الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«عسكرة كورونا».. سلاح نظام الملالي بإيران لتهميش حكومة روحاني

«عسكرة كورونا».. سلاح نظام الملالي بإيران لتهميش حكومة روحاني

نظام الملالي في إيران يستغل «عسكرة» أزمة كورونا لتهميش حكومة روحاني. (أ ب)

استغل نظام الملالي بقيادي المرشد الإيراني علي خامنئي تفشي وباء كورونا «كوفيد-19»، إضافة إلى عسكرة جهود الصحة العامة، لتهميش حكومة الرئيس حسن روحاني.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أنه ولمدة شهرين، جعل خامنئي القوات المسلحة - الخاضعة له - مسؤولة عن قيادة جهود بلاده لمكافحة وباء كورونا. وتُبرهن عسكرة جهود الصحة العامة في إيران كيف استخدم خامنئي وحلفاؤه تفشي الوباء لتهميش حكومة روحاني وزيادة إحكام قبضتهم على سكان البلاد، ومفاصل الدولة المنهكة بفعل الفيروس والأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الطاحنة، وغيرها.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنه بالرغم من أن هذا يبدو وكأنه تحول غير متوقع للأحداث، حيث يستغل رجال الدين الإيرانيين وباء ما لتحقيق أهدافهم الدنيوية، فإن ذلك في الواقع ليس غير مسبوق في تاريخ إيران الحديث.

ويشير هذا الماضي إلى أن عسكرة خامنئي لجهود البلاد في مكافحة فيروس كورونا، والتي أدت بالفعل إلى تفاقم العدوى في إيران، من الممكن أن تؤدي إلى تآكل مكانته في الأمد البعيد.

وعندما شبّه خامنئي في 8 أبريل الماضي، فيروس كورونا بـ«الكوليرا الحديثة» ربما لم يكن يدرك أنه مدين جزئياً بمنصبه في السلطة إلى تفشي وباء الكوليرا في البلاد في الفترة من 1889 إلى 1893.

وفي أثناء تلك الفترة استغل الزعماء الدينيون عجز الحكومة في مواجهة الكوليرا لتحقيق أهدافهم الأيديولوجية، ولإرساء الأسس التي قامت عليها النزعة العسكرية السياسية الشيعية التي أدت إلى نظام إيران المعاصر لحكم رجال الدين.

ومثلما يتهم خامنئي الولايات المتحدة بالتسبب في الوباء الحالي، فقد ألقى نظراؤه في القرن الـ19 باللائمة على الكوليرا في العقاب الإلهي للتجارة الإيرانية مع الغربيين غير المؤمنين.

وقد ساعد الخوف من المرض، رجال الدين الإيرانيين على تعبئة السكان ضد مصالح الغرب في إيران من خلال المقاطعة والاحتجاجات والعنف الجماعي.

وفي غضون ذلك، كان للدَّفعة الدينية عواقب سلبية خطيرة على إيران - والقوة الدينية في البلاد - وقد أجبرت التداعيات المالية الحكومة الإيرانية على طلب أول قروض أجنبية لها وفتح بوابات الاقتراض والاعتماد على الديون الخارجية.

وتعطلت الاستثمارات اللازمة في البنية التحتية الصحية في البلاد، مما أطال أمد انكشافها أمام الكوليرا وغيرها من الأمراض الوبائية. وأدى تفشي الأمراض بشكل متكرر إلى تآكل مكانة رجال الدين في أوائل القرن العشرين، لا سيما في أمور العلم والصحة.

كما رفضت أعداد كبيرة من الإيرانيين المعتقدات الدينية التي ربطت الأوبئة بالعقاب الإلهي.

وأدى تزايد النظرة للطبقات الدينية على أنها تعمل لمصالحها الخاصة، إلى نشوء الحركة العلمانية التي سيطرت على الساحة السياسية في البلاد أغلب القرن العشرين، واستعادت الثقة العامة، ونجحت في تخليص أمور الصحة العامة من الأبعاد السياسية وإقامة علاقة بناءة مع الغرب.

وبدلاً من اتباع ذلك المخطط، أعطت القيادة الإيرانية لأمور السياسة والمصالح الاقتصادية الضيقة الأولوية على الصحة العامة، وتصرفت مثلما فعل رجال الدين أواخر القرن التاسع عشر. وهوّنت القيادة الإيرانية في البداية من مخاطر كورونا ومن شدة الوباء لتجنب إعراض الناخبين عن التصويت في الانتخابات البرلمانية في البلاد.

ورفض أعوان خامنئي تقييد الوصول إلى المزارات الشيعية في البلاد.

واستغل خامنئي الفشل الأولي للقيادة، والذي لعب فيه دوراً، ليعزز سلطته.

ووفقاً للدستور الإيراني فإن المرشد الإيراني يُعيّن لمدة طويلة باعتباره السلطة السياسية والدينية الأعلى على الإطلاق في البلاد، فيسيطر على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، كما يسيطر على الرئيس الذي يتولى الرئاسة لمدة 4 سنوات، والبرلمان الذي يتمتع بالقدرة على قمع السياسات التي لا تتفق مع الأهداف الأيديولوجية لحكم رجال الدين.

وبإعلان أن فيروس كورونا كان سلاحاً بيولوجياً من إنتاج واشنطن، استطاع خامنئي إعلان حالة الطوارئ ووضع المؤسسة العسكرية، المسؤولة أمامه فقط، في موضع قيادة جهود البلاد في مكافحة فيروس كورونا.

لكن الصراع المستمر بين السلطتين المدنية والعسكرية حرم البلاد من سياسة متماسكة في التعامل مع الوباء. وما تزال إيران واحدة من أكثر الدول تضرراً، وهو ما يمكن أن يلحق الضرر بمكانة رجال الدين، مثلما حدث أواخر القرن التاسع عشر.