الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«الراية البيضاء».. استسلام أم بارقة أمل للماليزيين في زمن كورونا؟

«الراية البيضاء».. استسلام أم بارقة أمل للماليزيين في زمن كورونا؟

محمد نور يرفع العلم الأبيض من شرفة حجرته. (أ ب)

عندما وضع محمد نور عبدالله العلم الأبيض خارج نافذته في مساء إحدى الليالي، لم يكن يتوقع تدفق كل هذا الدعم السريع.

فبحلول الصباح، طرق العشرات من الغرباء بابه، وقدموا له الطعام والمال والتشجيع.

تم تشديد الإغلاق مرة أخرى في جميع أنحاء ماليزيا للحد من انتشار فيروس كورونا بشكل أكبر يوم السبت الماضي، وتم فرض الحظر في مناطق معينة ومنع الناس من مغادرة منازلهم إلا لشراء المواد الغذائية والضروريات، بحسب تقرير لموقع «إن بي أر» الأمريكي اليوم الاثنين.

هذا الوضع تسبب في يأس محمد والعديد ممن هم مثله ممن يكسبون رزقهم من خلال بيع الأغذية في الشوارع والأسواق، للحصول على دخل صغير يكفي حاجاتهم، لكن هذا الدخل تلاشى مع الإغلاق، ولم تكن المساعدات الحكومية كافية.

الراية البيضاء

وفي ظل هذا الوضع انطلقت حملة «الراية البيضاء» على وسائل التواصل الاجتماعي، الأسبوع الماضي، من أجل مساعدة أشخاص مثل محمد نور، البالغ من العمر 29 عاماً والمولود بلا ساقين.

بالصدفة، شاهد محمد الحملة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وقرر المحاولة وطلب المساعدة.

قال محمد نور وهو جالس في غرفته البسيطة وسط علب البسكويت والأرز وزيت الطهي والماء التي تم التبرع بها له بسرعة: «كان الأمر غير متوقع. لقد تواصل الكثير من الناس لمساعدتي ودعمي وشجعوني أيضاً».

وأضاف، إن الخيِّرين عرضوا كذلك المساعدة في دفع إيجار غرفته، وإن المساعدة التي حصل عليها تكفي حاجته خلال الأشهر القليلة المقبلة.

تزايد الانتحار

بدأت حملة الراية البيضاء كرد فعل المجتمع الماليزي على حالات الانتحار المتزايدة التي يعتقد أنها مرتبطة بالصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الوباء.

وسجلت الشرطة 468 حالة انتحار في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، بمتوسط ​​أربع حالات في اليوم وبارتفاع حاد من 631 عام 2020 بأكمله.

وحثت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي الناس على رفع علم أبيض أو قطعة قماش للإشارة إلى أنهم بحاجة إلى مساعدة فورية دون الحاجة إلى الاستجداء أو الشعور بالحرج.

استجاب العشرات من بائعي المواد الغذائية والمشاهير بعروض المساعدة وقام العديد من الماليزيين بالقيادة في جوارهم للعثور على الأعلام البيضاء.

ومنذ أن فرضت ماليزيا قيوداً مختلفة على الحركة بسبب الوضع الطارئ للوباء في أغسطس الماضي، فقد آلاف الأشخاص وظائفهم. ويعد الإغلاق الوطني الصارم الذي فُرض في الأول من يونيو هو الثاني في أكثر من عام.

وقفزت حالات الإصابة بفيروس كورونا في ماليزيا إلى أكثر من 778 ألف حالة، أي ما يقرب من سبعة أضعاف العام الماضي بأكمله، مع أكثر من 5400 حالة وفاة.

مدح وقدح

نجحت الحملة في إدخال السرور على العديد من العائلات بعد وصول المساعدة السريعة لهم بعد رفع العلم الأبيض.

أم عازبة وابنتها المراهقة التي عاشت على البسكويت لعدة أيام تم إطعامها من قبل الجيران، وتلقى بائع متجول مثقل بالديون على وشك إنهاء حياته مساعدة نقدية للبدء من جديد، وتم إعطاء عائلة لاجئة من ميانمار تعيش على وجبة واحدة فقط في اليوم على الفور إمدادات غذائية.

لكن رغم ذلك هناك من انتقد الحملة واعتبر أن هدفها تشويه جهود الحكومة.

أحد نواب الائتلاف الحاكم انتقد الحملة واعتبرها استسلاماً. وأحد المسؤولين اعتبرها دعاية ضد رئيس الوزراء محي الدين ياسين.

أعلام حمراء وسوداء

من ناحية أخرى، شجعت الحملة آخرين مثل المدافعين عن حقوق الحيوان، لدعوة الأشخاص الذين يعانون من ضائقة مالية والذين لا يستطيعون إطعام حيواناتهم الأليفة لرفع علم أحمر على منازلهم.

وفي نفس الوقت، أطلق متظاهرون مناهضون للحكومة حملة الرايات السوداء خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث وضع نواب المعارضة وغيرهم أعلاماً سوداء على وسائل التواصل الاجتماعي لمطالبة رئيس الوزراء بالاستقالة، وإنهاء حالة الطوارئ وإعادة فتح البرلمان.

وقالت الشرطة إنها تحقق في حملة الراية السوداء لإثارة الفتنة وإيذاء الجمهور وإساءة استخدام الشبكات الاجتماعية لأغراض هجومية.

وقال جيمس تشين، خبير الشؤون الآسيوية في جامعة تسمانيا الأسترالية، إن حركة الراية البيضاء يمكن أن تغذي الغضب العام بشأن ما يُتصور أنه قصور في قدرة الحكومة على إدارة الأزمة.

وقال إن «حملة الرايات البيضاء ستستخدم بلا شك كسلاح سياسي رئيسي لإظهار أن الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً».

شذى غازي، شابة من ماليزيا، قالت لـ «الرؤية» إن الأمر ليس له علاقة بالحكومة ببساطة هذه المبادرة من الناس إلى الناس وتأتي في وقت يزداد فيه عدد المحتاجين بسبب هذه الظروف الصعبة والتي ازدادت مع الإغلاق الثاني.

وأضافت الشابة، تشارك في أعمال تطوعية في العاصمة كوالالمبور، أنه من الصعب على الحكومة أن تصل إلى كل الناس الذين هم في حاجة للمساعدة وبالتالي هذه المبادرة يمكن النظر إليها على أنها تكامل وتكاتف شعبي يكمل الجهد الرسمي في ظل ظروف صعبة تمر بها ماليزيا والعالم أجمع، أن هذا التضامن الكبير الذي حدث بعد المبادرة هو من ضمن تعاليم الدين الاسلامي، معتبرة أن استغلال أمور كهذه في الترويج والتقليل من شأن أي طرف ليس في مصلحة البلاد حالياً.

وقالت شذى، إن الشعب الماليزي كريم ومعطاء ويحب المساعدة ولهذه الأسباب لاقت مبادرة الراية البيضاء استجابة فورية قوية وليست هذه هي الحملة الوحيدة في البلاد، فهناك العديد من الحملات التي تهدف لمساعدة الأسر الفقيرة والأطفال وتقديم الرعاية الصحية وكذلك هناك مبادرات للدعم النفسي لمن تأثروا بالجائحة.