السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«السدود» ورقة إيران «الباهتة» لمنع التقارب التركي-الخليجي

«السدود» ورقة إيران «الباهتة» لمنع التقارب التركي-الخليجي

وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان (أ ف ب).

عادت أزمة «سدود المياه» بين إيران وتركيا إلى الواجهة، بعدما ندد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ببناء تركيا سدودا على الأنهار الحدودية بين الدولتين، ما تنتج عنه «مشاكل بالنسبة لإيران ولدول المنطقة»، وهو ما فسر، في تحليلات استقتها «الرؤية»، بأن طرح إيران الملف في هذا التوقيت مرتبط مباشرة بتغيير سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تجاه دول الخليج، وزيارته الأخيرة إلى بعض دولها.

وقال وزير الخارجية الإيراني أمام مجلس الشورى «إن ما تقوم به تركيا في مجال بناء السدود غير مقبول، لأنه يتسبب في مشاكل للشعب الإيراني وأيضا لشعوب المنطقة، وإن إيران تعلن بصوت عال معارضتها لتلك الإجراءات». وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وأوضح حسين أمير عبد اللهيان أنه أجرى، خلال الأشهر الأخيرة، مناقشات لثلاث مرات على الأقل مع نظيره التركي، بخصوص هذا الموضوع، وأنه طلب منه أن يهتم بشكل جاد بمسألة بناء السدود على نهر آراس الحدودي. ويمثل نهر آراس، الذي ينبع من مقاطعة أرضروم التركية، أيضا جزءا من الحدود التركية مع أرمينيا، كما يمر عبر إيران وأذربيجان.

وقدمت إيران، بحسب وزير خارجيتها، طلبا إلى تركيا قبل 4 أشهر، من أجل إنشاء «لجنة مياه ثنائية مشتركة»، بغرض الانكباب على قضية المياه.

أبعاد مباشرة وغير مباشرة

وتعليقا على الموضوع، قال الكاتب المختص في الشأن الإيراني، عارف نصر، إن أزمة المياه بين إيران وتركيا لديها أبعاد مباشرة، وأخرى غير مباشرة، تتأثر بها إيران، مبرزا أن الجانب الأول يتعلق بأزمة المياه المباشرة، التي تخص نهر آراس الحدودي بين إيران وتركيا، والذي تشترك فيه أذربيجان وأرمينيا أيضا، لأن هناك مشروعا في تركيا يعرف بدَابْ، لبناء 14 سدا في تركيا، من المحتمل أن يشكل عقبة أمام وصول المياه إلى إيران.

وأردف نصر، في تصريحات خاصة، أن الجانب الأكثر حساسية يتعلق بمشروع غَابْ التركي على نهري دجلة والفرات، لأنه سيؤثر على سوريا والعراق، وعلى جنوب إيران، وأهوار العراقية، وكذلك شط العرب، مبينا أن الموضوع له بعدين مهمين؛ الأول يتعلق بشح المياه في جنوب إيران، أو في الأهواز الإيرانية، والجانب الثاني الأكثر حساسية يتعلق بالعواصف الترابية الشديدة الناتجة عن الجفاف في جنوب العراق، الذي تتأثر به جنوب إيران أيضا بشكل كبير جدا، ولذلك تعتبر هذا الأمر خطرا على أمنها القومي.

أبعاد التصريحات الإيرانية

وعن مغزى صدور التصريحات الإيرانية بشأن أزمة «سدود المياه» مع تركيا في هذا التوقيت، أفاد نصر أن هذه التصريحات الإيرانية في هذا الوقت الحساس، ناتجة عن عدة أبعاد يجب أخذها بعين الاعتبار، وتتعلق بأن إيران تحاول أن تلقي اللوم على تركيا في ما يخص الجفاف وشح المياه، الذي تتعرض له العراق بشكل عام، بينما إيران، من خلال بنائها لأكثر من 220 سدا خلال الـ 40 عاما الماضية، تسببت في جفاف داخل إيران، وكذلك في النقاط الحدودية مع العديد من الدول، سيما العراق، وخاصة في منطقة هور الحويزة المشتركة بين إيران والعراق، ولذلك هي تمارس نفس السياسات، التي تمارسها تركيا تجاه العراق، وربما على الجانب التركي مع سوريا".

