة بكل إصابة مؤكدة.

وفي مدينة أوساكا، توقع المسؤولين في وزارة الصحة، أنه بحلول أوائل أبريل، يمكن أن تصل الإصابات في المدينة إلى 3400 إصابة، و227 منها خطيرة، كما أشار التقرير إلى أنه من الممكن أن يصبح توفير العلاج الطبي للمرضى المصابين أمراً صعباً.

وتحتوي اليابان بأكملها على 2600 سرير مخصص لعلاج الأمراض المعدية، منها 118 سريراً في طوكيو، إلا أن الحكومة تتعهد بتأمين 12 ألف سرير و3 آلاف جهاز تنفس للاستعداد لأسوأ السيناريوهات.