الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

رسائل متناقضة.. طالبان تحاول تلميع صورتها بينما تواصل هجماتها العنيفة

عندما سيطرت طالبان على منطقة إمام صهيب في شمال أفغانستان في يونيو الماضي، كان لقائد المتمردين من الحركة الذي يحكم المنطقة رسالة إلى ناخبيه الجدد، بما في ذلك بعض موظفي الحكومة: استمروا في العمل، وافتحوا متاجركم وحافظوا على نظافة المدينة.

أعيد تشغيل المياه، وأصلحت شبكة الكهرباء، وجمعت الشاحنات القمامة من الشوارع، وأُصلح إطار سيارة حكومية مثقوب- كل ذلك تحت إشراف طالبان.

إمام صهيب، واحدة من عشرات المناطق التي استولت عليها طالبان في هجومها العسكري الذي تمكنت فيه من الاستيلاء على أكثر من ربع مناطق أفغانستان، العديد منها في الشمال، منذ بدء الانسحاب الأمريكي في مايو.

وتأتي هذه التحركات كجزء من استراتيجية طالبان الأوسع نطاقاً لمحاولة إعادة تصنيف أنفسهم على أنهم حكام قادرون على الحكم الرشيد، بينما هم يشنون هجوماً قاسياً للاستيلاء على الأراضي في جميع أنحاء البلاد.

وهذا المزيج هو إشارة صارخة إلى أن المتمردين يعتزمون بشكل كامل محاولة الهيمنة الشاملة على أفغانستان بمجرد انتهاء الانسحاب الأمريكي، بحسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

سراج الدين حقاني، نائب قائد طالبان ورئيس الجناح الأكثر عنفاً في الحركة، قال في بث إذاعي حديث لمقاتلي طالبان، «إن الوضع يمثل فترة اختبار بالنسبة لنا.. إن كل شيء تتم ممارسته تتم مراقبته.. تصرفوا بطريقة جيدة مع عامة الناس».

لكن الدلائل على أن طالبان لم تتغير تتضح بشكل متزايد، فحملة اغتيال موظفي الحكومة وقادة المجتمع المدني وقوات الأمن مستمرة.

وهناك القليل من الجهد للمضي قدماً في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، على الرغم من الالتزامات التي تم التعهد بها للولايات المتحدة.

وفي المناطق التي سيطر عليها المتمردون، تُجبر النساء على ترك الأعمال التي تتطلب التعامل فيها مع الجمهور، وتترك الفتيات المدارس، ما يقوض الكثير من المكاسب التي تحققت خلال العشرين عاماً الماضية من الوجود الغربي.

وبالنسبة للكثير من الأفغان، المنهكين، كانت مكاسب طالبان سبباً في ذعر كبير، وهناك خوف واسع النطاق من أن الأسوأ لم يأتِ بعد، حيث إن طالبان بالفعل تحاصر العديد من عواصم المقاطعات المهمة.

وفي ظل هذه الأجواء، بدأت المجموعات الإقليمية في حشد مليشيات أهلية للدفاع عن أراضيها، متشككة في قدرة قوات الأمن الأفغانية على الصمود في غياب داعميها الأمريكيين، في صدى مؤلم لاندلاع الحرب الأهلية المدمرة في البلاد في فترة التسعينيات.

في الأماكن التي يحكمونها الآن، فرضت طالبان قواعدها الإسلامية المتشددة القديمة، مثل منع النساء من العمل أو حتى الخروج من منازلهن دون مرافق، وفقاً لسكان في المناطق التي تم الاستيلاء عليها مؤخراً، الموسيقى محظورة. يُطلب من الرجال التوقف عن حلق اللحى. من المفترض أيضاً أن يوفر السكان الطعام لمقاتلي طالبان.

تظهر الوثائق والمقابلات مع قادة المتمردين ومسؤولي طالبان أن نجاح الهجمات الأخيرة للجماعة لم يكن متوقعاً تماماً، وأن قادة طالبان يحاولون بشكل عشوائي الاستفادة من مكاسبهم العسكرية والسياسية المفاجئة.

لم يتم الاستيلاء على المناطق دائماً من خلال القوة العسكرية المحضة. سقط البعض بسبب سوء الإدارة، والبعض الآخر بسبب التنافس بين رجال محليين أقوياء وتدني الروح المعنوية بين قوات الأمن.

في نفس الوقت وعلى بعد أكثر من 1000 ميل في قطر، لم تحرز محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وممثلي طالبان سوى القليل من التقدم، حيث نادراً ما يجتمع الجانبان.

في الوقت الحالي، تركز طالبان طاقتها على تحسين صورتها في الأماكن التي سيطرت عليها لتغيير الصورة النمطية عن المجموعة خلال فترة وجودهم في السلطة قبل عام 2001، حيث تأخرت الخدمات، وانتشرت الوحشية في الأماكن العامة، وتفشى الخوف.