التغيير الديمغرافي

وأبرز نصر أن هناك نقطة مشتركة بين تركيا وإيران، تتمثل في أن كليهما يتعاملان مع موضوع المياه باعتباره سلاحا للتغيير الديمغرافي لمنطقة الشعوب غير الفارسية في إيران، وغير التركية في تركيا، وأن هناك أكثر من 14 سدا بنيت في الأهواز، وهو الإقليم الأكثر غنى بالمصادر المائية في إيران، بغرض القيام بتغيير ديمغرافي كبير جدا، موضحا أن «إيران وتركيا يشتركان في أن هناك عدة شعوب تسكن مناطق مختلفة فيهما غير فارسية وغير تركية، إذ توجد أكثر من 5 شعوب غير فارسية في إيران، كالعرب في جنوب إيران، والكرد في الغرب، والأتراك في الشمال، والبلوش في الجنوب الشرقي، والجيلاك في الشمال الشرقي، إضافة إلى باقي القوميات المختلفة، بينما الفرس يسكنون في وسط إيران، وهي أراض، بحسب نصر، قاحلة شبه صحراوية، مثل منطقة أصفهان، وتقوم، ويازد، وكرماشاه أو كرمان، بينما المياه توجد في مناطق الشعوب غير الفارسية، وأهمها إقليم الأهواز، ولذلك خلال الـ 40 عاما الماضية عمل نظام ولاية الفقيه في إيران على تحويل المياه من الأهواز إلى منطقة أصفهان، ما تسبب في جفاف كبير جدا في هذه المناطق، إذ تشير الدراسات، والوثائق الرسمية التي سربت، وفق نصر، إلى أن هناك سياسات ممنهجة تمارس من قبل النظام الإيراني، للقيام بتغيير ديموغرافي في مناطق الشعوب غير الفارسية، وأهمها الأهواز، التي تمتلك أكبر حقول النفط والغاز، وأنه»خلال الـ8 سنوات الماضية، شهدت الأهواز مظاهرات كبيرة جدا كل شهر، تندد بسياسات التغيير الديمغرافي، التي تمارسها حكومات إيران المتعابقة في الأهواز، وفي مناطق أخرى".

وفي ما يخص «التغيير الديمغرافي» في الجانب التركي، قال نصر إن تركيا تريد من خلال بناء السدود القيام بتغيير ديمغرافي في المناطق الكردية، وأن معظم المناطق التي تبنى فيها السدود هي مناطق كردية، ومن المتوقع أن تتأثر هذه المناطق بشكل كبير جدا، لأن المياه سترتفع فيها، وستغمر كثيرا من القرى، ما سيضطرها إلى تغيير أماكنها، وبالتالي سنشهد أيضا تغييرا ديمغرافيا في تركيا، التي تسعى أيضا من خلال السدود، بحسب نصر، إلى التأثير على القرارات السياسية لسوريا والعراق، على أساس أنه من الممكن أن تحول سدودها الـ 22، وأهمها سد إسلو وأتاتورك، إلى حرب وسلاح يؤثر على قرارات سوريا والعراق في المستقبل.

العوامل الداخلية

وبين نصر أن طرح هذا الموضوع من قِبل إيران في هذه الفترة الحساسة يفسر بعاملين داخلي وخارجي، موضحا أن الداخلي يتعلق بأن معظم السدود، التي بنيت في إيران، يتبناها أو شيدها الحرس الثوري، ومنظمة أو معسكر خاتم الأنبياء، الذراع الاقتصادي للحرس الثوري، ولذلك فإن طرح موضوع الجفاف على أنه ناتج عن سياسات تركية، هو نوع ما إلقاء اللوم على عامل خارجي، لتشكيل رؤية بأن ما تشهده إيران من عواصف ترابية أو شحمية، يعود إلى عوامل خارجية وليست داخلية.

التقارب التركي-الخليجي

وفي هذا الجانب، أضاف نصر أن طرح الموضوع في هذه الفترة له علاقة مباشرة بتغيير سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تجاه دول الخليج، والزيارة الأخيرة التي قام بها إلى بعض الدول الخليجية، ما دفع وزارة الخارجية الإيرانية، وكذاك البرلمان الإيراني، إلى إعلان هذه التصريحات.