الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«الفرار الكبير».. الخوف يدفع مئات الآلاف للهرب من أفغانستان

تتزايد أعداد الأفغان الفارين من حركة طالبان التي توسع سيطرتها يوماً بعد يوم منذ الانسحاب الأمريكي، حيث يغادر حوالي 30 ألف أفغاني بلادهم أسبوعياً، بينما يضطر آخرون إلى النزوح الداخلي، فيما يمكن وصفه بالفرار الكبير.

واستشهد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية اليوم الأحد بالمواطن الأفغاني الحاج ساخي، الذي قرر مغادرة بلاده قبل 20 عاماً، بعدما رأى عناصر طالبان يجرون امرأة شابة ويضربونها على قارعة الطريق، فشعر بالخوف الشديد على بناته الثلاث، وجمع أسرته واستقلوا سيارة قبل الترجل منها والسير عبر طرق ترابية لدخول باكستان.

ولكن أسرة الحاج ساخي عادت بعد حوالي عقد من الزمن، إلى العاصمة كابول، عقب الغزو الأمريكي لأفغانستان والإطاحة بحكم طالبان، التي تشن هجمات واسعة الآن وتوسع سيطرتها على الأراضي الأفغانية التي تغادرها القوات الأمريكية.

ويقول ساخي إنه يخشى أن يجد نفسه مضطراً إلى المغادرة من جديد، قائلاً: «أخاف من طالبان.. ولذا تقدمت بطلبات للحصول على تأشيرات لي ولأسرتي للسفر إلى تركيا».

ولفت التقرير إلى أن أفغانستان تشهد موجة من النزوح الجماعي في ظل تصاعد هجمات طالبان على المناطق الريفية، وتمكنها من السيطرة على حوالي نصف المقاطعات الأفغانية البالغ عددها 400 مقاطعة، بينما تتصاعد المخاوف من عودة حكمها المتطرف، أو اندلاع حرب أهلية بين المليشيات الأفغانية مختلفة الأعراق.

أشكال عديدة للهروب

وقالت الأمم المتحدة، إن حوالي 330 ألف أفغاني نزحوا من ديارهم، وأكثر من نصفهم هربوا بعد بدء انسحاب القوات الأمريكية في مايو الماضي.

وفر الكثيرون من قراهم ليقيموا لدى أقاربهم في المدن، التي تعد آخر القلاع التي تسيطر عليها الحكومة الأفغانية في العديد من المقاطعات، بينما يحاول الآلاف الحصول على جوازات سفر وتأشيرات لمغادرة البلاد، كما لجأ آخرون إلى ركوب شاحنات المهربين للتسلل عبر الحدود بشكل غير شرعي.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أن عدد الأفغان الذين عبروا الحدود بشكل غير شرعي قد زاد بنسبة تراوح ما بين 30و40%، خلال الأسابيع الأخيرة، مقارنة بالفترة قبل بدء مغادرة القوات الأجنبية لأفغانستان، كما أن حوالي 30 ألف أفغاني يفرون حالياً من بلادهم أسبوعياً، ما يشير إلى أزمة لاجئين متصاعدة، حذرت منها وكالات الإغاثة، كما أدت إلى قلق الدول المجاورة، وكذلك القارة الأوروبية، خوفاً من أن دوامة العنف التي تلتهم البلاد منذ بدء الانسحاب، قد تمتد تأثيراتها إلى خارج حدودها.

هجرة جماعية

وقال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بابار بالوش «أفغانستان على شفا أزمة إنسانية جديدة، والفشل في الوصول إلى اتفاق سلام ينهي دوامة العنف الحالية سيؤدي إلى مزيد من موجات النزوح».

وكانت أفغانستان قد شهدت موجة من الهجرة الجماعية بعد الغزو السوفييتي لها في 1979، وبعد عقد من ذلك، فر المزيد من الأفغان مع الانسحاب السوفييتي من البلاد، لتسقط في أتون حرب أهلية، واستمر تدفق الهجرة حتى مع سيطرة طالبان على مقاليد السلطة عام 1996.

ويعد الأفغان حالياً من أكبر أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء السياسي حول العالم، وتصل أعدادهم إلى نحو 3 ملايين أفغاني، وتشهد البلاد حالياً فصلاً دموياً جديداً، لكنه يأتي في ظل تشديد الإجراءات عبر العالم ضد المهاجرين، خاصة في ظل المحاذير بسبب جائحة كورونا، التي جعلت الهجرة، سواء الشرعية أو غير الشرعية، أكثر صعوبة، ليضطر المهاجرون غير الشرعيين للسفر إلى أوروبا عبر دروب أكثر خطورة.