تزايدت تصريحات وتحركات النظام الإيراني خلال الأيام القليلة الماضية، تزامناً مع تولي الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، منصبه، فقد هددت بمزيد من الاضطراب حال عدم عودة واشنطن للاتفاق النووي دون أي تعديلات عليه، بجانب احتجازها سفينة نفط كورية، وقيامها بمناورات عسكرية بخليج عمان، ما اعتبره محللون بمثابة «جس نبض» إيراني لإدارة بايدن. توترات كبيرة وفي قراءته للوضع الحالي، يرى نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، دكتور عماد جاد، أن إيران تقوم بهذه التحركات، لشعورها بوجود توجه لدى إدارة بايدن باتباع سياسة تشبه ما فعله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاهها، وهو ما اتضح من حديث المرشح لوزارة الخارجية بإدارة بايدن، أنتوني بلينكن خلال إدلائه بشهادته أمام مجلس الشيوخ أمس، حيث تبنى موقف إدارة ترامب بالكامل تجاه إيران. وأضاف جاد لـ«الرؤية» قائلاً: «لن يكون هناك تغير سريع في موقف إدارة بايدن تجاه إيران، وربما تستمر العقوبات والحصار أو تتزايد، وتصريحات بلينكن توضح أن الإدارة الجديدة تريد توسعة بنود الاتفاق النووي، ليشمل الحد من برنامج طهران الصاروخي، وتدخلاتها في دول الجوار، خاصة بعد أن صنفت إدارة ترامب في أيامها الأخيرة، الحوثيين كجماعة إرهابية». استمرار العقوبات أستاذ العلوم السياسية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بالولايات المتحدة الأمريكية، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي ماك شرقاوي، يقول إن «طهران تستفز أمريكا من خلال القيام بمناورات عسكرية بالخليج، وإطلاق الصواريخ على مقربة من حاملة الطائرات الأمريكية، وتريد قياس مدى احتمال إدارة بايدن لتلك الاستفزازات». وأضاف شرقاوي لـ«الرؤية»: «تصريحات بلينكن تشير إلى أنه لن تكون هناك تسهيلات أمريكية تقدم لإيران فيما يتعلق بالملف النووي، في ظل تهديدها بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومطالبتها لواشنطن بالعودة للاتفاق النووي بكامل نصوصه السابقة بدون أي تعديلات». وتابع شرقاوي: «ما فعله ترامب خلال الفترة الماضية تجاه إيران، سيفعل بايدن أموراً أكثر صرامة منه، وسيرد على أي استفزازات عسكرية إيرانية، بالرد المناسب الذي يحفظ كرامة أمريكا، كما أن المرشح لوكالة الاستخبارات الأمريكية بإدارة بايدن، وليام بيرنز، من أعضاء فريق الباحثين في معهد كارنيغي للسياسة الأمريكية، وكان في فريق الرئيس السابق باراك أوباما في الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015، والجميع توجسوا خيفة من أن يعيد بيرنز أمريكا إلى الاتفاق النووي كما هو، لكن كان من اللافت في كتاب بيرنز الذي صدر قبل عامين، أنه تضمن انتقادات للاتفاق النووي في نقطتين مهمتين، الأولى ضرورة وضع قيود على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، والثانية وقف طهران لسياساتها الرامية للهيمنة والسيطرة وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط». وقال شرقاوي: «إدارة بايدن عازمة على المضي قدماً في الضغط على إيران للدخول في اتفاق جديد، وهو ما ظهر من تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الجديد». تهدئة للداخل من جانبه قال رئيس المركز العربي للبحوث والدراسات، هاني سليمان: «ما تفعله إيران من استفزازات وتصريحات، يأتي للاستهلاك المحلي، خاصة أن هناك تقارير أشارت إلى سوء الحالة الصحية للمرشد الإيراني علي خامنئي، والخلافات حول من سيخلفه». وأضاف سليمان لـ«الرؤية» قائلاً: إيران على صفيح ساخن، في ظل الاحتجاجات المتتالية بها، والنظام الإيراني يريد تهدئة الوضع الداخلي، خاصة أنه لم ينتقم لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وقائد الحشد الشعبي العراقي أبويوسف المهدي، ولا للعالم النووي الكبير محسن فخري زاده، كل هذه الأمور تدفع الداخل الإيراني للاشتعال، لذا تصريحات نظام الملالي تأتي لتهدئة الشعب الإيراني».

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أو - أ ف ب.
كيم يتعهد تعزيز ترسانة بلاده النووية
تعهّد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون في خطاب ألقاه في ختام أعمال المؤتمر العام للحزب الحاكم، تعزيز الترسانة النووية للبلاد، بحسب ما نقلت عنه الأربعاء وكالة الأنباء الرسمية.
وقال كيم وفقاً لوكالة الأنباء المركزية إنّه «في الوقت الذي نعزّز فيه قوّتنا في مجال الردع النووي، يجب علينا بذل كلّ ما في وسعنا من أجل بناء أقوى جيش».
وخطاب كيم الذي يأتي قبل بضعة أيام من تولّي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة، يرمي في نظر محلّلين إلى جذب انتباه الإدارة الأمريكية المقبلة في وقت تعاني فيه كوريا الشمالية من عزلة أكثر من أي وقت مضى بعدما أغلقت حدودها لحماية نفسها من جائحة كوفيد-19.
وكيم الذي أعلن خلال المؤتمر أنّ الولايات المتّحدة هي «العدوّ الأكبر» لبلاده، خاض مع الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب حرباً كلامية وتبادلا التهديدات قبل انفراج دبلوماسي تجلّى بلقاءات تاريخية بينهما.
وتوقفت المحادثات بشأن الترسانة النووية لكوريا الشمالية عندما انهارت قمة هانوي بين ترامب وكيم في فبراير 2019 على خلفية التفاوض بشأن مدى استعداد كوريا الشمالية للتخلي عن ترسانتها في مقابل تخفيف العقوبات.
ويمثل تغيير الإدارة في واشنطن تحدّياً لبيونغ يانغ التي وصفت سابقاً بايدن بأنه «كلب مسعور» ينبغي «ضربه حتى الموت»، بينما وصف الرئيس الأمريكي المنتخب الزعيم الكوري الشمالي بأنه «بلطجي».
ومن المتوقّع أن تعود واشنطن إلى نهج دبلوماسي أكثر تشدّداً في ظلّ إدارة بايدن، يتمحور حول الإصرار على تحقيق تقدم كبير في محادثات على مستوى فرق العمل قبل التطلع إلى عقد لقاءات قمة.
وخصّصت بيونغ يانغ موارد هائلة لتطوير أسلحتها النووية وصواريخها الباليستية التي تعتبرها ضرورية للدفاع عن نفسها في مواجهة غزو أمريكي محتمل.
وحقّقت تلك البرامج تقدماً سريعاً في ظلّ قيادة كيم، ومن بينها تنفيذ أكبر تفجير نووي لها على الإطلاق حتى الآن، وصواريخ قادرة على الوصول إلى كافة أنحاء البر الأمريكي، في مقابل عقوبات دولية كانت تزداد صرامة.
وخلال عرض عسكري في أكتوبر جرى عرض صاروخ ضخم جديد، رأى محللون أنه أكبر صاروخ متحرك بالوقود السائل على الإطلاق، ومن المرجح جداً أنه قادر على حمل عدة رؤوس نووية.
وأكّد كيم خلال المؤتمر أنّ بلاده أكملت خططها لبناء غواصة تعمل بالدفع النووي - في خطوة من شأنها أن تشكّل تغييراً استراتيجياً لقواعد اللعبة - وأنّها وضعت نصب عينيها تطوير قائمة طويلة من الأسلحة تشمل صواريخ مزوّدة برؤوس حربية تفوق سرعتها سرعة الصوت، وأقماراً صناعية للاستطلاع العسكري، وصواريخ عابرة للقارة تعمل بالوقود الصلب.
من ناحيتها، وجّهت شقيقة كيم انتقاداً لاذعاً لسلطات كوريا الجنوبية على خلفية تقارير تحدّثت فيها سيول عن رصد مؤشرات لاستعراض عسكري محتمل في بيونغ يانغ.
ونقلت وكالة الأنباء الشمالية الرسمية عن كيم يو-جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي التي تتمتّع بنفوذ كبير في البلاد، قولها إنّ «الجنوبيين مجموعة غريبة حقاً يصعب فهمها».
وأضافت «إنّهم أغبياء وفي صدارة القائمة العالمية لسوء السلوك».
وأكّد الجيش الكوري الجنوبي رصد مؤشّرات على أنّ استعراضاً عسكرياً نُظّم مساء الأحد. لكن الجيش لم يحسم ما إذا كان الحدث الذي تم رصده هو «الاستعراض بحدّ ذاته أم تمرين عليه».